طفل صغير لا يمتلك من الدنيا سوى قلبه النابض بحب الله وابتسامة بريئة، ومواهب فنية كادت أن تتوارى كما توارت من قبلها رقة طفولته خلف قسوة الشارع، لتحل الأهداف السوداء والأفكار الهدامة محل أجمل وأبسط الأمنيات بلقمة عيش غير منتهية الصلاحية.. وزي جديد.. ومدرسة يتعلم فيها معنى الانتماء. هذه باختصار قصة أغلب أطفال قد الحياة ( أطفال الشوارع) المنتمين لجمعية رسالة للأعمال الخيرية، والذين نظمت لهم الجمعية أمس يوما رمضانيا ذو طبيعة خاصة. بدأ اليوم بمعرض للأعمال الفنية تلاه حفل إفطار جماعي لأطفال "قد الحياة"، وعلى مائدة الإفطار الدافئة التي كان الإيمان والحب والمودة والضحكة الصافية عناصرها الأساسية، عبرت نعمة الطفلة ذات العشر سنوات عن فرحتها الشديدة بالإفطار مع إخوتها من الأطفال ومتطوعي جمعية رسالة الذين احاطوها بكل دفء وحنان فتعلمت معهم آداب الطعام والجلوس على المائدة. " الأكل ده غالي قوي وحلو قوي.. عمري ما ذقته قبل كده" .. بهذه الجملة بدأ هاني الصغير إفطاره، ولأنه من أحدث الأطفال المنضمين لأطفال قد الحياة فقد لمست فيه بعض الحدة في التعامل، والتي أكد المشرفون على أنها حدة مؤقتة ستنتهي تدريجيا مع تردده على الجمعية وممارسته للانشطة. أما مؤمن ذلك الطفل الذي يهوى لعب الكرة بشدة حتى أنه كان ينتظر موعد الإفطار فقط ليبدأ ماتش كرة القدم بينه وبين الأساتذة، فلم يكن على لسانه سوى كلمة شكرا .. وعندما سألته شكرا على إيه بالضبط أجاب: شكرا على الفطار .. وشكرا لأنهم بيعاملونا كويس.. وشكرا لأنهم مش بيقولوا لنا على حاجة " لأ ". بعد الانتهاء من الافطار وأداء صلاة المغرب في جماعة، بدأت حفلة السمر التي تضمنت مشهدا مسرحيا عن الصلاة كأول ركن من أركان الإسلام، ومجموعة من الأناشيد الإسلامية، لينتهي اليوم بظهور المهرج بصحبة الأطفال والغناء لمصر والاحتفال بشهر البر والتقوى. فنانون بالفطرة من جانبها أكددت منة صلاح، مسئولة اللجنة الفنية بجمعية رسالة للأعمال الخيرية فرع مدينة نصر، على أن الطفل بشكل عام يمتلك موهبة فنية فطرية لا تفرق بين مستوى اجتماعي وآخر. ومن هنا نظمت اللجنة الفنية بالجمعية عدة ورش للأعمال الفنية اليدوية كالرسم على القماش، والتصوير، وتدوير المخلفات، وتصميم الاكسسوارات، مع إقامة معرض سنوي لأعمال الأطفال يتم من خلاله بيع معروضاتهم. وأضافت أن النشاط الفني يتم تقسيمه مابين رسم موجه يوجه فيه المعلم الأطفال إلى العمل المراد رسمه، ورسم حر يُعطي الطفل من خلاله الحرية الكاملة لرسم مايريد. كما أكد محمد شوقي، منسق فرع مدينة نصر، على أن أطفال قد الحياة يمتلكون موهبة فنية لايمكن تجاهلها، ولذلك تم إنشاء دكان ألوان لتأهيلهم وصقل موهبتهم الفنية في محاولة لتغييرهم للأفضل بالإضافة إلى كورال المسرح والغناء، وورشة كتابة قصة، مشيرا إلى أنه سيتم قريبا نشر كتاب يتضمن خبرات أطفال قد الحياة من واقع قصص يرونها بأنفسهم. شاهد الفيديو: