ما حققته زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي الي الصين، يفتح آفاقاً بلا حدود في تعاون البلدين علي كافة الأصعدة، السياسية والاقتصادية والعلمية والسياحية. وبتوقيع الرئيسين الصيني والمصري، علي اتفاق الشراكة الاستراتيجية، تكون مصر قد خطت خطوة واسعة،في تعزيز التعاون والعلاقات المميزة مع التنين الصيني وبنجاح زيارة الرئيس «السيسي» وحصيلة ما تم الاتفاق عليه، تحدثنا مع السفير مجدي عامر، سفير مصر في بكين، ليكشف عن تفاصيل وأبعاد التعاون المصري الصيني، في حوار، يلقي الضوء علي مستقبل العلاقات، ومدي التعاون بين البلدين في تحقيق الأهداف وما سيعود علي مصر من نفع علي كافة المستويات والأصعدة. ولأن السفير مجدي عامر، كان قائد كتيبة الإعداد لزيارة «السيسي» للصين، داخل السفارة المصرية في بكين فكان من المهم أن نجري معه هذا الحوار. ماذا تعني الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين؟ - تعني البدء بالارتقاء بالعلاقات الي أعلي المستويات بين الصين ومصر وهو مشروع تقوم بصياغته وزارتا الخارجية بين البلدين، وقد التقي وزير الخارجية الصيني أغسطس الماضي الرئيس عبدالفتاح السيسي بالقاهرة وأعلن له رغبة الجانب الصيني في تعزيز التعاون مع القاهرة في مجالات تطوير البنية التحتية والمشروعات الكبري التي تسعي الي تدشينها خلال الفترة القادمة مثل المشروع اللوجيستي بقناة السويس الجديدة وتعزيز التعاون الثقافي بين البلدين احتفالا بمرور 60 عاما علي إنشاء العلاقات الدبلوماسية والتنسيق بين البلدين في المحافل الدولية في الموضوعات ذات الاهتمام المشترك مثل إصلاح الأممالمتحدة وتوسيع مجلس الأمن والتعاون في مجلس حقوق الإنسان. ما أهم المجالات التي سيتم التعاون فيها مع الجانب الصيني؟ - سيتجه التعاون الي البنية التحتية التي تحتاجها مصر، وكذلك مشروع السكك الحديدية وستكون مرحلته الأولي ما بين القاهرة والإسكندرية بتكلفة تصل الي 4 مليارات وهو قطار فائق السرعة، يعزز مجالات التنمية وكذلك قطار سيربط ما بين العاشر من رمضان ومدينة السلام وبلبيس لتسهيل الانتقال الي العاصمة الحكومية الجديدة بهذه المنطقة وهناك مهندسون مصريون يتدربون في الصين الآن علي تشغيل هذه القطارات. كيف تري الصين موجة الإرهاب بمنطقة الشرق الأوسط وما تقييمها لثورتي يناير ويونية؟ - الصين منزعجة من هذه الموجة وتأمل في استقرار الشرق الأوسط، لذا بين عمليات التنسيق التي تجري الان بين الجانبين الصيني والمصري تنسيق في مجال تحقيق الأمن والاستقرار بالمنطقة، فالصين تدرك أن الإرهاب لا يتوقف عند بلد بعينه ولكن تأثيره يمتد الي كل دول العالم وليس الشرق الأوسط فقط. وفيما يتعلق بثورتي يناير ويونية فموقف الصين إيجابي تماما من الثورتين وساندت خارطة الطريق ورحبت كثيرا بفوز السيسي الذي اختاره الشعب بحرية وحب ونزاهة، فالصين تتجاوب بصورة ايجابية مع مصر والصين لديها الآن أمن خاص للانتشار السريع بالمطارات وغيرها والعمل ضد الإرهاب الطارئ، ويمكن نقل التجربة لمصر. عدد السائحين الصينيين الي مصر قل وأكثرهم يذهب للتجارة فما السبب؟ - لعلها الظروف التي مرت بها مصر وراء انخفاض السياح بصفة عامة ولكننا نسعي الآن لزيادة عدد السائحين خلال العام القادم الي 200 ألف سائح ونذكر أن عدد السياح الصينيين لمصر كان عام 2010 أكثر من مائة ألف سائح وانخفض في 2011 وتوالي الانخفاض عام 2012 ليصل عام 2013 الي 60 ألف سائح ونأمل مع استقرار الحالة الأمنية في مصر زيادة أعداد السائحين. ما الذي يمكن أن تقدمه الغرفة التجارية المصرية - الصينية لدعم التعاون التجاري بين الجانبين في الفترة القادمة؟ - الغرفة لديها رؤية حقيقية وخطة مستقبلية لربط شركات مصرية وصينية في مجالات كثيرة ويقود هذه الخطة معتز السعيد عميد الجالية المصرية في الصين بحكمة فهو يتمتع بإدراك كبير لاحتياجات الجانبين وستقوم الغرفة بالتنسيق والتنفيذ لمنظومة تعليم فني متطور بالتعاون بين مصر والصين وستقيم الغرفة معهدا أو جامعة مصرية صينية متطورة لخدمة مصر التي ستتبني مثل هذا المجهود. لماذا انطلقت الصين وتأخرنا رغم أننا بدأنا تجربتنا الحديثة في زمن واحد منذ أكثر من نصف قرن؟ - أولا أحب أن ألفت الانتباه الي أن الحضارة الصينية التي نشهدها اليوم قامت علي أكتاف المصريين، ذلك أن كل صيني متخصص ساهم في نهضة بلاده كان يذهب الي مصر منذ عام 1931 والكثير منهم تعلموا في الأزهر الشريف والجامعات المصرية ومن ثم أدخلوا الي الصين الدراسات العربية والإسلامية وأكثر الذين ينقلون الحضارة الصينية للعالم هم مصريون وعليك أن نتساءل كيف كانت مصر قبل ثورة 52 فقد كانت أحد المراكز الحضارية بالعالم، والحضارة ليست مجرد ماكينات، فالصين اتجهت لمصر لأنها أحد المراكز الحضارية في العالم ونحن من علمنا الصين في ذلك الوقت نظام السكك الحديدية والبريد ثم تباعدت التجربتان فقد أصبح لدي الصين الآن القطار السريع، وأكبر شبكة قطارات في العالم مما يؤسف له ظهور أحداث بين وقت وآخر تشد مصر للوراء. ويتابع السفير المصري: ومن خلال ما رأيته في تجربة الصين لابد لمصر أن تتابع بقوة تنفيذ خارطة الطريق وأن تنطلق الي خطط التطوير مع العلم بأن التطور ليس كلمة سهلة لكنها في النهاية المعادلة البسيطة الصعبة، فالصين تضع خطة ل20 سنة قادمة ثم خطة أبعد ل50 سنة وتسير الخطة في خطاها سواء تغير مسئول أو لم يتغير. ما طريق الحرير الذي سيعاد تشغيله؟ - طريق الحرير القديم الذي كان يعمل أيام الفراعنة ليبدأ في الصين وينتهي في أوروبا ويمر علي مصر وتشغيله سيزيد من الاستثمارات في مصر خاصة السياحية. كيف يمكننا الاستفادة من الجانب الصيني في مجال الزراعة؟ - الناتج الزراعي في الصين يكفي مليارا وثلاثمائة مليون نسمة هو عدد سكانها، ففي مجال التعاون الزراعي بين البلدين، نكون لسنا أمام تعاون في مجرد زراعة أراضي بل التعاون الأكبر يتجلي في الاستفادة من فن التكنولوجيا فيها ومحاربة التصحر، وكان هناك تعاون علمي ما بين الطرفين الصيني والمصري لزيادة الإنتاج في محاصيل معينة، لكن هذا التعاون توقف بعد ثورة يناير لكن التعاون الزراعي يستأنف الآن نشاطه فقد عانينا مشاكل داخلية في فترة الثورة وما بعدها مباشرة وفهم العالم كله أنك مشغول داخليا، ولديك ما يأخد كل انتباهك لكننا بحمد الله أعدنا استئناف كل ما توقف، وكان هذا أحد الركائز العمل الخارجية في الشهور السابقة، وهو استعادة آليات التعاون التي كانت مصر تستفيد منها، وتوقفت أوضاعها بسبب أوضاعها الداخلية. ما الفارق كما تراه بين «ماوتسي» و«ناصر»؟ - كان هناك أوجه تشابه لكنهما تباعدا والاثنان تجربة وطنية، والتشابه في الاثنين هو التأثير لكل منهما في المنطقة المحيطة بهما، أما التجربة الصينية فكان أهم ما يميزها السلامة وكانت تجربتهما بها قيادة وإرادة لأنهما الخطوط العريضة التي تسير عليها الدولة ومصر هي أول دولة عربية وأفريقية تعترف بالصين الشعبية عام 1949، وكان التمثيل الدبلوماسي عام 1956 وفي عام 2016 سنحتفل بمرور 60 عاما علي هذا التعاون، ونفكر الآن بكيفية الاحتفاء بهذه الذكري بشكل مناسب بما يرفع من مستوي العلاقة بين البلدين، فالاحتفالات بالأعياد إذا وظفت توظيفا جيدا فهي قوة ناعمة شديدة التأثير. كيف سنعزز التعاون الثقافي بين بكينوالقاهرة، وكيف كان حاله في الفترة الماضية؟ - سيكون هذا من خلال منظومة ثقافية كاملة، فرغم أن أكثر الكتب المتاحة المترجمة ما بين الصين ومصر قام بها صينيون إلا أنها لاتزال محدودة والجهد المصري والعربي في هذا الصدد كان ضئيلا للغاية ونحن في انتظار ترجمة أعمال نجيب محفوظ للصينية قريبا، فهي لم تترجم حتي الآن، لكنه في واقع الأمر نحتاج الي مزيد أكبر من ناحيتنا، وبالنسبة للغة الصينية لدينا في مصر 15 قسما لتعليم اللغة الصينية بالجامعات المصرية والصين لها معهد «كونفوشيوس» واحد في جامعة القاهرة والثاني في جامعة قناة السويس وهنا في الصين يوجد ما لا يقل عن 20 قسما لتدريس اللغة العربية.