«البورصة مرآة اقتصاديات الدول، وترمومتر الاقتصاد مهما كان نوعه وانتماؤه، وبعض المؤشرات تعتبر مؤشرات قيادية أى تسبق التغيرات أو تكون نوعاً من التنبؤ بالأوضاع المتوقع حدوثها وذلك من زاوية الدورة الاقتصادية ومراحلها». هكذا الحال فى البورصة المصرية التى تأكدت مع الحراك الاستثمارى فى الأشهر القليلة الماضية. المراقب لحركة الطروحات والصفقات فى سوق الأسهم يتبين أن المتعاملين يتجهون إلى قراءة المعلومات المتاحة عن أداء الحكومة والاقتصاد، مما يجعلهم يتخذون اتجاهات استباقية بناء على توقعاتهم المستقبلية مما يجعل مؤشرات البورصة تسبق الاقتصاد، وكل ذلك مؤشر للمزيد من الصفقات وعمليات الاستحواذ فى السوق على الشركات المقيدة بالبورصة. خلال العام الماضى وصل عدد صفقات الاستحواذ على الشركات 5 صفقات بقيمة بلغت 435 مليون جنيه مقابل صفقتين بقيمة 28 مليار جنيه فى العام قبل الماضى، بالإضافة إلى نحو 3 عروض أخرى لم تحسم بعد، وكانت فى مقدمة الصفقات بيع 19.4٪ من شركة الشرق الأوسط لصناعة الزجاج بقيمة 154 مليون جنيه لشركة «إم تى إم باكدجينج»، تليها صفقة بيع 50٪ من شركة القاهرة للاستثمارات والتنمية العقارية بقيمة 111، وكذلك عرض الشراء الإجبارى المقدم من شركة كريد هيلثكير إل تى دى للاستحواذ على شركة مستشفى القاهرة التخصصى لشراء عدد 7000.000 سهم والتى تمثل نسبة 100٪ من أسهم شركة مستشفى القاهرة التخصصى، ليس ذلك فقط، بل أيضاً عرض شراء إجبارى المقدم من شركة «تى فى إم هيلثكير اكويزيشن 3 ليمتد للاستحواذ على شركة اميكو ميديكال للصناعات الطبية لشراء حتى عدد 2204205 أسهم والتى تمثل نسبة 66.79٪ من إجمالى رأسمال الشركة، وعرضى مجموعة أبراج الإماراتية و«كيللوج» الأمريكية للاستحواذ على الشركة المصرية للأغذية (بسكو مصر) بشراء عدد 11.5 مليون سهم والتى تمثل نسبة 100٪ من إجمالى أسهم رأسمالها، وعرض الشراء الإجبارى المقدم من شركة بايونيرز القابضة للاستثمارات المالية والنور لمنتجات الألبان للاستحواذ على شركة الشركة العربية لمنتجات الألبان «أراب ديرى» بشراء 3.6 مليون سهم بما يمثل 60.188٪ من أسهم الشركة وقبل كل هذه العروض كان عرض الشراء الاختيارى المقدم من شركة نيو إيجيبت انفستمنت وبلتون المالية القابضة، وشركة بلتون كابيتال القابضة للاستثمارات المالية للاستحواذ على شركة المجموعة المالية هيرميس القابضة لشراء عدد 102.196.900 سهم والتى تمثل نسبة 17.82٪، وعدد 6.250.000 سهم والتى تمثل نسبة 1.09٪، وعدد 6.250.000 سهم والتى تمثل نسبة 1.09٪ على التوالى إلا أن العرض فشل، ولم ينفذ. سألت الدكتور سيد عبدالفضيل، رئيس الإدارة المركزية للتمويل بالرقابة المالية، حول انعكاس مثل هذه العروض على الاقتصاد والمناخ الاستثمارى، أجابنى قائلاً: إن عدد عروض الشراء التى قدمت للهيئة خلال الفترة من يونية وحتى ديسمبر 8 عروض شراء متنوعة بين عروض شراء إجبارية واختيارية ومنافسة، فيما وصل عدد عروض الشراء التى تم