أظهرت الأزمة الدبلوماسية الأخيرة بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل، جانبا من انعدام الثقة بين الحليفين القريبين في عدد من الملفات لا سيما الملف النووي الإيراني، بعد تسريب إسرائيل للمفاوضات الإيرانية الأميركية بهدف عرقلة اتفاق وشيك. وأوردت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية الثلاثاء أن إسرائيل تجسست على المفاوضات بشأن الملف النووي الإيراني بين طهران والقوى الكبرى من بينها الولاياتالمتحدة. ونقلت الصحيفة عن مسئول أميركي كبير قوله بأن "قيام الولاياتالمتحدة وإسرائيل بالتجسس إحداهما على الأخرى شيء، وأن سرقة إسرائيل لأسرار أمريكية والكشف عنها لأعضاء في الكونجرس من أجل تقويض الدبلوماسية الأميركية شيء آخر تماما". ونفت إسرائيل هذه الاتهامات على الفور، مؤكدة أنها "غير صحيحة" وأنها لم تقم بالتجسس على الولاياتالمتحدة. لكن قضية تسريب أخرى تتفاعل في جهة أخرى، حيث ذكرت صحيفة واشنطن بوست في 11 مارس الجاري أن التحقيقات بشأن تسريب معلومات عن صنع "فيروس إلكتروني" لضرب البرنامج النووي الإيراني، قد تم تعليقها، بناء على اعتراض من إسرائيل التي تخشى نشر مزيد من المعلومات بشأن كيفية تورطها مع الولاياتالمتحدة في هذا الهجوم الإلكتروني. وقالت الصحيفة نقلا عن مصادر دبلوماسية إن المضي قدما في التحقيقات سيضر بالعلاقة المضطربة بالفعل بين واشنطن وتل أبيب. لكن لم يتم إغلاق الملف، ما يعني أن التحقيقات قد تستأنف في وقت لاحق وهو ما يقلق إسرائيل. وكان الجنرال الأميركي المتقاعد جيمس كارترايت قد سرب وثائق لصحيفة نيويورك تايمز في عام 2012 بشأن العملية الإلكترونية التي نفذتها الدولتان لضرب عمليات تخصيب اليورانيوم الإيرانية. وتم إطلاق فيروس ستوكسنت في يونيو 2012، بهدف تعطيل عمليات التخصيب. وكانت إيران أيضا محور أزمة تسريبات في عام 2003، خلال الفترة الرئاسية الأولى للرئيس جورج بوش، عندما تم الكشف عن تحقيقات أجراها مكتب التحقيقات الفيدرالية الأميركي بشأن تورط لاري فرانكلين محلل نظم المعلومات ووزير الدفاع رونالد رامسفيلد في نقل معلومات حساسة إلى عضوين بارزين في منظمة إيباك اليهودية ومسؤول كبير في السفارة الإسرائيلية بشأن السياسة الأميركية المتبعة تجاه الملف النووي الإيراني وأيضا الأنشطة العسكرية الأميركية في العراق. ونفت كل من إسرائيل وإيباك تورطهما في هذا الأمر. والتجسس بين الحليفين ليس شيئا جديدا، فإسرائيل التي تحصل من الولاياتالمتحدة على مساعدات سنوية بقيمة ثلاثة مليارات دولار، وهي الحليف الأقرب لواشنطن في الشرق الأوسط، طالما تورطت في عمليات تجسس خطيرة استهدفت البنية التكنولوجية والنووية والاقتصادية الأميركية. ومن أشهر قضايا التجسس على الإطلاق هي قضية جوناثان بولارد، وهو محلل استخبارات مدني سابق في القوات البحرية الأميركية، اتهم بالتجسس على الولاياتالمتحدة وتسريب معلومات عسكرية وتقنية لصالح إسرائيل، وحكم عليه بالسجن مدى الحياه عام 1986. وكانت إسرائيل تنفي حتى عام 1998 أن يكون بولارد قد عمل لحسابها، لكنها أقرت ذلك فيما بعد ومنحته الجنسية الإسرائيلية في عام 2008.