وزير التعليم: 87% من طلاب مصر يتعلمون فى التعليم الرسمى العام و13% فى الخاص    رئيس الوزراء يتابع مع وزير قطاع الأعمال العام عددا من ملفات العمل    الصحة العالمية تكشف عن 2.1 مليون شخص فى غزة يواجهون الجوع القاتل بخلاف القنابل    غياب محمد عواد عن مران الزمالك اليوم بسبب آلام الظهر    برشلونة يضم ماركوس راشفورد على سبيل الإعارة حتى 2026    ضبط واقعة التعدي على طليقته ونجلهما حال تواجدهم بأحد الأندية لتنفيذ حكم رؤية بالإسماعيلية    المفرج عنهم يشكرون الرئيس السيسي على لمّ الشمل    مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: إسرائيل تذبح أهل غزة وعلى العلم التحرك فورا لمنع فظائعها    رئيس "إسكان النواب": تصريحات الرئيس السيسي بشأن الإيجار القديم تؤكد أنه سيصدق على القانون    سلطان عُمان يهنئ الرئيس السيسي بذكرى ثورة 23 يوليو    الصين تدعم بقوة عمل اليونسكو    وسط ارتفاع وفيات المجاعة في غزة.. حماس ترد على مقترح وقف إطلاق النار    بالفيديو.. حمزة نمرة يطرح 3 أغنيات من ألبومه الجديد "قرار شخصي"    الحبُ للحبيبِ الأوَّلِ    أحمد سعد يتصدر تريند يوتيوب في مصر والدول العربية بأغاني "بيستهبل"    مدرب خيتافي: كنت أراهن على نجاح إبراهيم عادل في الدوري الإسباني    اقتصادي: الجيش حمى الدولة من الانهيار وبنى أسس التنمية    علي معلول يوقع على عقود انضمامه إلى ناديه الجديد    «أجبرتها على التراجع».. مروحية إيرانية تتصدى لمدمرة أمريكية في المياه الإقليمية    أوكرانيا وروسيا تستعدان لإجراء محادثات سلام في تركيا    الكنيست يوافق على قرار لفرض السيادة الإسرائيلية في الضفة وغور الأردن    البابا تواضروس يستقبل مجموعة خدام من كنيستنا في نيوكاسل    مؤشرات تنسيق الثانوية العامة 2025 علمي.. كليات ومعاهد تقبل مجموع 50% فقط في 2024    خلال استقبال مساعد وزير الصحة.. محافظ أسوان: التأمين الشامل ساهم في تطوير الصروح الطبية    بالأسماء.. رئيس أمناء جامعة بنها الأهلية يُصدر 9 قرارات بتعيين قيادات جامعية جديدة    منهم برج الدلو والحوت.. الأبراج الأكثر حظًا في الحياة العاطفية في شهر أغسطس 2025    متحدث الوزراء يكشف السبب الرئيسي وراء تأجيل احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير    وزير الدفاع يكرم أصحاب الإنجازات الرياضية من أبناء القوات المسلحة (تفاصيل)    ماذا يحدث لجسمك عند تناول السلمون نيئًا؟    القاهرة والرياض تبحثان مستجدات الأوضاع بالبحر الأحمر    بعد تراجع 408.. تعرف على أسعار جميع سيارات بيجو موديل 2026 بمصر    من الارتفاع إلى الهبوط.. قراءة في أداء سهم "بنيان" في ثاني يوم تداول بالبورصة    خادم الحرمين وولى العهد السعودى يهنئان الرئيس السيسى بذكرى ثورة 23 يوليو    فسخ العقود وإنذارات للمتأخرين.. ماذا يحدث في تقنين أراضي أملاك الدولة بقنا؟    