رغم غضب إسرائيل من إعلان السويد نيتها الاعتراف بدولة فلسطينية، تلمّح فرنسا إلى أن باريس أيضًا قد تتبع نهج السويد، فهل يزيد الاعتراف الأوروبى من حظوظ الفلسطينيين فى مفاوضات ندّية مع إسرائيل أم ستحسبه الأخيرة تحزبا ضدها؟ رغم الغضب الذى أثاره رئيس الحكومة السويدى ستيفان لوفين فى إسرائيل من خلال إعلانه نية بلاد الاعتراف بدولة فلسطين دون تحديد موعد لذلك واستدعاء وزارة الخارجية الإسرائيلية للسفير السويدى لدى إسرائيل للتعبير عن احتجاجها والتهديد ضمنيا بقطع العلاقات مع ستوكهولم، هاهى السويد تُعلن أن قرار الاعتراف سيمر دون موافقة البرلمان رغم التحفظ الأمريكى لهذه الخطوة التى وصفها ب"السابقة لأوانها". وبذلك تكون السويد أول دولة اسكندنافية عضو فى الاتحاد الأوروبى تعلن نيتها الاعتراف بدولة فلسطين. السلطة الفلسطينية من جانبها رحبت بهذه الخطوة. وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات لوكالة فرانس برس إنه "موقف شجاع جدا من السويد التى عودتنا على دعم حقوق الشعب الفلسطينى المشروعة وهى بلد يحترم القانون الدولي". وأعرب عريقات عن أمله فى "أن تحذو جميع دول الاتحاد الأوروبى حذو خطوة السويد الكبيرة والشجاعة لأنه لم يعد هناك سبب لعدم الاعتراف بدولة فلسطين". وبذلك يرتفع عدد الدول التى اعترفت بدولة فلسطين أو التى أعلنت نيتها ذلك إلى 112 دولة، وفق تعداد لوكالة فرنس برس. وحول الخطوة السويدية يقول الخبير الفلسطينى فى شئون بلاده الدكتور شريف أبو جابر والمقيم فى ألمانيا بأنها تعطى للكثيرين من أمثاله الأمل فى قيام دولة ووطن ينتسبون ويعودون إليه. ويقول فى حديث مع DW"": نحن 12 مليون فلسطينى نعيش فى شتات العالم، وليس لدينا إلى اليوم الجنسية الفلسطينية لأنه لا توجد دولة فلسطينية. أن يُعترف بنا يعنى أن تكون لدينا هوية. نحن بحاجة أن يعترف بنا العالم على أننا شعب لنا هوية ووطن وجنسية." وكان رئيس الحكومة السويدية قد برر نية بلاده الاعتراف بدولة فلسطينية بالقول "الحل القائم على دولتين يتطلب اعترافا متبادلا وإرادة للتعايش السلمي". وسبق أن أيدت ستوكهولم حصول فلسطين على صفة دولة مراقب غير عضو فى الأممالمتحدة العام 2012، لكنها رفضت العام الفائت انضمامها إلى منظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونيسكو). ويعزو الخبير فى الشئون الفلسطينية قرار الاعتراف السويدى إلى نجاح الدبلوماسية الفلسطينية بالإضافة إلى "العمل الدءوب" لمن وصفهم ب"جنود الخفاء من الفلسطينيين المقيمين والمندمجين فى السويد والذين ما انفكوا يعرّفون بقضية بلادهم." فرنسا، إحدى الدول المؤسسة للاتحاد الأوروبى ودولة ذات عضوية دائمة فى مجلس الأمن الدولى بالإضافة إلى ثقلها الدبلوماسى على الصعيد الدولي، ألمحت إلى إمكانية حذو المثال السويدي. ففى سياق متصل قال المتحدث باسم وزارة الخارجية رومان نادال "من الملح تحقيق تقدم فى حل الدولتين والتوصل إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة تحيا فى سلام وأمن إلى جانب إسرائيل". وأضاف "أنه الحل الذى يدعمه المجتمع الدولي. هذا يعنى أنه سيتعين يوما الاعتراف بالدولة الفلسطينية"، مرددا ما قاله وزير الخارجية لوران فابيوس فى كلمته أمام السفراء الفرنسيين فى نهاية أغسطس الماضى عندما اعتبر خلال حرب غزة هذا الصيف (2014) أن "المجتمع الدولى يجب أن يفرض تسوية سياسية للصراع الإسرائيلى الفلسطيني". إسرائيل من جانبها أعلنت على لسان رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو رفضها "لأى خطوة أحادية الجانب لا تساعد فى التوصل إلى السلام، بل على العكس لا تؤدى سوى إلى استبعاد احتمال بلوغه"، مؤكدا على أن حصول الفلسطينيين على دولتهم الموعودة لن يكون إلا من خلال المفاوضات المباشرة. أما صحيفة دى فيلت الألمانية فقد علقت على الإعلان السويدى فى عددها الصادر يوم أمس بالقول: "ستوكهولم بصدد القيام بخطأ، فليس رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو فقط الذى عطل مفاوضات السلام، وإنما الرئيس الفلسطينى محمود عباس أيضًا، وبإعطائه شيكا على بياض من خلال الاعتراف (بدولة فلسطينية)، فإن ذلك يعنى إعفاء الفلسطينيين من كل مسئولية عن الوضع المتأزم... صحيح أن عباس تخلى عن العنف ولكنه لا يسيطر على المتطرفين فى صفوفه، ومن يريد إرغام إسرائيل من خلال عينين مغمضتين إيديولوجيا للوصول إلى حل الدولتين، فإنه لا يرى إلا جزءا من الواقع." جيروزاليم بوست قالت: السويد ودول أخرى تدعم طرفا على حساب طرف آخر". وفى سياق مماثل علقت الصحيفة الإسرائيلية فى مقال عنونته "الخطأ السويدي" بالقول: "من خلال الاعتراف بدولة فلسطينية فى حدود عام 1967 فإن السويد ودولا أخرى تدعم طرفا على حساب طرف آخر فى صراع معقد وطويل." وتضيف الصحيفة قائلة: "تفاصيل اتفاق السلام يجب أن يتفق عليها كلا الطرفين فى إطار جو من الاعتراف المتبادل، كلا الطرفين يجب أن يدخلا فى عملية تصالح. إرغام الطرفين على القبول باتفاق من شأنه أن يشعل فتيل أزمة جديدة." وفى عددها الصادر قبل يومين أشارت الصحيفة إلى أن "المجر وبولندا وعددا قليلا من الدول الأوروبية كانت اعترفت بالدولة الفلسطينية فى حدود عام 1967، ولكن ذلك كان عام 1988 عندما كانت جزءا من الدول الموالية للاتحاد السوفيتي." لكنها شددت بالقول: "إذا مضى لوفين قدما فى خطته، فإن السويد ستكون أول دولة أوروبية كبيرة تحذو خطى السوفييت. وهذا الأمر من الصعب أن يتناسب مع مبادئ السويد الليبرالية والمتسامحة."