باستثناء المغامر جلال الشرقاوي الذي يقدم حالياً مسرحية «دنيا حبيبتي» لكمال أبورية ونسمة محجوب، وتجربة أشرف عبدالباقي والشباب، نستطيع أن نقول إن مسرح القطاع الخاص قد مات تماماً. ولذا وصلنا إلي هذا اليقين، فإن الناتج هو مسرح مصري منقوص مهما كان نشاط مسرح الدولة، لأننا كنا في الماضي لا نسمح لمن يقتسم مسرحنا إلي أصناف وألوان، ولهذا نجح المسرح في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات وحتي التسعينيات، وكان الحصاد مبهراً كماً وكيفاً، طبعاً لذا استبعدنا كثيراً من المسرحيات التجارية التي تتسم بالإسفاف والخروج عن الآداب العامة، والحق يقال إن أزمتنا الحالية ليست مرتبطة بالخواء الأمني الذي حل بعد ثورة 25 يناير، إذ إن المسرح منذ بدايات الألفية الثالثة انكسر في مصر بخروج كبار منتجي ومؤلفي القطاع الخاص، إما بالموت أو بالشيخوخة أو بالسكتة السياسية مثل علي سالم، وبالتالي فقدنا الكثير مثل سمير خفاجي وبهجت قمر وأمير سيدهم وفؤاد المهندس وعبدالمنعم مدبولي، وصولاً إلي محمد صبحي الذي راهن بمسرحه في مواجهة المسارح الأخري ونجحت تجربته نجاحاً مثالياً، وبرغم إلحاح أغلب المسرحيين أن الناحية الأمنية تعرقل إنتاج مسرحيات جديدة.. فالناتج أننا أمام أزمة أطرافها ليس الإنتاج فحسب بل غياب النصوص الجيدة بأنواعها وصولاً إلي الترجمات وتمصير المسرحيات الأجنبية، جزئية أخري أطاحت بمسرح القطاع الخاص هي أن الفرق الخاصة كانت جزراً منعزلة بعضها لا ينافس فقط الآخر بل قد يغتاله ويسعد بانهياره، ولو فعلنا مثل التجربة اللبنانية، لكان المسرح الخاص مستمراً فهم يعكفون علي تجرب العمل الجماعي، فإذا تراجع مسرحنا أو تعرض للإغلاق سارعت الفرق المنافسة لإقامته.. وفي مصر تراجعت فرق الفنانين المتحدين وفرقة ثلاثي أضواء المسرح وفرقة الإبياري وفرقة المدبوليزم وفرقة محمد صبحي، ولا أحد يهتم بعودتها أو مناقشة أزماتها، لأن أحد لا يهمه أن ينهض المسرح ربما لحساب السينما أو الوسائط الأخري، وباعتراف الجميع أن المسرح حالياً تراجع في السنوات السبع الأخيرة، إلا أن هذا ليس مبرراً، لأن مسرحنا المصري كان أحد روافد المسرح العربي منذ نجيب الريحاني ويوسف وهبي وفتوح نشاطي وجورج أبيض. مسرح القطاع الخاص يحتاج إلي إحياء حتي تكتمل منظومة المسرح المصري، وحتي ينهض كتاب المسرح مع هذا الإحياء وينتعش معها تجارب المخرجين، القضية أمام الرأي العالم ولمن يهمه الأمر.