خطة استثمارية ب100 مليون دولار.. «البترول» و«دانة غاز» تعلنان نتائج بئر «بيجونيا-2» بإنتاج 9 مليارات قدم    ب2.5 مليون.. افتتاح أعمال رفع كفاءة وحدة الأشعة بمستشفى فاقوس في الشرقية (تفاصيل)    لماذا لا ينخفض ضغط الدم رغم تناول العلاج؟.. 9 أسباب وراء تلك المشكلة    "المطورين العقاريين" تطالب بحوار عاجل بشأن قرار إلغاء تخصيص الأراضي    رضا البحراوي يمازح طلاب الثانوية العامة    الأهلي يترقب انتعاش خزينته ب 5.5 مليون دولار خلال ساعات    وفاة شخصين متأثرين بإصابتهما في حادث تصادم سيارتين بقنا    على شاطئ البحر.. أحدث ظهور للفنانة بشرى والجمهور يعلق    الإفتاء توضح كيفية إتمام الصفوف في صلاة الجماعة    محفظ قرآن بقنا يهدي طالبة ثانوية عامة رحلة عمرة    أمين الفتوى: الشبكة جزء من المهر والأصل أن تعود للخاطب عند فسخ الخطبة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : كم نتمنى ان نكون مثلكم ?!    أسرة مريم الخامس أدبي تستقبل نتيجتها بالزغاريد في دمياط    ضبط 3695 قضية سرقة كهرباء خلال 24 ساعة    ضبط 30 متهما في قضايا سرقات بالقاهرة    فيريرا يركز على الجوانب الفنية في مران الزمالك الصباحي    بالفيديو.. الأرصاد: موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد حتى منتصف الأسبوع المقبل    طريقة عمل المكرونة بالبشاميل، بطريقة المحلات وطعم مميز    الرئيس السيسي: هذا الوطن قادر بأبنائه على تجاوز التحديات والصعاب    البنك الزراعي المصري يبحث تعزيز التعاون مع اتحاد نقابات جنوب إفريقيا    رئيس الوزراء يتفقد موقع إنشاء المحطة النووية بالضبعة    مرتضى منصور لحسن شحاتة: للأسف أنا مسافر ومنعزل عن العالم    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    خلال فترة التدريب.. مندوب نقل أموال ينهب ماكينات ATM بشبرا الخيمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الوفد» يفتح الصندوق الأسود لدور المخابرات فى «نصر أكتوبر»
اللواء أسامة همام: السادات اعتمد على المخابرات لتنفيذ خديعة "اللاحرب"
نشر في الوفد يوم 06 - 10 - 2014

نصر اكتوبر العظيم، هو ثمرة حصاد.. جهد وتعب وتضحية كل مصرى فى موقعه، قيادة، جيشاً، شعباً، فكل مصرى مهما كان دوره كبيرا أو صغيرا، شارك فى هذا النصر فى ملحمة تاريخية وشعبية رائعة لم ير العالم مثلها
لكن هناك دورا خفيا هاما وقويا لجهاز المخابرات المصرية فى تحقيق أسباب هذا النصر، بمحاربة وكشف عمليات الاختراق والتجسس ضد مصر، وأيضا التغلغل ما وراء صفوفهم العدو للاطلاع على اسرارهم وكشف قدراتهم العسكرية، وهو دور لا يتحدث عنه الاعلام كثيرا لسريته وحساسيته، لكن بعد مرور هذه السنوات على الحرب، يتم فتح جانب من الصندوق الأسود لمعرفة ما به اسرار، مع الاحتفاظ بالباقى، لأنها يجب ان تبقى دوما فى طى الكتمان لخطورتها والوفد فتحت مع اللواء أسامة همام وكيل المخابرات العامة السابق جانبا من الصندوق الأسود لدور المخابرات فى هذا التوقيت لتحقيق النصر، فهو رجل قضى 34 عاما يعمل فى هذا الجهاز الحساس وغيره من أجهزة الدولة السرية.
