التعليم كالماء والهواء.. شعار رفعه وطبقه د. طه حسين حينما كان وزيراً للمعارف قبل الثورة، وكان يعني مجانية التعليم، وإن كانت قد سبقته تجربة طيبة عام 1934 عندما أصدر على الشمسى وزير المعارف قراراً بتخفيض المصروفات الدراسية لطلاب الثانوى في حالة التفوق. ومع ثورة 1952 بدأت ظاهرة الدروس الخصوصية في الانتشار، والغريب أن كل وزراء التربية والتعليم أعلنوا أنهم بصدد اتخاذ إجراءات للتخلص منها ولكن دون تنفيذ! التعليم المجانى أكذوبة كبرى، وطبقاً لبعض الإحصاءات هناك ما يقرب من 20 مليار جنيه مصري تنفق على الدروس الخصوصية، حيث تخرج من «جيوب» المواطنين إلى «جيوب» بعض المعلمين. ترى كيف نحول مسار هذه الأموال، الأمر يسير وليس عسيراً، شريطة أن نفكر كما يقولون خارج الصندوق أو بشكل واقعى. وتحويل المسار في مصر أسهل من «شكة الإبرة»، فهناك تحويل مسار المواصلات، وتحويل مسار خريج الهندسة ليعمل سائقاً! والطبيب يعمل بأحد أكشاك بيع الخبز! وأشهر أنواع المسار ما قام به وزير التربية التعليم حسين كامل بهاء الدين أوائل التسعينيات بتحويل مسار ما يقرب من ثلاثين ألفاً من راسبى الثانوية العامة واستنفاد مرات رسوبهم -3 سنوات- إلي معاهد المعلمين والمعلمات! أى أن من فشل في الثانوية العامة أصبح معلماً بالابتدائى!!، وكثير منهم الآن يشغل مناصب قيادية في مختلف المديريات والإدارات والمدارس وسيظل الحال حتي بلوغهم سن المعاش -حوالى 2025- نعود إلى تحويل مسار أموال الدروس الخصوصية، من جيوب المواطنين إلي خزانة الدولة.. كيف؟ من منا لم «يتعاط» الدروس الخصوصية، فهى إدمان، والكل يعرف أن المجموعات الدراسية أصبحت فى خبر كان، فالدروس الخصوصية هي جواز المرور إلى النجاح في جميع السنوات الدراسية، ولنأخذ مثالاً (أسرة بها ثلاثة طلاب «ابتدائى - إعدادى - ثانوى). ما يدفعه ولى الأمر لتلميذ الابتدائى في المتوسط مائة جنيه -بأسعار اليوم- والإعدادى مائتى جنيه والثانوى خمسمائة جنيه، أي ما يدفعه هذا المواطن شهرياً ثمان مائة جنيه، ماذا لو دفع المواطن هذه الأموال كمصروفات دراسية، وفي ضوء هذا المثال فإن متوسط ما يدفعه الطالب حوالى ثلاثمائة جنيه، تدفع على أربعة أقساط (75 جنيهاً للقسط) شهور سبتمبر ونوفمبر ويناير ومارس، ولو قلنا إن هناك 15 مليون طالب فتكون الحصيلة السنوية 15 مليون طالب * 300 جنيه = (أربعة ونصف مليار جنيه سنوياً) «المليار واحد وأمامه تسعة أصفار». وخلال 5 سنوات يصبح الرقم 22.5، مع مرعاة أن نسبة الأيتام وأبناء الشهداء لا تتعدى 5٪ تُدفع من هذه الحصيلة، أما غير القادرين حوالى 10٪ تُدفع رسومه من خلال وزارات الأوقاف والتضامن ورجال الأعمال، وأخيراً.. لا مجال للحديث هنا عن الدستور الآن الواقع يؤكد أن الدستور في واد والواقع في واد آخر. اقتراح واقعى أطرحه على السادة الأفاضل أصحاب القرار جعل الله اقتراحى خفيفاً عليهم وليس لي مصلحة سوي أن يشعر الطالب بآدميته خلال رحلة الدراسة.