رمضان شهر مليء بالخيرات على كافة المستويات، والجميع كبيرا وصغيرا ينتظرون قدوم هذا الشهر لما فيه من روحانيات وعادات وتقاليد محببة للقلوب، وعلى الأسرة أن تستغل روحانيته وسكينته في تحقيق أهدافها من تجميع أفرادها ولم شملهم والتواصل معهم لمعرفة أخبار كل فرد فيها، ليصبح هذا الشهر الكريم بمثابة استراحة محارب للأسرة المصرية التي تفني وقتها وعمرها في البحث عن لقمة العيش ، فإذا أحسنت الأسرة استثمار شهر رمضان استطاعت اختصار مئات الخطوات في خطوة واحدة. رمضان في الغربة في البداية، يقول عبد العظيم عبد الحكيم - مهندس مصري يعمل في الكويت: رمضان فرصة كبيرة للم شمل الأسرة الكبيرة من أعمام وأخوال، وانا عندى تجربة مفيدة فعلا.. نحن كعائلة متعودين من أيام الجدود أن نفطر جماعة طول شهر رمضان، أسرتنا وثلاث أسر أخرى هم أعمامى منهم اثنان متغربان. وكان الافطار يتم على النحو التالى.. كل يوم على أسرة من الأسر أن تتحمل تكلفة الإفطار أو تجهيزه فالكل يشترك فيه يوميا، وبيبقى شهر فى منتهى الروعة ، وأنا من ثلاث سنوات كنت بحضر هذا بنفسى وكان أثره عظيما على أبناء أعمامى الذين لم يشعروا بغربة آبائهم عنهم طوال الشهر، وكان حبهم لوالدى يزداد لأنه بيلم العيلة حواليه. ويستكمل: الآن وبعد غربة ثلاث سنوات أشعر بنفس إحساس أعمامي من موقع الغربة، وأطمئن إن إخواتى ليسوا وحدهم لأن معهم أولاد عمى، طبعا كنت أتمنى أن أكون معهم لأن فعلا رمضان فى مصر حاجة تانية خالص، وميعرفش قيمتها غير اللى اتغرب عنها ويلاقى نفسه بيحبها بكل مافيها. "أوكازيون" اجتماعي وتقول سارة محمد - مدرسة وربة منزل: أنا دائما انتظر رمضان كل عام بخطة جديدة يكون لها أهداف أسرية يصعب تحقيقها في غير رمضان، واستثمر وجود زوجي كثيرا في البيت خاصة بعد الافطار للنقاش بهدوء في أمور حياتنا وأخرج بنتائج رائعة آخر الشهر. وتضيف: لكن كانت دائما تقابلني مشكلة ازدحام الموضوعات التي أحتاج إلى النقاش فيها مع زوجي، وكنت أتغلب على ذلك باختيار الأهم فالمهم، والحمد لله استطعت في شهور قليلة تحقيق أهداف كانت من الممكن أن تأخذ سنوات، لأن مجرد نقاشها كان يمكن أن يسبب مشكلات مع زوجي ، لكن نقاشها في جو رمضان الروحاني جعلها تحل بسهولة جدا وشعرت هنا ببركة شهر رمضان. خالد أبو الشيخ - محاسب: كنت أعمل 16 ساعة قبل رمضان ويوم الجمعة كان تقريبا كله في النوم، ما حرمني كثيرا من اللعب مع أبنائي أو التواصل مع زوجتي في أمور أسرتنا، لكن في رمضان تتغير أوقات عملي وتُختصر للنصف تقريبا، وهنا أجد فرصة كبيرة للشعور بدفء الأسرة الذي أفتقده طوال العام، وبصراحة أشعر انني أتعرف على أبنائي من جديد لانشغالي عنهم طول السنة، لذلك أعتبر رمضان "أوكازيون" اجتماعي لحل مشكلات الأسرة والأبناء وبأقل التكاليف. ويتابع: في رمضان أحرص على اصطحاب أسرتي لصلاة التراويح، ثم بعدها نذهب لبعض المطاعم لتناول بعض الحلويات