رحلة طويلة تستغرق 6 كيلو متر تقطعها على طريق منعزل تماماً عما حوله، على جانبيه زراعات القصب والجانب الآخر ترعة يسقون منها تلك الزراعات، ومن خلال وسيلة المواصلات الوحيدة التي تستأجرها بشكل خاص"التوك توك"، تستطيع الوصول إلى قرية "نجع العرب" التابعة لمركز أرمنت بغرب الأقصر،التى اشتكى اهلها افتقادهم مقومات الحياة. يقول سالم محمد عيد- من أبناء القرية – كل شيء يشترونه من القرية الأم بالديمقراط، فالخضار والعيش وحتى الأدوية يشترونها من صيدليات القرية الأم، واصفاً الوضع المعيشي لأهالى القرية ب"المتردي". وأضاف: 5% فقط من اجمالي تعداد سكاني يصل إلى الألف نسمة من أهالى القرية ممن استطاعوا توصيل الكهرباء وتركيب عدادات مياه، مشيراً إلى أن الآخرين من الأهالى يقومون بسحب وصلات الكهرباء ممن وافق المجلس المحلي لمدينة أرمنت بالتوصيل لهم، أما المياه فنقوم بملء الجراكن من الجيران، مبيناً أنهم منذ زمن يحاولون توصيل المرافق إلا أن – بحسب قوله – الروتين الحكومي فى تأخر الاجراءات حال دون توصيل الخدمات، فبات الأهالى يعيشون على وصلات الكهرباء من الجيران، وجراكن المياه. وتابع، لا توجد بالقرية سوى مدرسة ابتدائية، أما مرحلتا الإعدادى والثانوي بجميع أقسامهما فهما فى القرية الأم "الديمقراط" التى تبعد 6 كيلومترات عن "نجع العرب"، مضيفاً، أن بعد المسافة وعدم توافر مواصلات سوى "التوك توك" الذى يستأجرونه بشكل خاص للوصول إلى المدارس، ساهم فى تسرب الكثير من أبناء القرية من التعليم وخاصة الفتيات خشية أهاليهم عليهن لعدم أمن الطريق التى تحيطها زراعات القصب. وعن الحالة الصحية، يقول على محمد – من القرية – فى حالة تعرض فرد هنا فى القرية للمرض، أو لتسجيل المواليد فليس أمامنا سوى "إما وحدة الديمقراط الصحية، أو وحدة الشخايرة" بعد رحلة عذاب نقضيها فى التنقل بين الوحدتين، مستنكراً انشاء وحدة صحية بالعرب مجهزة بالكامل لكنها مغلقة منذ انشائها عام 2011 بالضبة والمفتاح. وأعرب محمد عن استيائه من تنقلاتهم ما بين الشئون الاجتماعية للديمقرط والمحاميد، لصرف المعاشات، خاصة بعد تخصيص قطعة أرض لإنشاء مبنى الشئون الاجتماعية لهم، مؤكدا أن الميزانية التى خصصت لبناء الشئون الاجتماعية تم تحويلها لإنشاء الوحدة الصحية فى مكان يبعد عن المناطق السكنية للآهالى بكيلو متر. التقطت عدسة "الوفد" صورة لفتيات يرتدن الزي المدرسي ويستقللن عربة كارو، وعندما سألناهم انتم جايين منين، ردت الطالبات: "من المدرسة، احنا كل يوم بنروح المدرسة، بالعربة الكارو علشان مافيش مواصلات". على طول الطريق تتراص أعمدة بلا إنارة فى صف موازٍ للطريق، سميرة شحات سعد- احدى طالبات نجع العرب- طالبة الثانوية التجارية بالديمقراط، تقول: "يومياً تبدأ رحلتي فى الصباح الباكر يأتي ابن عمى ب"التوك توك" يصطحبني بالذهاب إلى المدرسة، وبعد انتهاء اليوم الدراسي، أعود سيراً على أقدامي في مشوار يستغرق مدة ساعة من الزمن، وتضيف لا استأجر "توك توك" لأنى أخشى الطريق لعدم أمنه فأفضل السير على قدماي لأصل إلى منزلنا". اشتكت سميرة من سوء الطريق وعدم توافر المواصلات، موضحة أن عزلة المكان بعيدا من القرى المجاورة جعلتهم يقضون مصالحهم في الصباح فيذهبون إلى القرية الأم لشراء متطلباتهم من الخضر والعيش ومستلزمات المنزل، نظراً لعدم توافر مواصلات فى المساء إضافة لصعوبة الطريق. سميرة اعترضت وبشدة على تخاذل المسئولين حيالهم، ووضح ذلك فى سؤالها: "احنا مش بني آدمين محسوبين على الدولة ولا ايه؟". طالب الأهالى بالنظر إليهم واعمار القرية وفتح الوحدة الصحية - التى اعتبروها إهداراً للمال العام- للعمل على خدمتهم وعلاجهم، كما ناشدوا المسئولين بإنشاء مدرسة إعدادي ومكتب بريد يقيهم شر التنقل بين القرى، والاهتمام بإنشاء مبانٍ للشئون الاجتماعية التى وعدوهم بإنشائها بعدما خصصت لها قطعة الأرض المهجورة حالياً.