الفريق أسامة عسكر يلتقي مدير عام فريق الموظفين العسكريين لحلف شمال الأطلنطي    حجازي أثناء لقاء مسؤولي بيرسون: تدريس اللغة الأجنبية الثانية في الإعدادية لأول مرة    وزارة السياحة تدفع بلجان لمعاينة الذهبيات الموجودة بين الأقصر وأسوان    نادي الأسير الفلسطيني: سلطات الاحتلال تفرج عن المعتقلة فادية البرغوثي    سامح شكرى لوزيرة خارجية هولندا: نرفض بشكل قاطع سياسات تهجير الفلسطينيين    مدرب ليفربول الأسبق يوجه نصائح مهمة ل آرني سلوت قبل قيادة الفريق    حالة الطقس غدا الأربعاء 22-5-2024 في محافظة الفيوم    تفاصيل لقاء الرئيس السيسي ومجلس أمناء مكتبة الإسكندرية (فيديو وصور)    رئيس مكتبة الإسكندرية: الرئيس السيسي يلعب دورا كبيرا لتحقيق السلم بالمنطقة    عبارات تهنئة عيد الأضحى 2024.. خليك مميز    ضمن حياة كريمة، قوافل طبية مجانية بواحات الوادي الجديد    موقع إلكتروني ولجنة استشارية، البلشي يعلن عدة إجراءات تنظيمية لمؤتمر نقابة الصحفيين (صور)    لست وحدك يا موتا.. تقرير: يوفنتوس يستهدف التعاقد مع كالافيوري    البنك المركزي يسحب سيولة بقيمة 3.7 تريليون جنيه في 5 عطاءات للسوق المفتوحة (تفاصيل)    جنايات المنصورة تحيل أوراق أب ونجليه للمفتى لقتلهم شخصا بسبب خلافات الجيرة    دعاء اشتداد الحر عن النبي.. اغتنمه في هذه الموجة الحارة    أسوان تستعد لإطلاق حملة «اعرف حقك» يونيو المقبل    يورو 2024 - رونالدو وبيبي على رأس قائمة البرتغال    والدة مبابي تلمح لانتقاله إلى ريال مدريد    خليفة ميسي يقترب من الدوري السعودي    تعرف على تطورات إصابات لاعبى الزمالك قبل مواجهة مودرن فيوتشر    محافظ أسيوط: مواصلة حملات نظافة وصيانة لكشافات الإنارة بحي شرق    مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى.. والاحتلال يعتقل 14 فلسطينيا من الضفة    محكمة بورسعيد تقضي بالسجن 5 سنوات مع النفاذ على قاتل 3 شباب وسيدة    زوجة المتهم ساعدته في ارتكاب الجريمة.. تفاصيل جديدة في فاجعة مقتل عروس المنيا    "السرفيس" أزمة تبحث عن حل ببني سويف.. سيارات دون ترخيص يقودها أطفال وبلطجية    العثور على جثة طفل في ترعة بقنا    جيفرى هينتون: الذكاء الاصطناعى سيزيد ثروة الأغنياء فقط    تأجيل محاكمة 12 متهمًا في قضية رشوة وزارة الري ل25 يونيو المقبل    الجيش الإسرائيلى يعلن اغتيال قائد وحدة صواريخ تابعة لحزب الله فى جنوب لبنان    مصدر سعودي للقناة ال12 العبرية: لا تطبيع مع إسرائيل دون حل الدولتين    برلمانية تطالب بوقف تراخيص تشغيل شركات النقل الذكي لحين التزامها بالضوابط    جهاد الدينارى تشارك فى المحور الفكرى "مبدعات تحت القصف" بمهرجان إيزيس    كيت بلانشيت.. أسترالية بقلب فلسطينى    لمواليد برج الثور.. توقعات الأسبوع الأخير من شهر مايو 2024 (تفاصيل)    وزير الري: إيفاد خبراء مصريين في مجال تخطيط وتحسين إدارة المياه إلى زيمبابوي    أمين الفتوى: قائمة المنقولات الزوجية ليست واجبة    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي، أم يجوزُ لي تأجيلُه؟.. الأزهر للفتوى يوضح    أبو علي يتسلم تصميم قميص المصري الجديد من بوما    «الرعاية الصحية» تدشن برنامجا تدريبيا بالمستشفيات حول الإصابات الجماعية    أفضل نظام غذائى للأطفال فى موجة الحر.. أطعمة ممنوعة    «غرفة الإسكندرية» تستقبل وفد سعودي لبحث سبل التعاون المشترك    المالية: بدء صرف 8 مليارات جنيه «دعم المصدرين» للمستفيدين بمبادرة «السداد النقدي الفوري»    وزير الأوقاف: انضمام 12 قارئا لإذاعة القرآن لدعم الأصوات الشابة    أفعال لا تليق.. وقف القارئ الشيخ "السلكاوي" لمدة 3 سنوات وتجميد عضويته بالنقابة    «بيطري المنيا»: تنفيذ 3 قوافل بيطرية مجانية بالقرى الأكثر احتياجًا    يوسف زيدان يرد على أسامة الأزهري.. هل وافق على إجراء المناظرة؟ (تفاصيل)    في اليوم العالمي للشاي.. أهم فوائد المشروب الأشهر    «الشراء الموحد»: الشراكة مع «أكياس الدم اليابانية» تشمل التصدير الحصري للشرق الأوسط    لهذا السبب.. عباس أبو الحسن يتصدر تريند "جوجل" بالسعودية    حفل تأبين الدكتور أحمد فتحي سرور بحضور أسرته.. 21 صورة تكشف التفاصيل    «القومي للمرأة» يوضح حق المرأة في «الكد والسعاية»: تعويض عادل وتقدير شرعي    صعود جماعي لمؤشرات البورصة في بداية تعاملات الثلاثاء    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 49570 جنديًا منذ بداية الحرب    اليوم.. «خارجية النواب» تناقش موازنة وزارة الهجرة للعام المالي 2024-2025    ضياء السيد: مواجهة الأهلي والترجي صعبة.. وتجديد عقد معلول "موقف معتاد"    مندوب مصر بالأمم المتحدة لأعضاء مجلس الأمن: أوقفوا الحرب في غزة    مساعد وزير الخارجية الإماراتي: مصر المكون الرئيسي الذي يحفظ أمن المنطقة العربية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حازم الببلاوي يكتب: الاقتصاد وقوانين الطبيعة
نشر في الوفد يوم 16 - 10 - 2014

ألقى العالم والأديب البريطاني سنوC.P. Snow محاضرة نشرت بعد ذلك عن »الثقافتين«، وذلك منذ أكثر من نصف قرن.
وأكد في تلك المحاضرة على خطورة الانفصال شبه الكامل بين أصحاب الثقافة العلمية من ناحية، وأصحاب الثقافة الإنسانية والأدبية من ناحية أخرى، وأن ما يفصل بينهما أشبه بشقة واسعة لا يسهل تجاوزها، وبحيث يكاد أبناء كل ثقافة يتحدثون بلغة لا يفهمها أبناء الثقافة الأخرى.
ومن أسف، أن هذا الانفصام بين الثقافتين هو أمر حديث نسبياً، فصفة العالم أو الفيلسوف لم يكن هناك فرق بينهما كانت خلال العصور القديمة وحتى عصر النهضة، وربما حتى نهاية القرن الثامن عشر، متطابقة تقريباً. فأنت عالم بقدر معرفتك بالقوانين الطبيعية المادية والبشرية، وبالتالي أنت فيلسوف أيضاً. فأرسطو وكذا أفلاطون، كانا يتحدثان في الفلسفة والسياسة والأخلاق، بنفس القدر الذي يتناولان فيه الحديث في أمور الطبيعة (الفيزياء) أو الرياضة، بل إن أفلاطون قد سطر على باب أكاديميته أن »من لا يعرف الهندسة فلا محل له عندنا«.
واستمر هذا النمط لما بعد عصر النهضة. فديكارت لا يشار إليه فقط من خلال أفكاره الفلسفية، بل لعل أهم إسهاماته وأكثرها رسوخاً هي في الهندسة التحليلية، والتي تسمى باسمه Cartesian Geometry.
كذلك، فإن الفيلسوف الألماني ليبنتز Leibnitz شارك نيوتن في اكتشاف التحليل الرياضي Analysis، ولاتزال تستخدم حتى الآن الرموز التي اقترحها ليبنتز للتعبير عن المعادلات الرياضية.
وقد تراجعت هذه التقاليد القديمة في وحدة المعرفة، لحساب الاتجاه المتزايد إلى مزيد من التخصص على حساب الثقافة العامة. ومن أوضح مظاهر هذا التطور ما ظهر من شبه انفصام بين أبناء الثقافة »العلمية« من جانب، وأبناء »الثقافة الإنسانية والأدبية« من جانب آخر.
بل أصبحت لغة التخاطب في كل من المجالين مختلفة، ففي الجانب العلمي أصبحت الرياضة بكافة أشكالها هي لغة الحديث العلمي، في حين ظلت اللغة الأدبية هي لغة الفكر في الثقافة الإنسانية والأدبية.
وفي محاضرته عن »الثقافتين«، أشار سنو إلى أنه يشك فيما إذا كان أصحاب »الثقافة الإنسانية والأدبية« على دراية بأهم القوانين العلمية التي تحكم الطبيعة، وأشار بوجه خاص إلى ما يسمى »القانون الثاني للديناميكية الحرارية« Second Law of Thermodynamics، الذي رأى فيه أحد أهم قوانين الطبيعة، ومن المفترض في رأيه أن يكون الكافة، فما بالك بالمثقفين، على علم بهذا القانون. فماذا عن هذا القانون؟
هناك تفسيرات متعددة لهذا القانون، وأحياناً يطلق على نفس الظاهرة »الإنتروبيا« Entropy.