«تزاحمت بداخلى الأسئلة، بأيهما أبدأ معه، بذكرياته وبطولاته فى حرب أكتوبر الذى نعيش هذه الأيام احتفالات انتصاره للعام 41، ام بما سبق هذا النصر من هزيمة وحرب الاستنزاف، أم بجهاز الاستخبارات الذى أنتمى هو إليه على مدى 34 عاما، ودور هذا الجهاز فى الخروج من الهزيمة، أتحدث معه كضابط جيش، أم كرجل مخابرات كانت له عين صقر ترصد وانقضاضة ثعلب ماكر على الجواسيس والعملاء ليوقعهم فى شراك الأمن، وأخيراً فضلت التسلسل الزمنى وسألته عن مرحلة ما قبل العبور فقال:
- تعد حرب الاستنزاف من أصعب المراحل التى مر بها الجيش المصرى قبل الانتهاء من خطة العبور وتنفيذها، وتكبدنا أكبر الخسائر البشرية وذلك نظرا لعدم وجود غطاء جوى للجيش، بعد أن تم تدمير طائراتنا وهى فى قواعدها فى حرب 67، لذا كان السادات حريصا على بناء غطاء جوى بمساعدة روسيا وهو يخطط للحرب، وبدأنا التدريب على العبور منذ عام 1970، وعلى مدى السنوات الثلاث كنا نكرر نفس التدريب الى درجة ان بعض الجنود كاد يصيبهم الاحباط من التكرار وعدم تنفيذ العبور، وقد لا يصدق البعض ان هناك جنودا يوم العبور الحقيقى، اعتقدوا اننا لا نزال فى مشروع التدريب، وسألنى احدهم فى ضيق، متى ينتهى هذا المشروع، وتفاجأ بأننا فى حرب حقيقية وأننا نعبر قناة السويس ونضرب خطوط العدو، الى هذه الدرجة كان جنودنا قد تم اعدادهم بقوة وصبر لتحقيق هذا الانتصار العظيم، فحرب أكتوبر هى أهم وأكبر حرب حقيقية قوية عرفها التاريخ المصرى والعربى ضد اسرائيل.
ما الدور الذى لعبته المخابرات فى مرحلة الاستنزاف وحتى لحظة العبور لتحقيق النصر؟
- لعبت دوراً خطيراً فى اختراق ما وراء صفوف العدو، وفى المشاركة بعمليات الخداع والتمويه، ليصل العدو إلى مرحلة الاسترخاء وتصديق حالة اللاحرب، بأن مصر لن تحارب، وأن السادات يطلق مجرد أقاويل وتهديدات كل فترة بأن الحرب قادمة دون تنفيذ، ولعبت المخابرات دورا عظيماً فى كشف اخطر جاسوسة مصرية وهى هبة سليم، والتى تم تجنيدها من قبل الموساد أثناء دراستها بالعاصمة الفرنسية باريس، كما تم كشف شريكها فى خيانة مصر المقدم مهندس صاعقة فاروق عبدالحميد الفقي، والذي كان يشغل منصب مدير مكتب قائد سلاح الصاعقة، فقد قامت هبة باستغلال خطيبها لتسريب معلومات عسكرية حساسة عن بناء قواعد الصواريخ المصرية، والتى كان السادات يعمل على بنائها لتحقيق الغطاء الجوى لقواتنا تمهيدا لدخول الحرب، وكلما اوشكت قواتنا على الانتهاء من بناء القواعد، كانت الطائرات الاسرائيلية تقوم بشن ضربات فجائية لضربها، وتسببت الخائنة هبة سليم فى ارجاء موعد العبور اكثر من مره تصل اجمالا الى عام، بسبب ما سربته من معلومات وما سببته من اضرار على قواتنا واستعداداتنا العسكرية.
ولم تركها جهاز المخابرات حتى أكملت تلك المرحلة الخطرة من تسريب المعلومات؟
- لم يتم تركها، بل كانت مرصودة، إلا أن عمل جهاز المخابرات يعتمد على الصبر أولا، للايقاع بالشبكة كاملة من عناصر التجسس، ولكن فى حالة هبة سليم، اضطر السادات إلى اصدار قرار بالقبض عليها، دون الانتظار أكثر من ذلك للوصول الى باقى أعضاء الشبكة، وتم استدراجها الى ليبيا، وليس تونس كما يروج الفيلم السينمائى الذى تناول قصتها «الصعود الى الهاوية» واستدرجت بزعم أن والدها الذى يعمل فى ليبيا مريض، وذلك لنقلها الى بلد عربى يمكن من خلاله اعادتها الى مصر، وبالفعل تم المخطط، وعندما وصلت لمطار ليبيا تم نقلها مباشرة الى طائرة مصر للطيران، واعادتها الى مصر ومحاكمتها وإعدامها، لتفويت الفرصة على اسرائيل للمطالبة بها او المقايضة بها حيث طالبت جولدا مائير بنفسها بمبادلتها، فقد أضرت هذه الجاسوسة بمصر ضررا خطيرا، لدرجة أن طلبة الدفاع الجوى الاسرائيلى كانوا يتدربون على ضرب قواعد الصواريخ المصرية، لسهولة الأهداف بناء على المعلومات الدقيقة التى تم تسليمها لهم من هبة.
