بعد صدور حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية قانونى تقسيم الدوائر ومجلس النواب، وإعادة قضايا البطلان إلى محكمة القضاء الإدارى التى قضت ببطلان دعوة الناخبين لإجراء الانتخابات وإعادة حكم بطلان مزدوجى الجنسية إلى المفوضين، بتنا أمام أزمة خطيرة جدًا وهى الدخول فى دوامة قانونية لا حصر لها، بالاضافة إلى قيام لجان حكومية يرأسها الوزير إبراهيم الهنيدى وزير العدالة الانتقالية، من أجل وضع قانون جديد لتقسيم الدوائر الانتخابية، ثم تقدمه الحكومة إلى مجلس الدولة، والذى يعيده مرة أخرى إلى الحكومة وبعدها يصدر القانون وبعدها يبدأ عمل اللجنة العليا للانتخابات.. وعلى نفس الشاكلة يحدث الأمر بالنسبة لقانون النواب بعد بطلان ترشح المصريين فى الخارج، والذى أحاله القضاء الإدارى إلى المفوضين وهلم جرا!!! نحن الآن نعيش دوامة قانونية، وكل طرف فيها ينبرى بإعمال مواد القانون من أجل إصدار قوانين خالية من أى عوار دستورى، فى حين أنه بعد نجاح أو اتمام هذه الدوامة القانونية، لا نستبعد أبدًا أن يقوم أحد المحامين حتى ولو كان صغيرًا أو مبتدئًا برفع دعوى أمام القضاء الإدارى مرة أخرى ليطعن على هذه القوانين، ومن الجائز أن يحالفه الحظ، فالمسألة وجهات نظر وتفانين محامين وطبقًا للقانون، وبالتالى الكل يبحث عن أى عوار وهو سهل بعد كل هذه الدوامة، لأن الدستور نفسه الذى تم وضعه كان يراعى فئات المجتمع المختلفة، وتم وضعه لإرضاء كل طوائف الشعب، وهذا هو العيب نفسه، لأنه راعى المصريين بالخارج، والمرأة وذوى الاحتياجات الخاصة والأقباط والعمال والفلاحين وخلافهم من جميع الفئات. نحن إذن أمام معضلة الدستور، وبالتالى فإن أى قوانين بشأن الانتخابات ستتعرض للعوار، ومن هنا لا نضمن جدولاً زمنيًا محددًا من الممكن أن نقوله بشأن إجراء الانتخابات البرلمانية، رغم أنها استحقاق ثالث ومهم فى خريطة المستقبل.. فعلاً نحن نعيش الآن دوامة قانونية ولا نتهم أحدًا باختلاقها، ولكن لأن الدستور الحالى الذى وضعته لجنة الخمسين كان الهدف الرئيسى أمامه هو مراعاة فئات المجتمع المختلفة فى الداخل والخارج وباتت أية قوانين من السهل الطعن عليها ومهما فعل جهابذة القانون فإننا سنجدها تصطدم بعد ذلك بهذا الدستور. وكما نقول إن أى محام سينجح فى إبطال قوانين الانتخابات، وبالتالى يتعطل هذا الاستحقاق المهم فى خريطة المستقبل، فما الحل إذن أمام هذه المعضلة؟! الأمر أكرره للمرة المليون هو ضرورة تحصين قوانين الانتخابات لتفويت الفرصة على الذين يصرون على رفع دعاوى قضائية لبطلان الانتخابات، ولن يتأتى ذلك إلى تعديل فى المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية، بفرض رقابة سابقة فيما يتعلق بقوانين الانتخابات، حتى نضمن إجراء الانتخابات، وبحسبة قليلة يجب الإسراع فى هذا الشأن، على اعتبار أن الدستور يقضى بضرورة عقد أول جلسة للبرلمان فى الأسبوع الأول من أكتوبر.. وبما أننا سنجرى الانتخابات على مرحلتين، وهناك ستة أشهر باقية على أكتوبر، فلابد من سرعة وضع قوانين تقسيم الدوائر والانتخابات وتحصينها بتعديل المادة 25 من المحكمة الدستورية فى أسرع وقت لتحصين قوانين الانتخابات وحتى نضمن إجراء العملية الانتخابية وعقد أول جلسة للبرلمان فى أكتوبر المقبل. لا حل سوى ذلك وإلا سنمكث شهورًا طويلة فى هذه الدوامة القانونية ويتأخر الاستحقاق الثالث من خريطة الطريق.. فهل هذا الأمر تغفل عنه الدولة؟!.. لا أعتقد ذلك، وهناك جهابذة فى القانون وأعلم منى ولدى قناعة أنهم يعرفون ذلك وأكثر فلماذا لا يتفقون ويطالبون الدولة بتحصين قوانين الانتخابات حتى نجرى العملية الانتخابية وألا يمر أكتوبر دون عقد أول جلسة للبرلمان فى أكتوبر طبقًا للدستور.. أم نترك أنفسنا فى هذه الدوامة القانونية التى لا تنتهى، ويشمت فينا الحاقدون الذين يشككون فى الأساس فى إجراء الانتخابات البرلمانية؟!!