كشف أحدث تقرير صادر عن الجهاز المركزي للمحاسبات، عن مأساة تجري علي أرض الوطن فصولها مستمرة حتي هذه اللحظة، رغم علم الحكومة بكل تفاصيلها، الحكاية أن وزارة الاسكان أهدرت ما يزيد علي 370 مليار جنيه، بسبب الفساد في هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، التقرير يظهر عدة أمور شديدة الخطورة، أولاها: أن التقرير صادر عن هيئة حكومية رسمية ووطنية نحييها علي ذلك، ثانيها: أن الحكومة كالعادة تتعامل مع مثل هذه التقارير علي طريقة «ودن من طين وودن من عجين» تمر وقائع الفساد علي مسئولي الحكومة، ويكون الرد الدائم والمتوارث من حكومات ما قبل 25 يناير وما بعدها، «طق حنك» كما يقولون، تصريحات نارية ضد الفساد، دون اتخاذ أي إجراء فعلي أو عملي، ثالثا: أن الفاسدين نشطون في فسادهم، لا تردعهم ثورة، ولا يخيفهم قانون، ولا يرعبهم مجيء رئيس منتخب، ولا يخافون من تأنيب ضمير أو وازع ديني، ولا يحسبون أي حساب ربما يأتي من أي حكومة، إذن ما الحل؟. هل الحل مزيد من الكلام والتصريحات?، أم مواجهة فعلية وجادة، يشعر بها كل مواطن غاضب من كل فاسد لا يعاقب، ومرتش يفلت من القانون، ومحاسيب ومرتزقة يمصون دماء الغلابة، يرون الحيتان يمرحون ويتوسعون في مشروعات غير شرعية ومخالفة، تحت وفوق وأمام وخلف وأعلي وأسفل أعين وآذان الحكومة، دون أن تتحرك، ما الحل ؟ نحن هنا لا نتحدث عن وزارة الاسكان بعينها، بل نتحدث عن منظومة فساد كاملة منتشرة في معظم الوزارات، منظومة دقيقة بها مهنيون ومتخصصون في الفساد لا يعرفون الطريق المستقيم، يعرفون فقط أن الفساد عندهم مهنة وعلم وفن وهندسة، المفسدون حولوا الفساد الي منظومة لها قواعد وأصول، واخترعوا طرقا للفساد تفلت من يد القانون وأعين الرقابة، وأحكام القضاء، أقرأ أرقاما مرعبة عن مئات المليارات التي تضيع علي الدولة، بسبب الفساد ولا حياة لمن تنادي، إيه الحكاية؟، ما يحدث جريمة في رقبة المسئولين عن إدارة هذا البلد، كشفت «صحيفة الوطن» عن ملف فساد في هيئة حكومية واحدة بلغت قيمته ما يزيد علي 370 مليار جنيه، وكشفت المعلومات الموثقة عن تخطي الفساد في وزارة الزراعة إلي أكثر من 400 مليار جنيه، لدرجة ان رئيس الوزراء نفسه اعترف بضخامة الفساد في الوزارة ومع ذلك لم يفعل شيئا . وقس علي ذلك عدداً كبيراً من الوزارات والجهات الحكومية. نسمع عن وقائع فساد كبيرة، في عدد من الوزارات، والهيئات الحكومية، والقطاع العام، بحسبة بسيطة إذا احتسبنا حجم الفساد في كل جهة حكومية ربع ما سجل في وزارتي الإسكان والزراعة والمحليات، نجد أن فاتورة الفساد غالبا ما تتعدي التريليوني جنيه، في ذات الوقت الذي تفتش فيه الدولة، في جيوب الغلابة والمطحونين عن القروش لتحصيلها بأي وسيلة سواء ضرائب أو مواصلات أو وقود أو أسعار سلع وغيرها، إذن نحن أمام سماسرة وحيتان ومفسدين يسبحون في أموالهم المنهوبة ، وبقية الشعب المصري المظلوم الذي يسدد الفاتورة بدلا من المفسدين، المؤكد أن هؤلاء المفسدين يشكرون الحكومات ليل نهار، ويقدمون التبرعات من الفلوس الفكة الفائضة عندهم، والتي هي من أموال الدولة والغلابة، هم يفعلون ذلك باسم الوطن والدين، وهم من نهبوا ثرواته، وأفقروا الخلق، ودهسوا كل قيمة، وكل فضيلة، من يقف حجرة عثرة في طريقهم ينسف من الوجود أمامهم، يوهمون الناس بالولاء للوطن، وهم أبعد الناس عن ذلك، والحكومة تعلن سعادتها، وتسكت عنهم، حتي لا تقف هباتهم وتبرعاتهم ومواقفهم المزعومة بالانسانية. ليس أمامنا إلا الله، نشكوا إليه ضعف قوتنا وقلة حيلتنا في مواجهة الفساد المستشري في مفاصل الدولة، ونكرر شكوانا الرئيس عبدالفتاح السيسي، ونذكره بأن في رقبته 92 مليون مصري، يعانون من الظلم، بكل معانيه، يرون في الرئيس المخلص لهم والمنفذ لتطلعاتهم، وأتصور ان الرئيس يعي ذلك تماما، ويدرك ضخامة تركة الفساد، ويعلم ان الشعب سوف يحاسبه، كل مواطن مسكين مطحون لا حول له، ينتظر ماذا سيفعل الرئيس لقطع يد الفساد والمفسدين، أقول للحكومة ومؤسسة الرئاسة إنهما مسئولان، أمام الله وامام الشعب في نسف معاقل الفساد وتحصيل مسروقات الفاسدين الي خزانة الدولة، حينذاك، لا نجد عجزا في الموازنة، ولا نمد أيدينا الي غيرنا، ولا نطلب دعما من أحد إلا الله.