مثل حالة خاصة من الموضوعية التي تؤمن بأن السياسات الاقتصادية ليست نبتا شيطانيا تخضع للهوي الشخصي لمن يتولي دفة الأمر.. ولكنها تفرض نفسها في كثير من الأحيان نتيجة للظروف الخارجية، تمرد على الوضع الاقتصادى فالتحول من التمصير إلى التأميم إلى الاشتراكية ثم الانفتاح وآليات السوق الحر ليس بالسهل. تولى الدكتور عبد العزيزحجازي مسئولية خزانه الدولة في فترات عصيبة، تمكن خلالها من إنقاذ البلاد من عثرتها في حدود اختصاصاته، دائما كانت أفكاره محفزة ورؤية نافذة لمواطن الخلل، يؤمن بمنهج الأولويات للخطط والبرامج وتحمل الأغنياء. ولد عبد العزيز حجازى بكفر عوض الله حجازي بالشرقية، في أسرة تنتمى للطبقه المتوسطه لم يمكث فى بلدته الا فتره قصيرة ،لينتقل الى الاسكندرية ويقضي بها المرحلة الابتدائية والثانوية،كان حجازى متفوقاً في الرياضيات ولم ينوالالتحاق بكليه التجاره الا ان أحد أصدقائه نصحه بالعدول عن كليه العلوم والالتحاق بالتجارة جامعة فؤاد الأول ،وحصل على بكالوريوس التجارة 1944 . عرض عليه العمل عقب تخرجه مباشرة ضمن خبراء وزارة العدل، لكنه رفض واختار العمل بمصلحة الضرائب كمأمورللضرائب في منطقة الدرب الأحمر، ومكث فيها تسعه أشهر، وعرف حجازى بالنزاهة بين تجار المانيفتورا، حصل على الدكتوراة من جامعة برمنجهام البريطانية عام 1951 وعمل عضواً بهيئة التدريس بكلية التجارة. تولى عبد العزيز حجازى مناصب عدة، فقد كان عضوا فى هيئة السنوات الخمس للتصنيع والتي عهد بها عبد الناصر إلى عزيز صدقي وزير الصناعة أنذاك، كما كان مستشاراً في قطاع النقل بوزارة مصطفى خليل فضلا عن عمله فى المصانع الحربية وعدد من الوزرات. وفي عام 1968 تم تعيينه وزيراً للخزانة في فترة من أصعب الفترات التي مرت بها مصر، عقب نكسة1967 التى اعتبرها رجال الاقتصاد وقتها من السنوات العجاف وشد الحزام، كما شارك حجازى مع حلمي مراد في إعداد البرنامج التنفيذي لبيان 30 مارس 1968 الشهير والخاص بإزالة كل آثار المعركة وإعادة تنظيم الدولة مالياً وإدارياً واقتصادياً ، فرض الوزير الأسبق ضريبة الجهاد على الوزرات وجمع منها أكثر من المتوقع. عمل حجازى مع الرئيس عبد الناصر سنتين ومع السادات خمس سنوات، ولم تشهد هاتان الفترتان أى خلل فى سداد أى قرض أو دين ، فقد كان حريصا على عدم تدخل البنك الدولى فى الاقتصاد المصري إلا فى أضيق الحلول، ومن أبرز الانجازات التى سجلها التاريخ فى حق عبد العزيز حجازى هى تحويل وزارة الخزانه إلى وزارة المالية فى عهد السادات. كانت جدارة حجازى وحنكته الاقتصادية ،كافيه لعضويته اللجنة التي تشكلت لدراسة سياسة الانفتاح والتى تم إنجازها في عهده حين تولي رئاسة الوزراء عام1974، كما كان مسئولا عن أنني كنت مسئولاً عن وضع قانون للاستثمار العربي والأجنبي، هو قانون 174 لسنة 1974. ومن أبرز الانتقادات التى واجهها واضع القانون "عبد العزيز حجازى"هى العبارة الشهيرة التى ألصقها أحمد بهاء الدين بها، ألا وهى "السداح مداح"، لكن حجازى نفى مسئوليته عن التجاوزات التى نتجت عن سياسيه الانفتاح ، مبررا ذلك أن تلك هى طبيعة الانفتاح في كل الدول حتي الاتحاد السوفيتي ذاته. ولم يمكث رئيس الوزير الاسبق في رئاسة الوزارة سوى سبعة أشهر تقريباً نتيجه للتظاهرات التى جابت ضواحى القاهرة تنديدا بالانفتاح، ليتقدم باستقالته عام 1975 ويتولي منصبه ممدوح سالم، تمتع حجازى بعلاقات طيبة مع القائم بالأعمال الإيرانية في القاهرة، فعرض عليَّ زيارة إيران رسمياً وبعد مفاوضات أجراها مع الرئيس السادات وملك السعودية ، سافر إلى إيران كما نجح فى تأسييس بنك مصر - إيران. عرف حجازى بولعه بالاقتصاد الإسلامى، وعكف على توثيق التجربة الإسلامية التي تقوم على الإعمار والعدل الاجتماعي وإعلاء الحرية الفردية والمنافسة لا الاحتكار وتحريك المال العام، وعندما تولى رئاسة الجميعه الأهلية تعرض حجازى فى أواخر عهده إلى انتقادت لاذعة. كان يرى أن سياسة أمريكا تدعم الإخوان المسلمين باعتبارها منظمة للإسلام المعتدل ، وقد شاركتها في هذا التحرك تركيا التي كانت تسعى لكي تلعب دورا حيويا في منطقة الشرق الأوسط, كما انتهزت قطر الهجوم على مصر والمشاركة مع تركياوأمريكا في نقد الدور السياسي والعسكري لمصر لتحقيق أهداف خاصة، متوقعا أن مصر ستتمكن من تجاوز أزمتها الاقتصادية خلال 3سنوات من حكم الإخوان. وعن النظام الأفضل للحكم ،كان يرى أن النظام المختلط الذي يجمع بين البرلماني والرئاسي هو الأفضل ، وذلك على أن تتم الانتخابات طبقا للنظام الفردي وليست القائمة مع إلغاء مجلس الشوري لتكون المجالس القومية المتخصصة، مع ضرورة إنشاء المجلس الوطني للشئون الاقتصادية والاجتماعية والذي أنشئ في جميع الدول العربية ما عدا مصر، تقدم باستقالة مسببة من رئاسة جامعة النيل ، وعرف بخلافاته مع الدكتور أحمد زويل، كما عرف بمناهضته للحد الأدنى للأجور ودفاعه عن حق المواطن البسيط فى حياه كريمة.