قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية رغم أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما ظل لسنوات ملتزما باستراتيجية ترمي إلى إبقاء الولاياتالمتحدة في منأى عن الانضمام لحرب إقليمية كبيرة بين إيران وحلفاء أمريكا التقليديين من الدول العربية في توجه يعطى الأولوية للمفاوضات النووية مع إيران ومكافحة الإرهاب.. إلا أنه ومع انتشار إراقة الدماء أصبح البيت الأبيض يواجه ضغطا شديدا من الحلفاء التقليديين العرب بل ومن الكونجرس ومن البعض في الجيش الأمريكي لمواجهة إيران بشكل أكثر قوة لدعمها جماعات مسلحة فى المنطقة. ونقلت الصحيفة ماقاله مسؤول بارز في الإدارة:" "لقد كان لدينا دائما مخاوف بشأن سلوك إيران المزعزع للاستقرار وبشأن التحريض الذى يمارسه واحد من أسوأ اللاعبين في المنطقة، ولدينا إدراك أيضا للحدود الدقيقة التي يمكننا من خلالها التأثير على هذا السلوك". وذكرت الصحيفة أنه في الأيام الأخيرة بدأت عملية "عاصفة الحزم" ضد المسلحين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، ودعمت واشنطن الضربات السعودية دعما لوجيسيتا واستخباراتيا.. وكذلك فقد ضغطت واشنطن على رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي لفك الارتباط بين المليشيات المدعومة من إيران والقوات الحكومية مقابل قصف جوي من الطائرات الحربية الأمريكية على تكريت. ونقلت الصحيفة الامريكية عن منتقدين لسياسة الادارة الأمريكية قولهم إنه على الرغم من أن الدفع لمواجهة إيران جاء متأخرا جدا وبتكلفة عالية جدا غير أن الإدارة الأمريكية بدأت أخيرا الحديث بشأن التهديد الذي تشكله إيران للمنطقة.. وأردفت الصحيفة تقول إن بعض القادة العسكريين في الجيش الامريكي لطالما حذروا بإن هناك حاجة إلى بذل مزيد من الجهود للتعامل مع ما يرونها محاولات متزايدة من قبل إيران لاذكاء الفوضى في المنطقة عن طريق وكلائها المسلحين. وفى هذا الخصوص قال الكولونيل المتقاعد ديريك هارفكي إنه كان يتم تجاهل هذه التحذيرات.. كما كان الجنرال المتقاعد جيمس ماتيس الذي أشرف على القوات الامريكية في الشرق الاوسط في الفترة من 2010 وحتى 2013 ضمن الأصوات المطالبة بانتهاج سياسة تركز على معاقبة إيران ووكلائها ومحاورها في المنطقة. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين عسكريين سابقين قولهم إن الخطط لمعاقبة طهران كانت تنحى جانبا بسبب المخاوف من أن تؤدي إلى إفشال المفاوضات الرامية إلى منع إيران من تطوير سلاح نووي. وقال إيلان جولدنبرج الذي عمل كرئيس لفريق إيران في البنتاجون "الايرانيون أظهروا انهم يستطيعون التدخل في أي مكان حتى في وقت تفاوضهم بشأن القضية النووية". وقالت الصحيفة الأمريكية إنه في أعقاب الربيع العربي وضع البيت الابيض أهدافا لكل دولة على حدة، تضع في الاعتبار العوامل المختلفة التي تغذي الاضطراب في كل دولة ومصالح الولاياتالمتحدة الرئيسية.. فقد دعمت اجراء عسكريا سريعا ضد معمر القذافي في ليبيا لكنها لم تفعل ذلك مع بشار الاسد في سوريا.. وفي اليمن المدقع بالفقر ركزت السياسة الامريكية على تدمير تنظيم القاعدة التي شكلت أشد تهديد للولايات المتحدة.. ولم يعط البيت الابيض أهمية للحوثيين المدعومين من إيران الذين اسقطوا الحكومة اليمنية وأجبروا الولاياتالمتحدة على سحب أخر قوات خاصة لها في اليمن الاسبوع الماضي. وأضافت الصحيفة أن البعض يمتدح الاستراتيجية الأمريكية الجزئية التي تتعامل مع كل دولة بمنهج مختلف ويصفها بأنها رد فعل براجماتي على الأزمة التي ستكدر المنطقة لعقود قادمة.. لكن بعض الخبراء في شؤون الشرق الأوسط يرون أن الجهود الأمريكية لتجنب حرب طائفية قد أثارت أقرب الحلفاء الامريكيين في المنطقة وجرأت إيران. وقال مسؤول في الادارة الامريكية إن اتفاقا تتوسط فيه الولاياتالمتحدة قد يمنع إيران من الحصول على سلاح نووي سيساهم في تغذية الاستقرار في المنطقة على المدى البعيد لكنه سيؤدى على المدى القريب إلى تكدير العلاقات الامريكية مع الدول" السنية" في المنطقة. وفي ختام تعليقها نقلت الصحيفة الأمريكية عن أحد الخبراء في الشأن الايراني قوله "إن الرفع التدريجي للعقوبات قد يعطي إيران تدفقا من الاموال قد تستخدمه في إذكاء مزيد من الاضطراب فى المنطقة.. وقد تدفع خطوة كهذه الادارة الامريكية إلى اتخاذ إجراء أقوى وأجرأ لطمأنة حلفائها فى المنطقة الذين يشعرون بما تمثله الفوضى المحيطة بهم من تهديد.