على وقع القصف الجوي المتواصل على معاقل الحوثيين في اليمن لليوم الثالث على التوالي، ضمن عملية "عاصفة حزم" التي تشنها السعودية بدعم عربي وغطاء إقليمي ودولي، ازداد الموقفين الروسي والإيراني غموضًا، رغم التصريحات المعلنة من الجانبين. الكرملين أعلن أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكد أهمية الوقف الفوري للقتال في اليمن، وذلك خلال اتصال هاتفي أجراه مع نظيره الإيراني حسن روحاني، مساء الخميس، مشيرًا إلى خطورة تصعيد الوضع الأمني في الجمهورية اليمنية، والتأكيد على ضرورة تفعيل الجهود، بما في ذلك جهود الأممالمتحدة، لبلورة حلول سلمية للنزاع في البلاد. وعلق المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف على ما دار بين بوتين وروحاني، أن ذلك يدل على شدة قلق موسكو من تطورات الأوضاع في اليمن. ومن جانبه أكد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ضرورة استئناف العملية التفاوضية في اليمن من أجل تسوية الأزمة، وقال خلال مؤتمر صحفي عقده في ختام زيارته إلى جواتيمالا، " إن السبيل الوحيد لحل الأزمة اليمنية هو المفاوضات"، مشددا على أن" اللعب على التناقضات بين الشيعة والسنة أمر بالغ الخطورة". وذكر الوزير الروسي أن موسكو ستصر على استئناف المفاوضات اليمنية التي تم إعدادها بتوسط المبعوث الدولي الخاص، معربًا عن أمله أن تحذو سائر الدول المعنية بالأزمة في اليمن حذو روسيا. وأضاف أن موسكو اقترحت قبل ستة أشهر تبني بيان دولي شامل ينص على عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول وعدم قبول تغيير الحكومات بواسطة الانقلابات". وانتقد لافروف ممارسات الولاياتالمتحدةالأمريكية ومعاييرها المزدوجة إزاء الأوضاع في اليمن من جهة، والأزمة السياسية في أوكرانيا من جهة أخرى، مشيرا إلى أن واشنطن دعمت الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي الذي غادر بلاده، لكنها لم تدعم الرئيس الأوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش. وفي وقت سابق مع بدء الضربات الجوية ل"التحالف العربي"، أعربت الخارجية الروسية عن دعم موسكو لسيادة اليمن ووحدة أراضيه، داعية الأطراف اليمنية وحلفاءها الخارجيين إلى وقف الأعمال القتالية. وجاء في بيان الخارجية أن " موسكو تعبر عن قلقها البالغ من الأحداث الأخيرة في الجمهورية اليمنية الصديقة وتؤكد دعمها الثابت لسيادتها ووحدة أراضيها". يذكر أن العلاقات الإيرانية الروسية تتطور وتتوتر، تبعًا لعلاقات كل من الجانبين مع الولاياتالمتحدة، كما أنها ترتبط بنظرة موسكووطهران للمتغيرات الإقليمية والدولية والدور المرغوب لعبه لكل منهما فيه. كما أن اتفاق الجانبين على حل المعضلة السورية ودعمهما بشكل واضح لعدم سقوط الأسد ونظامه، يجعل التقارب بينهما، واضحًا لأنه يصب في صالح البلدين والمنطقة، أضف إلى ذلك أن الأزمة اليمنية تصب في صالحهما بارتفاع زيادة سعر برميل البترول عالميًا، والذي تستفيد منه روسيا بشكل أكبر. التنسيق الروسي الإيراني، ممتد لأكثر من ثلاثة عقود، بعد العقوبات الاقتصادية التي وقعتها الولاياتالمتحدة على إيران إبان الثورة في العام 1979، مما عزز من اندفاع طهران لتعزيز علاقاتها بموسكو كلما ازداد العداء مع واشنطن، ولاسيما بعد أزمة البرنامج النووي التي بدأت عام 2002، وتشديد العقوبات الغربية مع الوقت على إيران. تبقى الإشارة إلى أن المرونة التي تبديها الولاياتالمتحدة تجاه طهران مؤخرًا، يقلق روسيا وقد يؤثر على تنامي دورها السياسي في المنطقة، ولذلك تعلم موسكو أن طهران تدعم الحوثيين لاعتبارات كثيرة، ما يجعل تقاطع المصالح مع موسكو في الملفين اليمني والسوري مقدمًا على كافة ملفات المنطقة لعدم سقوط بشار الأسد والحوثيين.