استطاعت أن تنقش اسمًا غائرًا في جدار الأدب، لعزفها لحنًا أديبًا فريدًا بقصاصة ورق.. لم تنتهج أدب الحارة المصرية على غرار أديب نوبل "نجيب محفوظ"، ولم تسبح في بحر فلسفة الواقع كحال عميد الأدب طه حسين، بل جلست منفردة في أقصى ركن للوطن لتشدو تاريخ العرب بريشتها الخاصة. هي رضوى عاشور ابنة النيل ذات ال68 عامًا نصفهم من الإبداع الأبدي، والتى رحلت إلى رحاب الله صباح اليوم.. سلكت عاشور طريقًا أدبيًا طويلًا كان له أثره الواضح في جل كتابتها الأدبية، فقد درست الأدب الإنجليزي في جامعة القاهرة، وحصلت على الماجستير في الأدب المقارن من جامعة القاهرة عام 1972 من نفس الجامعة، بعدها نالت الدكتوراه من جامعة ماساتشوستس في الولاياتالمتحدة عام 1975 وعملت بالتدريس في كلية الآداب بجامعة عين شمس، كما عملت أستاذًا زائرًا في جامعات عربية وأوروبية. وعن عام 1977 فقد شهد صدور أول أعمالها النقدية بعنوان "الطريق إلى الخيمة الأخرى"، الذي وصف التجربة الأدبية لغسان كنفاني الصحفي الفلسطينى الذي تم اغتياله من قبل المخابرات الإسرائيلية وهو في السادسة والثلاثين من عمره، ثم صدر لها في 1978 بالإنجليزية كتاب جبران وبليك، وهو دراسة نقدية، للرويتين اللتين شكلتا أطروحتها من قبل لنيل شهادة الماجستير سنة 1972 . وبعد صدور روايتها الثانية تعرضت رضوى لأقسى أزمات حياتها عقب منع الرئيس الراحل أنور السادات لزوجها مريد البرغوثي من الإقامة في مصر في عام 1979، وهو الأمر الذي أدى لتشتت أسرتها عقب سفر زوجها خارج البلاد ومكثوها هى وابنها داخل مصر لفترة، عائلتها التى توجت الكلمة في المحافل الدولية، بدءًا من الزوج وهو الشاعر مريد البرغوثي ، والزوجة الراحلة، ونجلهما الشاعر تميم البرغوثي. ومع ذلك لم تستطع أزماتها أن تمنع رضوى من مواصلة مشوارها الأدبي، فصدر لها عدة أعمال منها التابع ينهض حول أحوال شعوب غرب إفريقيا في 1980، وحجر دافئ في 1985 وخديجة وسوسن في 1986 والبحث عن نظرية للأدب 1995، وثلاثية غرناطة وتضم ثلاث روايات هي: غرناطة وصدرت في 1994 ومريم والرحيل في 1995 وأطياف في 1999، وقطعة من أوروبا لعام 2003. كما سجلت رضوى عاشور أعمالًا تنتمي إلى السيرة الذاتية ومنها كتاب "الرحلة.. أيام طالبة مصرية في أمريكا" في 1983 إضافة إلى " تقارير السيدة راء" لعام 2001 ، وآخرهم الرواية التى صدرت عن مكتبة الشروق باسم أثقل من رضوى في عام 2013. وبطبيعة الحال نالت عاشور عدة جوائز من مصر وخارجها على أعمالها الأدبية، جائزة أفضل كتاب لعام 1994 عن الجزء الأول من ثلاثية غرناطة، على هامش معرض القاهرة الدولي للكتاب، الجائزة الأولى من المعرض الأول لكتاب المرأة العربية عن ثلاثية غرناطة، وكانت ضمن مجموعة من 12 أديبًا عربيًا تم تكريمهم، على هامش معرض القاهرة الدولي للكتاب، وجائزة قسطنطين كفافيس الدولية للأدب في اليونان، وجائزة تركوينيا كارداريللي في النقد الأدبي في إيطاليا، وجائزة بسكارا بروزو عن الترجمة الإيطالية لرواية أطياف في إيطاليا، وجائزة سلطان العويس للرواية والقصة في 2012. وعن آخر وصاياها قال الشاعر تميم البرغوثي، إن والدته الأديبة الراحلة رضوى عاشور، أوصت بخروج جنازتها من مسجد عمر مكرم وإقامة العزاء به، إلا أن إغلاق ميدان التحرير هذه الأيام حال دون تحقيق ذلك، وهو ما دفع الأسرة لإقامة الجنازة اليوم الاثنين، من مسجد صلاح الدين بالمنيل، عقب صلاة الظهر مباشرة. وعن أهم الكلمات التى توجت نعي رضوى عاشور، التي سطرها نجلها الشاعر تميم البرغوثي وتدوالها نشطاء فيس بوك لنعيها الكلمات، التي جاء فيها "أمي حافظة شوارع مصر بالسنتي .. تقول لمصر يا حاجة ترد يابنتي.. تقولها احكي لي فتقول ابدأي إنتي".