هناك نصوص في الدستور تتحدث عن حماية الحقوق والحريات وعدم انتهاك حرمة الحياة الخاصة، وأن المواطنين أمام القانون سواء، لكن هذه المبادئ لا تطبق فعلياً وهناك انفصال بين ما هو مكتوب في الدستور والقانون وبين ما يطبق علي أرض الواقع في بلاد العالم المتقدم، يطبق القانون علي الجميع ولا يوجد من هو فوق القانون، وذلك هو سبب تقدم الدول المتقدمة، فتلك الدول تقدمت وعرفت طريقها إلي الحضارة الحديثة لا لشىء سوي أنها طبقت العدل والمساواة بين جميع أفراد المجتمع وفي مجتمعنا المصري وبعد ثورتين ضد الفساد السياسي والفساد باسم الدين لا يمكن أن نظل محكومين تحت الخوف من كشف فساد أي جهة مهما علا شأنها أو اتخذت مسميات تجعل من الرقابة عليها أو الاقتراب منها جرما قد يدفع صاحبه الثمن غالياً، ولعل المستشار «هشام جنينة» هو نموذج حي لرجل الدولة الذي آمن بثورتي الشعب ضد الفساد السياسي والفساد باسم الدين ووضع يده في عش الدبابير، كما يقولون، عندما كشف الفساد في جهات اتخذت لنفسها لقب سيادية حتي تبعد عن الرقابة والمحاسبة ولكن العهد الجديد الذي يعيشه المجتمع المصري الآن في ظل قيادة سياسية تؤمن بحق الشعب في المعرفة والحياة وأخذ حقه كاملاً يحتم علينا جميعاً أن ننزع من داخلنا الخوف من كشف فساد أي مسئول أو أي جهة مهما اتخذت لنفسها من ألقاب أو مسميات تمنعنا عن كشف هذا الفساد بما فيها الأجهزة الرقابية نفسها المنوط بها كشف هذا الفساد فلكي تتمكن الجهات الرقابية من بلوغ أهدافها في مجال حماية المال العام أو مكافحة الفساد فلابد أن تكون هي نفسها نموذجاً يحتذى به في الشفافية والنزاهة والطهارة ولابد أن يتم اختيار أعضاء تلك الجهات الرقابية علي أعلى مستوي من النزاهة، خاصة أنها في الأساس جهات حكومية أي أنها جزء من البيروقراطية التي عاني منها الشعب سنوات وسنوات، وقد لا تخلو هي نفسها من لون أو آخر من ألوان الفساد المالى والإدارى، خاصة أنها في الغالب تكون بعيدة عن الأنظار وكشف مظاهر الفساد فيها، فكثيراً ما نتحدث عن مظاهر الفساد في بعض الجهات الحكومية ولكننا لم نسمع عن فساد الجهات الرقابية نفسها والتي يمكن أن يظهر في استغلال أحد القائمين في عمله في تلك الجهات الرقابية باستغلال نتيجة ما توصل إليه من مخالفات في ابتزاز أشخاص بعينها أو وزارات من أجل تحقيق منافع شخصية له أو قد يستغل نفوذه والمعلومات التي لديه بالانتقام من أحد المسئولين للتشويه عليه وتلفيق القضايا وتشويه سمعته لحساب مسئول آخر وعادة ما نسمع عن تسريب تقارير لتلك الجهات الرقابية لأشخاص بعينهم في الصحافة والإعلام دون غيرهم من الصحفيين والإعلاميين وقد نكتشف بعد ذلك منظومة فساد أكبر شكلت من أجل تحقيق مصلحة لشخص ما أو جهة ما علي حساب من شوهت صورته ولكننا في النهاية جميعاً ندفع الثمن غالياً بفساد الرقابة فإنها إن فسدت لفسد المجتمع كله ونحن هنا ندق ناقوس الخطر ونحن في مصر الجديدة.. مصر العزة والكرامة والكبرياء فلا يمكن أن نعيد بناءها علي أنقاض فساد مازال يرتع في جنبات مؤسسات بعينها والخوف كل الخوف أن تلك الجهات قد تكون مدخل الانهيار منظومات كاملة تمس أمن مصر وسلامتها ونحن في عصر الرئيس «عبدالفتاح السيسي» الذي كان أحد أهم مقومات حكمه لهذا الوطن هو الشفافية والمصارحة وطهارة اليد فلا يمكن ورأس المنظومة بهذا القدر من الشفافية أن يتصرف من حولها مستغلاً القرب من رأس الدولة، ولذلك فإن المسئولية تقع علينا جميعا في أن نقف ضد فساد أي مسئول في أي جهة حاول استغلال منصبه أو قربه من أي جهة سيادية لإفساد منظومات حساسة واستراتيجية من أجل تحقيق مصالح شخصية وهو ما نعلم جيداً أنه لن يرضى عنه رئيس الدولة وسيكون له بالمرصاد. وفي الطيران المدني.. ومع احترامنا الشديد والكامل للجهات الرقابية التي تحمي مصر من الفساد والإفساد نجد أن كثيراً من الاختيارات القيادية تم ترشيحهم من الجهات دون النظر للخبرة والكفاءة التي يجب ان تتناسب وحساسية هذا المرفق الاستراتيجي ووجدنا بعض الجهات الرقابية من أجل بعض المصالح الشخصية لبعض أفرادها غضت الطرف عن ملاحظات كثيرة في تولي بعض الأشخاص في السابق لمراكز مهمة وحساسة في الطيران المدني ولكنها تفتقد إلي الكفاءة والخبرة التي تساعدنا علي المنافسة الدولية والإقليمية وهي قيادات ليس لها أية علاقة بالطيران المدني فنياته وآلياته ومع ذلك نجد أن أسهمهم عالية بدعم جهات رقابية وسيادية، كما يرددون ولكن الفشل الذريع في إدارة شركاتهم لهو أكبر دليل علي فساد الجهات الرقابية التي نتحدث عنها ويبقي سؤال من سيتحمل نتيجة فشل الإدارة عاماً بعد آخر؟! يا سيادة .. العاملون يرددون ان هناك مشاكل يتم تحويلها إلي الجهات الرقابية للاضطلاع بدورها ولكن حتي الآن لم نسمع عن مجازاة أحد وهو ما يضع العاملين تحت ضغوط نفسية وخاصة إذا ما مارس رئيس شركة ما قوته علي هؤلاء العاملين مسنوداً من تلك الأجهزة وهو ما قد يؤدي إلي ان تنهار منظومات تعمل بطريقة دولية فنية فهناك «علم إدارة الطيران» وليس أي إدارة وخاصة إذا ما تعلق ذلك بشق تنافس دولي وإقليمي وهو ما يخشاه خبراء الطيران من خروجنا خارج المنظومة الدولية. «همسة طائرة».. كما أن في البدن عضلة إذا فسدت فسد البدن كله وهي القلب فإن الجهات الرقابية لهي قلب المجتمع المصري النابض الذي يجب أن تضطلع بدورها أمام الله والوطن في تلك الفترة الحرجة من تاريخ مصر والتي يتربص بها الأعداء من كل مكان... ويبقي سؤال من يحاسب فساد أو إفساد بعض العاملين في بعض الجهات الرقابية؟!