أجاز علماء الأزهر الشريف احتفال المسلمين مع أخوتهم الأقباط بعيد الميلاد، كما أكدوا على وجوب توجيه التهانى والمباركات لهم تنفيذا لأمر الله تعالى، واستشهد العلماء بالآيات القرآنية التى تجيز أن يبر المسلمين غيرهم من الديانات الأخرى وخاصة المسيحية نظرا للمودة التى تربط بينهم وبين المسلمين. جاء ذلك فى أعقاب الدعاوى التى انتشرت مؤخرا بتحريم تهنئة والاحتفال مع المسيحيين بأعيادهم، ومن جانبها رصدت بوابة الوفد آراء شيوخ وعلماء الأزهر للرد على هذه الادعاءات وللوقوف على الرأى الشرعى الصائب. وقال الدكتور شوقى عبد اللطيف، وكيل وزارة الأوقاف، إن الاحتفال بمولد نبى أو رسول ليس فيه من الأمر شيء، موضحا أن المسيح نبى الله ورسوله أرسله الله ليخرج الناس من الظلمات إلى النور وينشر العدل والسلام ويخلص البشرية من الفكر المادى الذى نشره اليهود الذين أفسدوا فى الأرض. وأكد عبد اللطيف، أنه كما يحتفل المسلمون بمولد سيدنا محمد فيحق للأقباط الاحتفال بمولد عيسى، كما وجب أن يهنئهم المسلمون بهذا العيد نظرا لأنه مولد نبى من أنبياء الله، مشيراً إلى أن الرسل جاءوا لكى يكمل كل بعضه بعضا، مستشهداً بقول الله تعالى "شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ". ولفت إلى أن هذا العام أراد الله أن يوضح للبشرية، أن الأديان تكمل بعضها الآخر، وأن الرسل أخوة وأن شرائع الله تتكامل وتتلاقى، معتبرا أنها لافتة تاريخية تؤكد مدى المحبة التى يجب أن تكون بين جميع البشر باختلاف عقائدهم وأوطانهم، منوها أن الشريعة الإسلامية تؤكد على قدسية الأديان وشرعية الرسل، مدللا بقول الهس تعالى"آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ" . وأضاف، أنه من محاسن الإسلام وسماحته أن يقدم المسلمين التحية والتبريكات للأخوة الأقباط كما يقدمون هم لنا التبريكات والتحية بمولد سيدنا محمد، مؤكدا أن الله لم ينه المسلمين عن بر من لم يؤذهم وأن من البر أن ندخل السرور على أخواننا المسيحيين. بدورها، أوضحت الدكتورة آمنة نصير، العميد السابق لكلية الدراسات الإسلامية فرع البنات بجامعة الأزهر، أنه من البر والمحبة أن يُعيد المسلمين على أخوانهم المسيحيين، لأنهم أخوة فى الوطن والإنسانية، موضحة أن الرسول صلى الله عليه وسلم، قد وصى عليهم بقوله "استوصوا بأهل مصر خيراً فإن فيهم ذمة ورحمة". وهاجمت نصير، ما وصفته بالأقوال الشاذة ممن يحرم تهنئة المسلمين لإخوانهم المسيحيين فى عيد الميلاد، قائله لهم " استحوا من الله". وأضافت أن هؤلاء لا يعرفون شيئا عن الدين ولا أن الدين يسمح للمسلم بتزوج المسيحية واليهودية، فكيف لا يسمح لهم بقول" كل سنة وأنتى طيبة"، ووصفت تلك الآراء بالنشازة التى يجب أن تهمل حتى لا تأخذ أكثر من حجمها. وأجازت العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية فرع البنات بجامعة الأزهر، باحتفال المسلمين مع المسيحيين وحضور قداس عيد الميلاد، مكملة بقولها "أنا بكره هروح وأعيد عليهم وأحضر القداس" . واتفق معها بالرأى الدكتور محمد الشحات الجندى، الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، بجواز الاحتفال بأعياد المسيحيين لأنهم أخوة ووجب تهنئتهم طالما أنهم لا يسيئون لنا كمسلمين، موضحا أن المسيحية دين سماوي أشاد الإسلام به وبصدق الرسالة التى أرسل بها سيدنا عيسى. وشدد الجندى، على وجوب تهنئة المسيحيين، معتبرا أنها من الحلال الذى يقتضى على المسلم تطبيقها، مضيفاً أن التهنئة جزء من العدالة التى أمرنا بها الله تجاه أخوة الوطن ومن لا يضرون بنا، مستشهدا فى ذلك بقول الله تعالى"لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" .