والمشروبات، وفي كثير من الأحيان نسهر معا حتى وقت السحور، ثم نعود للبيت لتناول السحور معا ونصلي الفجر جماعة.. وأشعر بنتائج رائعة لمثل هذه اللقاءات البسيطة. استراحة محارب ترى عواطف عبد الحميد ،رئيس تحرير موقع لهن بيت الاسرة العربية، أن رمضان فرصة كبيرة ورائعة لجمع شمل الأسرة لأنه الشهر الوحيد الذي يجتمع فيه شمل الأسرة علي المائدة في وقت واحد وهو فرصة رائعة وعظيمة للم الشمل واستمتاع كل أفراد الأسرة بالإصغاء والتواصل. وتضيف: فرصة ربة المنزل هنا كبيرة لجذب الأبناء والزوج وإعادتهم إلي البيت، ليس شرطاً بتقديم مائدة عامرة فاخرة ولكن بإعداد الأطعمة البسيطة والحلوى غير المكلفة التي تعرف أن أفراد أسرتها يحبونها. هذا من جهة، ومن جهة أخري أداء العبادات بشكل مشترك في رمضان سواء في المنزل أو المسجد لا شك يكون فرصة عظيمة لاجتماع شمل الأسرة للصلاة معاً وقراءة القرآن والتحلق حول البرامج التليفزيونية ذات الفائدة . وتؤكد عواطف أن الأم هي قلب البيت ورمانة الميزان لذا فعليها أن تشيع جو الألفة والبهجة في نفوس أفراد الأسرة ، فتحرص علي إشاعة روح الحب والود بين الأبناء حيث أن رمضان فرصة عظيمة جداً لإنعاش الروح والقلوب وإعادة الوصال بين أفراد الأسرة، ذاك الوصال الذي يكاد ينقطع طوال العام من فرط اللهاث وراء متطلبات الحياة اليومية. وتشير إلى أننا كمصريين هذا العام نحتاج إلي إعادة بناء مصر ما بعد الثورة لذا فرمضان فرصة رائعة لإعادة ترتيب الأوراق ولم الشمل ، وهذا الشهر بعلو روحانياته يعد فرصة رائعة لتصفية النفوس والقلوب مما علق بها طوال العام، وتنقية القلوب من أدرانها والتسامح ونسيان أي خلاف وفرصة لالتقاط الأنفاس واستعادة صفاء الروح ، ولنرفع شعار رمضان هذا العام "استراحة محارب " فنري ما لنا وما علينا وما هي أخطائنا فنتخلي عنها وما هي فضائلنا فنتمسك بها. استثمار الروحانية وفي تعليقه على الطرق المثلى لاستثمار شهر رمضان في توثيق العلاقات الاسرية يقول السيد الشامي- كاتب وخبير في معاني الاعلام الدعوي- : المائدة القرآنية توفر زادا روحيا ومرجعية للأسرة وعلاقاتها كيف تكون حتى في أشد لحظات الخلاف، فمن المهم أن تعرض الأسرة نفسها على القرآن لتعرف مدى قربها أو بعدها عن هذا المعين الخالد، فلايجمع الشمل مثل الاجتماع على الله والالتفاف حول مائدة القرآن، وكل اجتماع لا يبنى على كلام الله فهو اجتماع نهايته التفرق والتشرذم كما قال سبحاه وتعالي "الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين". فإذا أردنا لم شمل الأسرة في رمضان أو في غير رمضان فلنبدأ من معرفة منظومة الحقوق والواجبات التي يتحث عنها القرآن في شؤون الأسرة، وهي كثيرة وإذا قام كل فرد في الاسرة بما عليه وأخذ ما له فلن يكون هناك مجال لشحناء أو خلاف، وسيكون الأصل تأدية الحقوق والتراضي والتشاور، وهذا يتحقق بسهولة في شهر رمضان بروحانيته العالية.