"صورة شخص يسير في محل حلويات ويرى الأطباق المكتوب عليها: اترك بنسا وخذ بنسا؛ لكنه يضم يديه ويسأل: ماذا عساي أن أحصل عليه مقابل 68 بنسا معي؟". تلك كانت هي الصورة التي قفزت إلى ذهن كاتب مقال نيويورك تايمز نوام كوهين عندما تناول قضية الشاب آرون سوارتز الداعي إلى حرية الوصول إلى المعلومات وعمره 24 عاماً. فقد تمكن من تحميل أكثر من أربعة ملايين مقالة وتقريراً على أجهزة الكمبيوتر المحمولة التي يملكها من مواقع رقمية بالاشتراك فقط. وقد كانت تلك المواد من أغلى وأقيم الجرائد العلمية والأدبية في العالم. فقد تلقى انتهازي البنس سوارتز دعوة لرؤية عينات من موقع غير ربحي به تشكيلة كثيرة من الصحف لكنه استخدم برنامجا يمكنه من تصفح تلقائيا أكثر من 1300 جريدة وحمَّلها ونسخ ما بها. وقد ألقي القبض عليه في بوسطن الأسبوع الماضي بتهم متعددة تتلخص في الاحتيال الإلكتروني والحصول بطريقة غير قانونية على معلومات من مواقع وأجهزة كمبيوتر. ولو تمت إدانته فإنه حسب وزارة العدل سيعاقَب بالسجن 35 عاماً وغرامة مليون دولار. لكن سوارتز ليس من قراصنة الكمبيوتر المعروفين بل هو معروف بنشاطه في مجال الكمبيوتر والإنترنت منذ أن كان عمره 14 عاماً عندما استطاع تطوير برنامج خلف تغذيات آر إس إس يوزع محتوى المواقع عبر الإنترنت. ووقت أن بدأت معه التحقيقات كان سوارتز زميلا لمركز إدموند سافرا للأخلاق في هارفارد ولم يرد على رسالة إلكترونية أرسلتها إليه الصحيفة طلباً للتعليق على ما حدث. لكن المعول عليه هنا كما تقول نيويورك تايمز هو أن سوارتز لم يكن يهدف من وراء ما فعله الربح بل إنه داعية شديد النشاط منذ 2008 إلى وجوب إتاحة المعلومات للجميع من خلال بيانه المسمى جوريلا أوبن أكسيس مانيفيستو) وهو ما يجعل لقضيته بُعداً سياسياً. والموقع الذي استغله سوارتز هو (جي ستور) أي مستودع الصحف وبه مجموعة هائلة من الصحف التي يسمح الموقع بقراءتها مقابل اشتراكات. فقد بدأ مستودع الصحف بعد إنشائه في 1995 بعشر صحف جُعلت متاحة لبضع جامعات أمريكية ثم توسع منذ ذلك الحين ليشمل حوالي 325 ألف عدد من الصحف متاحة لأكثر من سبعة آلاف مؤسسة. وهناك مدافعون ينتقدون خشونة رد الفعل الحكومي ضد سوارتز لكن الحكومة ترد بأن السرقة هي السرقة سواء أكنت تستغل جهاز كمبيوتر أم عتلة حديدية وسواء سرقت بيانات ومعلومات أم دولارات خاصة وأنه كان يدخل بأسماء مستعارة خادعة حسبما قالت المحامية العامة بولاية ماساتشوسيتس كارمن إم أورتيز. وتعليقاً على محاكمة سوارتز، لم يُبد المتحدث الرسمي باسم (جي ستور) أي اهتمام أو تشجيع لمحاكمته بقدر ما أبدى اهتمامه باستعادة المحتوى الذي أخذه.