هل كان للمخابرات المصرية فى عهد عبد الناصر دور فى حدوث الهزيمة؟
- نعم.. بالطبع، المخابرات رغم انها كانت تحت قيادة رجل قوى من أفضل رجال المخابرات فى التصنيف العالمى هو صلاح نصر، والذى قام بتأسيس جهاز المخابرات، إلا أن حرب أجهزة المخابرات الغربية والاسرائيلية كانت قوية لاستهداف مصر بعد ثورة 23 يوليو والاطاحة بالملكية، فتسببت التقارير الخاطئة فى عدم انذار القيادة العسكرية بالاستعدادات الاسرائيلية لمحاربتنا، بجانب التقارير الوهمية الكاذبة التى كان يتم الترويج لها واذاعتها عن انتصاراتنا فى الحرب ونحن نتكبد الهزيمة وتمكنت اسرائيل من اختراقنا بالجواسيس والعملاء وأجهزة الرصد، حتى إنهم تمكنوا عبر عملائهم من سرقة الشفرات التى تتعامل بها الوحدات العسكرية، وتدخلوا فى الشفرات لاصدار الأوامر للجنود فى الوحدات للتحرك هنا أو هناك، ليتمكنوا من ضربهم واصطيادهم، بجانب أجهزة التشويش على مراكز اصدار الأوامر داخل قيادات الجيش، حتى لا تصل الأوامر واضحة أو يتم تحويلها.
ولكننا تمكنا قبيل حرب 73 من تدمير أجهزة التشويش الاسرائيلية وأجهزة التقاط الاشارات.
هل كانت فترة حرب الاستنزاف من اخطر فترات اختراقنا أمنيا من خلال زرع شبكات الجواسيس والعملاء من قبل اسرائيل؟
- نعم كانت فترة خطيرة تم خلالها اختراقنا، بقوة، حتى انه من المفارقات ان رجل الشاى الذى كان يقدم الشاى للجنود فى قواعد بناء الصواريخ الاسمنتية كان عميلا لاسرائيل، غير أن جهاز الاستخبارات المصرى كان قد تم دعمه وتقويته، وكان الرئيس الراحل انور السادات يعتمد عليه ويثق به لامداده بالمعلومات والتقارير، والتى على أساسها كان يبنى قراراته بعد التفكير المتروى بها وتقييمها، وتمكن جهاز المخابرات من الوصول واستطلاع ما خلف خطوط العدو، والحصول على ادق التفاصيل حول مدى قوتهم، سلاحهم، تدريباتهم، المصاطب والساتر الترابى، عدد المدرعات وتشكيلاتهم، نوع النابالم الفسفورى الذى كان يمكنه تحويل مياه القناة الى نيران فى لحظات، الخنادق والقواعد العسكرية الخفية، ومدى قدرة جنودهم على الصمود داخل هذه الخنادق، واكتشفنا انه يمكنهم البقاء داخل الخندق أكثر من 6 ايام لوجود حالة من الاكتفاء الذاتى من طعام وشراب وكافة احتياجاتهم، وكل هذا ساهم فى الاستعداد الكامل للحرب.
لاتزال أجهزة الاستخبارات الاسرائيلية حتى الآن تتعجب من كيفية حدوث الحرب عليهم دون إنذار مسبق من عملائهم أو قادة الجهاز.. فما السبب؟
- السبب هو استراتيجية الخداع التى وضعها جهاز الاستخبارات ودعمها السادات بمكره، فقد كان جنودنا قبيل بدء الحرب بدقائق يبدون فى مشهد استرخاء، يغسلون ملابسهم فى هدوء و«يمصون» القصب، وكانت عمليات التدريب المتكررة على الحرب قد أفقدت جنودنا انفسهم الثقة فى امكانية حدوث حرب حقيقية، وأغلبهم لم يعرف انه فى حرب حقيقة يوم العبور الا الساعة الثانية وخمس دقائق، بما فى ذلك جنود الاحتياط الذين تم استدعاؤهم، وبينهم جنود مر على تجنيدهم 10 سنوات، وتم الاستدعاء بزعم انهم سيتلقون بعض التدريبات حفاظا على سرية خطة الحرب، والرائع انه كان مقدرا استشهاد 90% من الفرق الاولى التى عبرت القناة، ولكن الحمد لله لم يستشهد منا إلا نسبة صغيرة بالمقارنة بالمتوقع.
