في عالم المال.. المنفعة دائماً هي التى تسود. والذين يشتركون الآن في مؤتمر شرم الشيخ نوعان: الأول هم الأشقاء الذين يقفون معنا انطلاقاً من مقولة «الشقيق.. وقت الضيق». دون انتظار لأي فائدة مالية أو عائد تجاري.. والثاني هم رجال المال والأعمال الذين يسعون إلي المناطق الواعدة ليستثمروا فيها أموالهم.. حتي وان كانوا من حسني النوايا.. ولكن الاستثمار هو الاستثمار. النوع الأول هم الأشقاء.. والأصدقاء منهم بالذات وهؤلاء يسارعون إلي المساعدة، مهما كانت المخاطر.. ودون حساب لأي ردود أفعال أو أفعال «قد» تضرهم.. وفي مقدمة هؤلاء.. دولة الامارات. السعودية والكويت..ولن ينسي مصري واحد تحرك الامارات والسعودية بالذات ومن الأيام الأولي لانقاذ مصر من حكم الاخوان، حكم الارهاب.. عندما انطلق الأمير سعود الفيصل وزير خارجية السعودية رغم مرضه إلي باريس ومباشرة إلي قصر الاليزيه لينقل إلي الرئيس الفرنسي رأي بلاده ورأي الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله بأن بلاده لن تقف موقف المتفرج تجاه أي موقف فرنسي غير منصف من مصر ومن شعبها.. وقال له صراحة إن بلاده سوف تزيد مساعداتها لمصر، ربما أضعافا مضاعفة، لما يمكن أن تمنعه فرنسا.. بل إن مستقبل علاقات السعودية بفرنسا مرهون من موقف فرنسا تجاه مصر وكان ذلك تلميحاً واضحا لحجم العلاقات الاقتصادية وصفقات الأسلحة الفرنسية للسعودية.. وهذه وتلك صفقات بعشرات المليارات.. ونتيجة لهذه الزيارة والرسالة تغير الموقف الفرنسي تجاه مصر 100٪. ونفس الموقف وقفته دولة الامارات مع أمريكا، عندما طار الشيخ عبدالله بن زايد وزير خارجيتها إلي أمريكا.. وأبلغ مسئوليها الرسالة نفسها.. وقد كان.. وأمس الأول وقف الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس دولة الإمارات وحاكم دبي، ورئيس الوزراء ليؤكد من جديد دعم الامارات لمصر ويكشف، وربما للمرة الأولي، أن مساعدات ودعم بلاده المادي والبترولي خلال العامين الماضيين تجاوزت 14 مليار دولار «أكثر 100 مليار جنيه» ثم يعلن دعماً جديداً لمصر قيمته 4 مليارات دولار.. وإن كنت أري أن دعم الامارات السياسي والأدبي يفوق كل ذلك بمئات المليارات.. ومنذ أمس الأول حطم الرئيس السيسي كل قواعد البروتوكول والمراسم عندما ذهب بنفسه إلي مطار القاهرة ليستقبل بنفسه سمو الشيخ محمد بن زايد رغم أنه ولي عهد امارة أبو ظبي، ونائب القائد الأعلي للقوات المسلحة، ولكن في العلاقات الحميمة تسقط المراسم وتتهاوي قواعد البروتوكول لأنه نجل حكيم العرب الراحل العظيم الشيخ زايد بن سلطان.. وأيضاً لأن الشيخ محمد صاحب رأي حكيم وأساسي في علاقات بلاده بمصر. وكأن الأشقاء يتسابقون في حبهم لمصر ولشعبها.. فالسعودية وهي أكبر مستثمر في مصر تعلن علي لسان ولي عهد مليكها الأمير مقرن بن عبدالعزيز عن تقديم دعم مالي بقيمة 4 مليارات دولار.. بخلاف ما قدمت من شحنات غاز وبترول لمصر في الشهور القليلة الماضية.. ثم ها هو الشيخ صباح «الأحمد» الجابر الصباح أمير الكويت يعلن عن دعم كويتي جديد لمصر قيمته أيضاً أربعة مليارات دولار غير ما سبق أن قدمته الكويت حكومة واستثمارا من رجال الأعمال أي أن مصر تلقت ومن اللحظات الأولي للمؤتمر دعما من الأشقاء يصل الي 12 مليار دولار.. غير 500 مليون دولار أعلنت سلطنة عمان عن تقديمها.. ولكنني وقفت طويلا أمام عبارة قالها سمو الشيخ محمد بن راشد المكتوم نائب رئيس دولة الإمارات، ان بلاده تقدم ذلك «دون من» أو دعاية.. بل واجب في حق مصر وليس لعائد سريع يرجونه.. وأعاد إلي ذاكرتنا مواقف الشيخ زايد الذي لن ينساه أي مصرى أبداً.. ولكن الغائب الحاضر في المؤتمر كان هو الملك عبدالله بن عبدالعزيز عاهل السعودية الراحل الذي كان صاحب مبادرة هذا المؤتمر عليه رحمة الله وسلامه ورضوانه.. آمين. وغداً نكشف غياب أي فكرة، وأي مشروع غير تقليدي كنا ننتظره في المؤتمر.