أودعت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، برئاسة المستشار محمد قشطة، أسباب الفتوى الصادرة بإعفاء القضاة وأعضاء النيابة العامة من الحد الأقصى للأجور -الذي يطبق على رئيس الجمهورية نفسه- والأسانيد القانونية التي استندت عليها. الفتوى جاءت ردا على تساؤل من رئيس محكمة استئناف المنصورة، حول مدى خضوع أعضاء الهيئات القضائية لقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم "63 لسنة 2014" بشأن الحد الأقصى للدخول، وحول بعض المبالغ التي يتقاضاها القضاة من حيث اندراجها ضمن صافي الدخل الواجب عدم تجاوزه للحد الأقصى، مثل بدل الدواء والانتقال والتنازل عن العطلة الصيفية ومكافأة الإشراف على الانتخابات... وأبلغت الجمعية رأيها لرئيس مجلس القضاء الأعلى برأيها، باعتباره القائم على شؤون القضاء العادي. أكدت الفتوى، أن القضاة ليسوا من العاملين بالجهاز الإداري للدولة أو بوحدات الإدارة المحلية أو بالأجهزة التي لها موازنات خاصة، ورغم أن القضاة وأعضاء النيابة ينظم شؤونهم قانون السلطة القضائية الذي ينطبق عليه وصف الكادر الخاص، إلا أن القول بخضوعهم للحد الأقصى للأجور فيه مخالفة دستورية، لسببين، أولهما مخالفته للمفهوم الصحيح لعبارة أجهزة الدولة، وثانيهما، أن المشرع لو أراد إخضاع السلطة القضائية للقانون، لكان من الواجب عليه أن يحصل مسبقا على رأي المجالس العليا بتلك الهيئات قبل إصدار القانون، وهو ما لم يحدث. وقالت الفتوى إن المادة 27 من الدستور، نصت على التزام النظام الاقتصادي للدولة بوضع حد أقصى للأجور في أجهزة الدولة، لكل من يعمل بأجر لدى هذه الأجهزة، وعبارة "أجهزة الدولة" تختلف عن عبارة "سلطات الدولة"، لأن "أجهزة الدولة" في مجمع المعاني الجامع تعنى دواليب الدولة، أي السلطة التنفيذية المسؤولة عن تنفيذ القانون وفرضه على أرض الواقع، ولا تنصرف إلى السلطة القضائية، لأن ذلك سيؤدي حتما إلى جعل القضاء جهازا إداريا من أجهزة الدولة، ويجعله خاضعا للسلطة التنفيذية، وهو ما يتعارض مع طبيعة وظيفته، لكنه سلطة مستقلة تقف على قدم المساواة مع السلطتين التشريعية والتنفيذية، كما القول بأن القضاء جهاز من أجهزة الدولة، من شأنه التأثير على استقلاله.