ماذا كان دورك يوم العبور، وما ذكرياتك؟
- كنت عند الكيلو 19 ضمن القوات المتواجدة فى سيناء تحت قيادة يوسف عفيفى، والذى سلم القيادة فيما بعد للقائد حشمت جاد وكنت بالصفوف المتقدمة، وتمكنت الساعات الاولى من الحرب من اسقاط طائرة للعدو واسر الطيار، وكنت أتمنى من اعماقى قتله، ولكن احتراما للمواثيق الدولية التى تقضى بحسن معاملة الاسير، وجدتنى اقدم له الماء عندما طلب ذلك، وكانت حياته تساوى بالمقابل حياة ضابط او جندى من جنودنا ممن وقعوا فى الأسر، لذا كانت حياته تساوى الكثير لدى، كما ان الطيار لدى اسرائيل يساوى الكثير. وأذكر بطولة أحد جنودنا الذى لم يجد مفرا من تفجير احدى دبابات العدو سوى ان يصعد بنفسه حاملا القنبلة، ليضعها فى فوهة الدبابة، وينفجر هو معها مضحيا بنفسه من أجل تكبيد اسرائيل خسائر فى الجنود والمعدات، بالفعل دمر الدبابة، وهناك صائد الدبابات، وصائد الطائرات، وأذكر ايضا اننى تسببت دون قصد فى انقاذ حياة جندى من أبنائنا، كان قد طلب راحة بضع ساعات ليذهب وينام فى خندق مجاور، ورفضت لوجود مهام عسكرية تتطلب وجوده بعض الوقت، وحين وافقت على ساعات لراحته، توجه للخندق، لكنه عاد جريا ووجدته يحتضننى وهو يبكى، ويخبرنى بأن العدو قصف الخندق وكل ما به استشهد، وإننى كنت سببا فى انقاذ حياتنه بتأجيل موعد راحته بضع ساعات.
قال السادات فى خطابه يوم 16 بعد العبور أنه كان يحارب أمريكا.. كيف ذلك؟
- كانت أمريكا وراء امداد اسرائيل بأحدث القنابل والصواريخ والقذائف، وكانت القنابل العادية التى تستخدمها اسرائيل نقوم بتجنب أخطارها وخسائرها، عبر حفر حُفر فى الأرض لتكون مخابئ لكل ضابط أو جندى، حتى إن القائد يوسف عفيفى حفر حفرته البرميلية بنفسه، ورفض ان يساعده فيها الجنود، وكانت هذه الحفر تحجم مدى احداثيات الخطورة التى تسببها القنابل العادية.
ولكن فوجئنا بنوع جديد من القنابل التى عرفت باسم قنابل «البلى»، وفيها القنبلة تزن الف رطل، وحين تسقط على الأرض تنقسم لأكثر من قنبلة، والقنبلة حين ترتطم بالأرض تنقسم إلى بلى حديد يصيب اهدافه فى مقتل، ويخترق الحفر، واكتشفنا أن أمريكا أرسلت طائرة استطلاع، واطلعت على كل الخرائط لمصر من الجو، ورصدوا وجود نقاط صغيرة فى سيناء، وعرفوا انها نقاط الحفر البرميلية التى يختبئ بها أفراد قواتنا لتسديد ضرباتهم للطائرات الاسرائيلية وحماية انفسهم، فقامت بضرب هذه النقاط بقنابل البلى.
كما أمدتهم أمريكا بمدرعات ودبابات عبر انزالها من حاملة طائرات، واكتشفنا ذلك بأسر عدد من الدبابات، ووجدناها مؤشرها يشير الى سيرها مسافة 50 كيلو متراً فقط حتى وصلت سيناء، وهذا مستحيل أن تكون تلك هى مسافتها من اسرائيل إلى سيناء، وهو ما يؤكد انه تم إنزالها من حاملات أمريكية بالقرب من سيناء.