دراستها خلال عام 2013 والنصف الأول من عام 2014 يبلغ 4 عروض فقط. وتابع أن عروض الشراء وسيلة جيدة وأداة فعالة لسرعة إعادة هيكلة المشروعات بصفة عامة، ويضمن نظام عروض الشراء تحقيق أكبر قدر من الشفافية فى سوق الأوراق المالية، وذلك نظراً لما يفرضه النظام من ضرورة إفصاح مقدم العرض عن نواياه وخططه المستقبلية بالنسبة للشركة المستهدفة بعد نجاح العرض. كذلك يتيح النظام وفقاً ل«عبدالفضيل» معرفة المساهمين بالشركة بقيمة الشركة، حيث يقوم مجلس الإدارة بالإفصاح عن وجهة نظره فى العرض وتعيين مستشار مالى مستقل لتحديد القيمة العادلة لسهم الشركة، وكذلك ضمان المساواة بين المساهمين فى الشركة المستهدفة بالعرض حيث يقدم العرض لجميع المستثمرين، وكذلك تعكس عروض الشراء من المستثمر الأجنبى درجة عالية من الثقة فى الاقتصاد القومى، حيث يؤدى إلى إعادة الهيكلة للشركات والإمداد بالتمويل الكافى أو تعديل الهيكل التمويلى بالشركة أو تغيير إدارة الشركة وتطير الشركة بما يؤدى إلى زيادة القيمة المضافة للشركة والمساهمة فى زيادة الناتج القومى وزيادة الدخول والقضاء على مشاكل البطالة، كما أن زيادة رؤوس أموال تلك الشركات يمثل استثمار إضافى يساهم فى ارتفاع مضاعف الاستثمار، ولابد أن يتم بيع تلك الشركات بقيمة تقارب القيمة العادلة حتى لا يستفيد طرف على حساب طرف آخر. رغم كل هذه المميزات إلا أن الوجه الآخر يتمثل فى احتمال شطب تلك الشركات بالبورصة، وهو ما يجب أن يتم دراسته فى كيفية إلزام تلك الشركات بتوفيق أوضاعها خلال فترة يتم الاتفاق عليها بحسب عبدالفضيل. إذن إقبال المؤسسات الأجنبية على شراء الشركات المقيدة بالبورصة أهم المكاسب الاقتصادية فى السنوات الأخيرة وفقاً لتحليل محسن عادل، نائب رئيس الجمعية المصرية للتمويل والاستثمار، حيث شهدت عمليات الاندماج والاستحواذ نشاطاً ملحوظاً خلال العام الماضى، ومتوقع باستمرار النشاط فى العام المقبل، خاصة على قطاعات الأغذية والأدوية والبتروكيماويات، وهى القطاعات الأكثر استهلاكاً للمواطنين وبالتالى فإن أرباحها مضمونة. تعتبر الشركات المقيدة بالبورصة الأكثر فرصاً للمستثمرين بسبب التراجعات الكبيرة فى أسعار الأسهم نتيجة التأثيرات الاقتصادية التى كان لها تداعياتها على الشركات والاستثمار يقول «عادل» إن قطاعات الأغذية والدواء والبتروكيماويات والموارد الأساسية فى مصر قد تكون خلال الفترة المقبلة هدفاً لعمليات استحواذ، مما يستدعى ضرورة تشديد الرقابة على التعاملات خلال هذه الفترة. هذه الصفقات تساهم فى عودة الثقة وتدعم التفاؤل بشأن الاستثمارات لقطاعات أكثر قدرة على النمو مثل الرعاية الصحية والتعليم والسلع الاستهلاكية والنفط والغاز، ومتوقع أن تستفيد هذه القطاعات من خطط الإنفاق الحكومى والتغييرات التشريعية، وتعتبر قطاعات النقل، الطرق ذات التعرفة المرورية، الموانئ والطاقة قطاعات جذابة للمستثمرين لأنها تعمل على استقطاب مليارات الدولارات فى الإنفاق الرأسمالى.