في ظل الخريف العربي لا الغربي، الذي مرت من تحت غيومه ورياحه وزوابعه، وتمددت في فراغ انقساماته وخلافاته ومكايداته «مؤامرة الربيع» الصهيو أمريكية، على الدول العربية السبع التي ضربت جيوشها الوطنية، لا ميليشياتها الإرهابية، نظرية الأمن الصهيوني في حرب أكتوبر المجيدة عام 73.. لابد من كشف الحقائق ومواجهة الأكاذيب، وتصحيح المعادلات المختلة في العقول المحتلة. لا نستطيع أن نخفي على أنفسنا أن وطننا العربي من محيطه إلى خليجه وبمسلميه ومسيحييه، وأن أمتنا الإسلامية من المحيط إلى المحيط بعربها وكردها وبسنتها وشيعتها، واجهت تحت اسم «الربيع» الملغوم والمزعوم وبشعارات ديمقراطية خادعة، حربا استعمارية شاملة للغزو من الداخل بتخطيط من الخارج، متتالية المراحل ومتعددة الجبهات ومتنوعة الأسلحة والأدوات الإرهابية. هذه الحرب المفتوحة الحالية كانت في الأساس من فلسطين إلى فلسطين، تطويراً لمؤامرة (سايكس بيكو1) لزرع إسرائيل، والتي احتلت بموجبها بريطانيا وفرنسا الوطن العربي في إطار تقسيم النفوذ الاستعماري، فتمزق الوطن إلى أجزاء، واغتصبت بموجبها فلسطين وزرعت فيها القاعدة الاستعمارية الصهيونية (إسرائيل).. وجاءت تنفيذاً لمؤامرة (سايكس بيكو 2) لتمكين إسرائيل، والتي بدأت عام 74 بعنوان (السلام والديمقراطية) وفيها دفعت والمقاومة الوطنية اللبنانيةوالفلسطينية الثمن الدامي، وتطورت عام 2004 بعنوان (الديمقراطية ومحاربة الإرهاب)، وبها تم احتلال العراق لتدمير جيشه ومقدراته وتقسيمه إلى ثلاثة كيانات عرقية ومذهبية وطائفية، كبداية لإعادة تقسيم الدول العربية إلى أشلاء، لإعادة فرض السيطرة عليها، ولإبقاء إسرائيل القوة الأكبر تحت الهيمنة الأمريكية. وهو ما شهدناه بوضوح على مدي السنوات العشر الماضية من لبنان إلى فلسطين ومن لبننة العراق إلى عرقنة سوريا وبالعكس في مرحلة ما بعد حرب أكتوبر 73. وهو أيضاً ما شهدناه بوضوح أكثر على مدى السنوات الأربع الماضية من أحداث فوضوية دامية في مصر وليبيا وسوريا واليمن في مرحلة تالية، تحت علم الثورة الديمقراطية ضد الدكتاتورية تارة، وتحت علم الجهاد الإسلاموي الإخواني ضد الديمقراطية تارة أخرى! وذلك وفقا للمشروع الصهيوأمريكي الذي صيغ عقب الانتصار العسكري العربي في حرب العاشر من رمضان لجيوش «دولة اتحاد الجمهوريات العربية» بعضوية مصر وسوريا وليبيا. وبمشاركة الجيوش العراقية والجزائرية والسودانية واليمنية والمغربية على الجبهتين المصرية والسورية، وبدعم إماراتي سعودي كويتي خليجي حاسم بقطع البترول عن أمريكا والدول الغربية المساندة لإسرائيل. تلك الحروب الأهلية والإرهابية، والثورات الفوضوية المقررة خارجيا والمبررة داخليا، استهدفت إضعاف وإعادة تقسيم الدول الرئيسية العربية بتفكيك جيوش العرب، بالغزو العدواني الصهيوأمريكي المباشر كما حدث في العراق وليبيا، أو بالوقيعة مع شعبها أو مع أدواتها الإرهابية بالتدخل غير المباشر كما يحدث في سوريا واليمن. والهدف من كل تلك الحروب الأهلية والهجمات الإرهابية هو حماية إسرائيل من مواجهة هزيمة عسكرية جديدة على أيدي الجيوش العربية بإغراق هذه الأمة في أتون الصراعات الأهلية والفوضى السياسية وتحويل دولها الرئيسية إلى دول فاشلة. كما هو ظاهر الآن في العراق وليبيا واليمن وسوريا! وفي إطار هذا المخطط الاستعماري الشرير، أصبحت الحرب الإعلامية أحد أهم أسلحة المؤامرة الصهيوأمريكية، وظهرت لنا فضائيات وصحف ناطقة بالعربية بينما لا تحمل إلا مضموناً إعلانياً لا إعلامياً، وتحمل اسماً عربياً وتوجهاً غربياً ولافتات ليبرالية لمنصات في حقيقتها إخوانية! والهدف من كل تلك الأبواق الرخيصة في أجهزة إعلام مأجورة ممولة من دول تابعة أو مأمورة، هو التخديم الدعائي على الأجندة الصهيوأمريكية بأدواتها الإرهابية لتضليل الرأي العام العربي الذي أصبح واعياً لكل تلك الأبواق مهما تخفت وراء الشعارات الدينية بلا دين أو السياسية بلا سياسة!