ما الفارق فى عمل وقوة جهاز المخابرات فى عهد رؤساء مصر السابقين جمال عبد الناصر، السادات، مبارك، مرسي، والآن؟
- عهد عبد الناصر يشبه العهد الذى نعيشه الآن من محاولات العديد من أجهزة استخبارات العالم اختراق مصر، فقد كانت مصر تتغير وتسير لمرحلة سياسية واجتماعية جديدة، وكان صلاح نصر مؤسس جهاز المخابرات من أقوى الرجال فى هذا المجال حتى أمام أكبر رجال الاستخبارات العالمية، لكن الضغوط والتحديات كانت كبيرة، حالة الدولة فى الداخل، القوى الكبرى حول مصر، الحروب من الداخل والخارج، وقد استخدم صلاح نصر كل أسلحة المخابرات المتعارف عليها فى حينه، لكن للأسف حدثت اختراقات كبيرة وهائلة لمصر فى تلك الفترة، وهذه الاختراقات كانت من ضمن عوامل هزيمة 67، فقد تمكنت اسرائيل من اختراق العديد من أجهزة الدولة، لدرجة فك شفرات ورموز الوحدات العسكرية، والتحكم فى الأوامر التى تصدر عبر هذه الشفرات، وتحويلها لصالحهم لضرب القوات المصرية.
فى مرحلة السادات كان جهاز المخابرات قد بدأ فى التعافى، وعمل السادات على تقويته وتغذيته بأفضل الرجال والخبرات والأجهزة الحديثة، واعتمد السادات على المخابرات فى القيام بدور الخديعة الكبرى، لإقناع العدو بأن مصر ليس لديها القدرة على الحرب، وبعمل مناورات منحت العدو حالة من الاسترخاء والاطمئنان، ولم يقتصر دور جهاز المخابرات على رصد العملاء واحباط عمليات التجسس أو دس العملاء ونقل اخبار العدو وكشف أسرارهم، بل أيضا لعمل لوبى دولى فى العالم والتغلغل فى المنظمات الدولية لايجاد مكان لشخصيات مصرية فى هذه المؤسسات والمنظمات، ليكون لهم قوة التأثير الدولى ونقل صوت مصر فى المحافل.
فى مرحلة مبارك، تم أيضا تطوير الجهاز بصورة أكبر، وأنا فى رأيى أن مبارك كان يقدر قيمة هذا الجهاز وأهميته على المستوى المحلى والدولى أكثر من عبد الناصر والسادات، فمنذ ان كان نائبا للرئيس، كان حينها مسئول مجلس الأمن القومى، وعلى صلة بالمخابرات العامة، وعندما تولى الرئاسة، اعتمد على المخابرات كثيراً، وتم فى عهده الايقاع بالعديد من الجواسيس.
مرحلة مرسى، هى من أسوأ العهود التى عاشها جهاز المخابرات، فقد حدد هو بنفسه مطالبه من الجهاز، وعانى الجهاز من التهميش والسلبية، وساعد مرسى فى اختراق مصر بالجواسيس والعملاء، بالسماح بالارهابيين العائدين من أفغانستان دخول مصر، وباطلاق سراح الارهابيين المسجونين، وساوى بين حياة خاطفى الجنود فى رفح وبين الجنود البواسل أنفسهم.
والآن تبذل المخابرات فى عهد السيسى كل جهودها لتنظيف «القذارة» التى خلفتها مرحلة مرسى، والجهاز الآن أقوى من كل أجهزة مخابرات العالم مجتمعة، لأنه يتحرك فى اكثر من جهة فى جانب واحد، كشف مخططات ومؤامرات تستهدف تخريب مصر ونشر الفوضى، كشف الاختراقات وخطط الارهابيين، تغيير المفهوم العالمى الخاطئ حول ثورة 30 يونيو.
من هم أخطر جواسيس كشفتهم المخابرات بعد الثورتين 25 يناير و30 يونيو؟
- الجاسوس الاسرائيلى إيلان جرابيل، والذى حاول اختراق صفوف المصريين والمساجد بزعم أنه أسلم حديثا، وحصل على ثقة اعلاميين وساسة، وساعد فى ضرب قسم الأزبكية، وكان متمكنا من عمله لإتقانه اللغة العربية.
وهناك الجاسوسان الألمانى والنمساوى، وتم ضبطهما يهربان تليسكوبات وبنادق متطورة خطيرة بالمطار، وتم التعامل مع القضية كتهريب جمركى، لتلاشى الاثارة الدولية، وأيضا الجاسوس الكرواتى الذى تم ضبطه فى الغردقة وبحوزته بنادق صيد تحت الماء، وكان قد دخل لمصر من ايلات.