وتدور هذه الأفكار حول قضية محورية، وهي أن »النظم« order والتي تتمتع بقدر من الملامح والخصائص المميزة لها عن الوسط العام وتخضع لشكل من أشكال الانضباط، تحتاج في نشأتها ولاستمرارها إلى بذل الجهد والطاقة، ودون ذلك تتجه للتحلل والتدهور. وقد اكتشف هذا القانون عالمان، على الأقل، هما الألماني بولتزمان Boltzmann والإنجليزي ماكسويل Maxwell منتصف القرن التاسع عشر، ويكاد يمثل هذا القانون جوهر الطبيعة.
ولا أدعي أن لي ثقافة علمية ممنهجة، فتكويني المهني هو في القانون والاقتصاد، وبالتالي فإن حديثي اليوم عن هذا الموضوع هو حديث هاوٍ غير متخصص. والسبب الأساسي الذي دفعني للكتابة حول هذا القانون، هو أنني رأيت فيه الأساس العلمي لعلم الاقتصاد.
ذلك أن علم الاقتصاد، الذي كثيراً ما وصف »بالعلم الكئيب« لأنه يذكرنا دائماً بضرورة الجهد والعمل، ليس مجرد موقف إيديولوجي من الاقتصاديين بقدر ما هو استجابة وخضوع لقوانين الطبيعة.
وإذا كان الاقتصادي مالتس بشكل ما وغير مقصود قد ألهم داروين فكرة »المنافسة من أجل البقاء«، فليس غريباً أن تكون »ثروة الأمم« لآدم سميث، ثم دعوات الاقتصاديين اللاحقين من ريكاردو وماركس وكينز، بأن ثروات الأمم إنما تتحقق بالإنتاج، أي بالعمل وبذل الجهد والطاقة، لم تكن بعيدة عن الصورة عند اكتشاف هذا القانون للديناميكا الحرارية.
وسأحاول أن أقدم فهمي لهذا القانون، فقد بدأت الفكرة فيما يبدو بتأكيد أن درجات الحرارة تتجه إلى التساوي، بحيث تنتقل الحرارة من الأعلى حرارة إلى الأدنى حتى تتساوى الحرارة فيما بينها. واستقر الاتفاق على أن الحرارة تسير في اتجاه واحد، من الأعلى درجة إلى الأدنى، وليس العكس.
وهكذا فالطبيعة وقوانينها لا تقبل التمايز بين درجات الحرارة، ويمكن تحقيق ذلك فقط ببذل جهد وطاقة للاحتفاظ بالتمايز في درجات الحرارة. ومعنى إلغاء التمايز هو أن يصبح كل شيء مثل كل شيء، بلا ملامح خاصة أو معالم مميزة. والقانون الثاني، بهذا المعنى، هو قانون إحصائي، بمعنى أنه يؤدي إلى نوع من التوزيع الإحصائي الغالب، وإلغاء كافة الفروق.
وبعد ذلك توسع تطبيق القانون ليشمل كل شيء، وليس فقط اختلاف درجات الحرارة. فما معنى ذلك؟ المعنى أنه إذا لم تبذل طاقة وجهد، فإن الطبيعة تتجه إلى إلغاء كل المعالم والملامح المميزة لأي »نظام«، بحيث يصبح كل شيء ككل شيء. وعندئذ تختفي المعالم وتزول الخصائص والمميزات، ونكون في حالة من »الفوضى«، فالكل سواء، وهذا ما يطلق عليه زيادة الإنتروبيا. وهكذا يمكن القول بأن هناك تناقضا وتعارضا بين مفهوم »النظام« Order ومفهوم الإنتروبيا Entropy.
ومن هنا يقال بأن »الطبيعة« تحابي »الفوضى«. »فالفوضى« هي انعدام »النظام«، و»النظام« هو الملامح والمميزات والمعالم التي تميز هذا »النظام« عن الوسط المحيط. فإذا بني منزل وسط الصحراء، فإن المنزل يصبح نوعاً من »النظام« بملامحه المميزة، والتي تفصل بينه وبين الصحراء الجرداء التي لا معالم لها. ومرور الزمن سيؤدي إلى تدهور البناء وربما اختفائه تماماً، في حين تظل الصحراء على ما هي فيه، فهي بلا معالم أو ملامح، ومن هنا لا تحتاج إلى حماية أو صيانة.
وهكذا فمفهوم »النظام« هو خروج على الطبيعة، ولا يمكن أن يتحقق ذلك إلا ببذل الجهد والطاقة. وهكذا، فإن إقامة أي »نظام« تعني الخروج على قوى الطبيعة، مما يتطلب بذل الجهد والطاقة المادية والذهنية، لفرض هذا »النظام« على الطبيعة. ولكن المشكلة لا تنتهي ببناء »النظام«، ذلك أن استمراره يتطلب أيضاً بذل الجهد والطاقة لحمايته من التدهور والانحلال.
نقلا عن صحيفة البيان الاماراتية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.