لا توجد أحزاب معارضة ولا أحزاب حاكمة فى مصر، كما لا توجد صحافة معارضة أو صحافة مؤيدة، عندنا صحف مؤيدة أكثر للنظام الحالى، وأخرى شبه مستقلة، وثالثة صحف منحازة تمامًا تملكها الدولة،منذ ثورة 30 يونية تقف كل الأحزاب السياسية على خط واحد لبناء الدولة، الأحزاب الموجودة على الساحة حاليًا أحزاب كبيرة لها تاريخ وأخرى صغيرة حديثة النشأة وثالثة ورقية لا يسمع عنها أحد، كما لا توجد حكومة منتخبة، الحكومة الحالية مؤقتة، ولن تكون منتخبة إلا بعد تشكيل مجلس النواب، وتطبيق مواد الدستور التى تحدد طريقة تشكيل الحكومة، الجهة الوحيدة المنتخبة حاليًا هى رئيس الجمهورية، وظهيره السياسى هو الشعب الذى اختار رئيسه بطريقة نزيهة شهد لها العالم. أهمية انتخابات مجلس النواب القادمة هى انها ستحدد شكل الحكم والحزب الحاكم أو الائتلاف الحاكم حسب نتيجة الانتخابات، كما ستفرز أحزاب المعارضة وصحافة المعارضة التى تنتمى إلى هذه الأحزاب. الرئيس السيسى رافض أن يشكل حزبًا يخوض به الانتخابات ليكون ظهيره السياسى فى البرلمان رغم أن معظم رؤساء العالم يحكمون من خلال أحزاب، والأحزاب السياسية الحالية فى ورطة حقيقية وضعها فيها نظام الانتخابات الذى يعتمد على القائمة المغلقة بنسبة الثلث للقائمة والثلثين للفردى، ترى الأحزاب أنها لن تحقق نتيجة مرضية فى ظل هذا النظام من الانتخابات تفرز الحزب أو الائتلاف الحاكم، وتتخوف من سيطرة المستقلين على مجلس النواب، وهذه مخاوف فى محلها، لأن قانون مجلس النواب الجديد يحظر على النائب المستقبل تغيير صفته التى فاز عليها،وهى ألا ينتقل إلى حزب وكذلك النائب الفائز عن حزب لا يعود مستقلا طوال فترة عضويته، لو فاز المستقلون بأغلبية المقاعد البرلمانية ستنشأ أزمة دستورية تتعلق بالمادة الخامسة من الدستور والتى تتحدث عن قيام النظام السياسى على أساس التعددية السياسية والحزبية والتداول السلمى للسلطة، والمادة 146 التى تتحدث عن قيام رئيس الجمهورية بترشيح رئيس مجلس الوزراء من الحزب أو الائتلاف الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب. وإذا لم تسفر الانتخابات عن حزب أو ائتلاف يحصل على أكثرية المقاعد وكانت الغلبة للمستقلين فإن مجلس النواب سيكون محكومًا عليه بالفشل، المستقلون لا يحكمون، مجموعة أفراد كل منهم سيبحث عن مصلحته الشخصية، ولن تكون له قضية عامة، ولا تهمه سياسة الدولة ولا الحكومة، النائب المستقل يبحث عن مصالحه الخاصة ولا تهمه الدولة ولا الصالح العام، قضيته هى ماذا أنفق فى الانتخابات وماذا سيكسب من وراء مقعده فى البرلمان، وهؤلاء غالبًا ما يكونون من رجال الأعمال الذين يتعاملون بحسابات المكسب والخسارة، هدفهم تقوية مراكزهم المالية وليس تقوية الدولة، والأحزاب فى ظل هيمنة المستقلين ستنهار وتنتهى وتتحطم مواد الدستور وتصير حبرًا على ورق. لو جاءت الغلبة للأحزاب السياسية فى الانتخابات ستتضح صورة الدولة، وتكون أكثر اشراقًا واستقرارًا، سيكون هناك ائتلاف حزب حاكم، لن يفوز حزب بمفرده بالأكثرية، والائتلاف الحاكم سيشكل الحكومة، ويدافع عن سياستها تحت القبة، ويساعدها على تنفيذ برامجها وقراراتها، وسيكون مدعمًا لإنجازاتها، وبالتالى ستكون هناك معارضة برلمانية وأحزاب معارضة، وتكون هناك أغلبية وأقلية، وهو أصل الديمقراطية. وجود أحزاب حاكمة وأحزاب معارضة، وإعلام وصحافة مستقلة هى ضمانات الدولة الدستورية القوية التى تحترم الدستور وتطبق مبدأ التداول السلمى للسلطة، ويكون الرئيس حكمًا بين السلطات ويوازن بينها، بدون أحزاب قوية لن يكون هناك تداول للسلطة، ولن تكون هناك سلطة من الأساس ستكون «سَلطة» بفتح السين على الأقل فى مجلس النواب إذا سيطرت عليه فئة من المستقلين، الأمر مازال بأيدينا هل نريد أن تكون سلطة بضم السين أم سلطة بفتح السين.