كيف يمكن رصد تطور اشكال التجسس حديثا؟
- نحن الآن نواجه الجيل الرابع مع الجاسوسية، عبر جيش الدفاع الالكترونى، فشبكات التواصل الاجتماعى يمكن من خلالها التجسس وقياس ومعرفة توجهات الأشخاص ومعرفة أدق أسرارهم، ورسائلهم الخاصة، وهناك برنامج «تروكول» الذى يتم من خلاله الوصول الى الشخص ومعرفة كل المعلومات المتعلقة به، وهناك «الفايبر» الذى يتم رصد كل ما يدور فى مكالماته، ويمكن عبر الجاسوس الالكترونى التجسس على كل الوزارات والمؤسسات بالدولة، من خلال شبكات الانترنت، لذا أنصح هذه الجهات باستخدام وسائط العمل السلكية، وعدم ربط أجهزة الكمبيوتر بشبكات الانترنت لحمايتها من الاختراق.
كما تتجسس اسرائيل على المصريين عبر التقاط الاشارات من برج تقوية شبكات الاتصال وهو برج موجود على الحدود مع اسرائيل، وايضا عبر شرائح شركة «أورانج» الاسرائيلية المنتشرة بين بدو سيناء، وكل هذه اسباب تسهل التجسس علينا ورصدنا ويجب اغلاق هذه الثغرات أمنيا.
تكرار الهجمات الارهابية على نقاط الجيش والشرطة يشير الى وجود خلل فى الوقاية والتعاطى مع هذه التهديدات، كيف يمكن علاج ذلك؟
- لا أعتبر ان سبب ذلك وجود خلل أمنى، المشكلة أن من ينفذون هذه العمليات ليسوا جهة واحدة، فكما سبق الاشارة نحن مستهدفون من أكثر من عدو وأكثر من دولة، والإخوان ينفذون بعض العمليات، جماعات وجهات أخرى تنفذ عمليات تحت ستار الإخوان أو متمسحة بهم، لكن عمليات الجيش فى سيناء نجحت فى تجفيف 90% من البؤر الارهابية وايضا فى هدم الأنفاق، والتى كانت سببا رئيسيا فى الهجمات الارهابية وفى تهريب السلاح لمصر عبرها، بجانب تهريب السلاح عبر الحدود الليبية.
واذا كان قد تم القضاء على 90% من البؤر الارهابية، فالمتبقى أيضا خطير، ويجب التعامل معه بقوه وحزم.
تم هدم كثير من الأنفاق، لكنّ أنفاقا اخرى يتم حفرها مجددا، كيف نواجه ذلك؟
- فى رأيى وقد يخالفنى البعض، الحل الجذرى للأنفاق، هو أن يتم ازاحة السكان فى سيناء لمسافة 5 كيلومترات على الأقل بعيدا عن الحدود، على أن تنتشر قوات مصرية للتأمين من المنطقة «ج» الى هذه المنطقة التى سيتم إزاحة السكان عنها، وبالتالى سيصعب حفر الأنفاق على الحدود مجددا بين سيناء وغزة، وسيتم السيطرة على رفح أمنيا.
تتضارب المعلومات حول وجود ما يسمى بجيش «مصر الحر» فى ليبيا لعمل ميليشات لاستهداف مصر، ما معلوماتكم؟
- هذا الجيش موجود، ولكنه ليس كما يصوره البعض كفزاعة لارهاب مصر، فعدد عناصر لا يتجاوز 100 شخص، وأجهزة الأمن المصرية تترصده بدقة، ولن تسمح له باختراق مصر أو استهدافها، ويتم استقطاب العمال المصريين اليه بزعم العمل مقابل الف دولار فى الشهر يتم ارسالها لأسرته فى مصر، وكثير من المصريين «الغلابة» رفضوا الانضمام إليه بعد ان تم استدراجهم لليبيا، وعادوا لمصر، وأبلغوا بما يحدث.
هل تعتقد ان المصالحة مع الاخوان يمكن ان تؤدى لتراجع الارهاب وتساعد على مزيد من الاستقرار؟
- فى رأيى الشخصى لا تصالح مع الاخوان، المصالحة لن تجدى معهم نفعا لان لديهم مخططا يفوق الارهاب وغيره، يرغبون فى دولة للخلافة يحكمونها، وهم لا يعترفون بوطن، وأرى انهم اكثر خطورة من السلفيين، فالسلفيون بينهم جزء جهادى خطر يدين بالتشدد، ولكن الباقى يعمل على الدعوة فقط بعيدا عن أهداف الخلافة، وأرى ان العلاج يتمثل فى روشتة مختصرة وهى دفع عجلة التنمية بنفس السرعة والوتيرة التى يسير عليها الرئيس عبد الفتاح السيسى بعمل المشروعات القومية الكبيرة، وقد شاهدنا كيف التف الشعب حول الرئيس ومشروع محور قناة السويس وتم جمع 64 مليار جنيه فى 4 أيام ثانيا محاربة البطالة ونشر التوعية بين الشباب، ثالثا إنفاذ قوة القانون ضد من يخرقون ويهددون أمن مصر، رابعا السير قدما فى باقى الاستحقاقات الديمقراطية، من انتخابات برلمانية.
وعبر هذه الروشتة، ستنجح مصر فى إجهاض مخططات كل الدول المتربصة بمصر، وستنجح فى تحقيق الأمن والاستقرار، وفساد خطط أمريكا التى تسعى لأن تأكل دول الشرق الأوسط بعضها البعض، فأمريكا هى التى خلقت طالبان وأسامة بن لادن، وأوجدت داعش، وساندت الإخوان، وكلها سلسلة فى حلقات تسعى لتقسيم الشرق الاوسط ودحره وتفكيكه.
ماتعليقك على الأصوات المطالبة باطلاق سراح جميع السجناء من الشباب الثورى لامتصاص الغضب الشعبى وانهاء الاحتقان؟
- يجب التفرقة أولا بين الشباب الثورى، والشباب المأجور الذى ركب الثورة وادعى البطولة، ويجب ايضا التفريق بين من لديه حماس حقيقى لأجل مصلحة وإصلاح هذا البلد، ومن يدعى ذلك لركوب الموجة، وقريبا سنسمع أخباراً جيدة حول الثوريين الحقيقيين من السجناء، وعلى هؤلاء أن يدركوا ان قانون التظاهر لم يكن مقصودا بها الثوار الشرفاء الحقيقيون، بل المدعون الدخلاء، الذين يأخذون من التظاهر غطاء لنشر الفوضى واللا أمن.
هل توجه كلمه أخيرة للمصريين فى احتفالات أكتوبر؟
- يهمنى أن أقول اننا فى حالة حرب قوية جدا، وان جنود الحرب هذه المرة هم الشعب وليس الجيش كما قال السيسى الذى أعطى التحية للشعب بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، وأطالب الشباب المثقف والبسيط بأن يدرك ويعى معنى الوطنية والانتماء، وأن يلتزموا الصبر قليلا وسيرون النتيجة، وأن يبادر كل مواطن بالابلاغ عن أى شخص يحاول تخريب البلد، فكلنا جنود.
بطاقة تعارف
تخرج في الكلية الحربية عام 1996 وبداخلة حلم الخلاص من مرارة هزيمة 67 واستعادة الكرامة المصرية، انضم لصفوف الجيش عقب تخرجه، شارك فى حرب الاستنزاف، وفى حرب 73، عايش الموت ونجا منه مئات المرات، وهو يرافق زملاءه فى سلاح الفرقة 19 وهم يستشهدون، فيحمل رفاتهم وقد سقطوا وهم يحملون رايات البطولة فى ساحة المعركة، كان ضمن قوات التمويه بسيناء، فى استراتيجية «الخداع» الكبرى التى خدع بها السادات العدو الصهيونى ليدفعه الى حالة الاسترخاء، ويقنعه باللاحرب، وكان لأسلوب عمله الدقيق المتميز المفعم بالذكاء، جواز مرور لاختياره للعمل بجهاز المخابرات عام 1976 وحتى 2010، بجانب تكليفه بمهام خطيرة وحساسة بأجهزة الدولة، والآن تفرغ لتسجيل أحداث الحرب وما قبلها، كخبير عاصر تلك الاحداث وشارك بها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.