وزير المالية: مستمرون فى الإصلاحات الهيكلية لتوسيع دور القطاع الخاص بالاقتصاد المصرى    الجيش الإسرائيلي يعلن قتل 10 فلسطينيين خلال عمليته المستمرة في مخيم نور شمس في الضفة الغربية    مصدر ليلا كورة: الزمالك يوفر طائرة خاصة لنقل فريقه لمواجهة دريمز في غانا    مدرب الزمالك يحاضر لاعبيه قبل مواجهة الترجي في بطولة أفريقيا لليد    كلاسيكو الأرض.. أنشيلوتي يعلن قائمة ريال مدريد لمواجهة برشلونة    اتحاد الكرة يستبعد إقامة ودية بين منتخبي مصر وفرنسا    بسبب السرعة الزائدة سقوط سيارة اليوتيوبر إسراء ركا من أعلى كوبرى الحرفيين ووفاتها    إصابة 7 أشخاص في حادث سير بطريق رأس غارب    الأوبرا تحكي حواديت صلاح جاهين على مسرح أوبرا دمنهور.. (تفاصيل)    مفتي الجمهورية: الاجتهاد الجماعي أصبح مبدأً لا يمكن الاستغناء عنه    التنورة والفلكلور الواحاتي في ختام برنامج التوعية التثقيفية بالوادي الجديد    مستشفيات جامعة أسيوط تستقبل 34 مصابا من أهالي غزة للعلاج    الصين: الاعتراف سريعًا بدولة فلسطين خطوة لتصحيح ظلم تاريخي طال أمده    6 معلومات عن رائد الفضاء محمد فارس بعد وفاته.. عمل مدربا للطيران    وزارة الدفاع الروسية تعلن عن خسائر فادحة للجيش الأوكراني خلال 24 ساعة    للاطمئنان على صحة الأنبا أبوللو.. وزير الأوقاف يزور مطرانية سيناء الجنوبية|صور    وكيل «مطروح الأزهرية» يتفقد فعاليات البرنامج التدريبي للشؤون الوظيفية    وزارة الري تستضيف مدير كلية الدفاع الوطني التنزاني    هدوء وانتظام في امتحانات النقل بالمراحل الإبتدائية والإعدادية الأزهرية.. صور    كلوب يدافع عن محمد صلاح بعد إهدار فرص سهلة أمام أتلانتا..هذا ما يفعله المهاجمون    وديعة البنك الأهلى.. كيف تحصل على عائد 2000 جنيه شهريًا؟    رئيس الوزراء: التعاقد مع شركات عالمية لإدارة وتشغيل ميناء دمياط    القصة الكاملة للعثور على طفلين بمفردهما داخل منزل بقرية دماط بالغربية.. صور    تفاصيل تهديد شاب لمدير سابق بماركت شهير بفيديوهات مخلة بالشرف    مؤسس «أمهات مصر» تعلن مطالب أولياء الأمور بشأن امتحانات الثانوية العامة    «الداخلية» حملات لمكافحة جرائم السرقات تضبط 17 متهمًا ب 4 محافظات    خطوات بسيطة للحصول على صحيفة الحالة الجنائية    جمعية رجال الأعمال المصريين تتعاون مع "تشجيانغ" لتشجيع التعاون الاستثمارى    ستروين C3.. أرخص هاتشباك أوروبية بعد التخفيضات    للمرة الأولى.. معهد إعداد القادة يستضيف اجتماع المجلس الأعلى لشئون التعليم والطلاب    شم النسيم 2024.. اعرف الموعد وسبب الاحتفال وقصة ارتباطه بعيد القيامة    5 ملايين جنيه إيرادات أفلام عيد الفطر خلال 24 ساعة.. «شقو» في الصدارة    حكم انفصال الزوجين بدون طلاق؟.. أمين الفتوى يجيب    تفاصيل استضافة محافظة جنوب سيناء للمسابقة العالمية للقرآن يوليو القادم| خاص    وزير الخارجية: جهود مكثفة من مصر لدعم غزة منذ اندلاع الحرب    هل يمكن لمريض السكر حقن إبرة الإنسولين من خلال الملابس ..الصحة تجيب    غذاء ودواء.. قنا تحصد إنتاج "أول قطفة" من عسل الشمر- صور    كشف وعلاج ل1300 حالة في 6 تخصصات طبية ضمن حياة كريمة ببني سويف    مخاطرة بحرب إقليمية.. هآرتس تنتقد الهجوم الإسرائيلي على إيران    محافظ الغربية يتفقد 12 مشروعا لحياة كريمة ورصف القرى بزفتى    واشنطن توافق على طلب النيجر بسحب قواتها من أراضيها    «يد الأهلي» يواجه أمل سكيكدة الجزائري بكأس الكؤوس    قرار عاجل من الحكومة بشأن خطة تخفيف الأحمال خلال احتفالات عيد القيامة    وفاة سيدة وإصابة طفلة في حريق منزل ببني سويف    القابضة للمياه: تحديث المخطط العام حتى 2052 لمواكبة الاحتياجات المستقبلية    إياد نصار: بحب الناس بتناديني في الشارع ب «رشيد الطيار»    مفاجأة.. سبب عدم مشاركة صلاح السعدني في مسرحية مدرسة المشاغبين    بالفيديو.. ناقد فني عن صلاح السعدني: ظنوه «أخرس» في أول أعماله لإتقانه الكبير للدور    37 شهيدا خلال آخر 24 ساعة مع استمرار قصف الاحتلال لقطاع غزة في اليوم ال 197 من الحرب    مدبولي: تكامل بين الدولة والقطاع الخاص لزيادة الصادرات إلى 145 مليار دولار    فضل الذكر: قوة الاستماع والتفكير في ذكر الله    بروتوكول تعاون بين جامعة طيبة وجهاز المدينة الجديدة لتبادل الخبرات    كيف أدعو الله بيقين؟ خطوات عملية لتعزيز الثقة بإجابة الدعاء    ناقد رياضي شهير ينتقد شيكابالا وتأثير مشاركاته مع الزمالك .. ماذا قال؟    خالد منتصر: ولادة التيار الإسلامي لحظة مؤلمة كلفت البلاد الكثير    سيف الدين الجزيري: مباراة دريمز الغاني المقبلة صعبة    أدعية الرزق: أهميتها وفوائدها وكيفية استخدامها في الحياة اليومية    مرض القدم السكري: الأعراض والعلاج والوقاية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الوفد» يفتح الصندوق الأسود لدور المخابرات فى «نصر أكتوبر»
اللواء أسامة همام: السادات اعتمد على المخابرات لتنفيذ خديعة "اللاحرب"
نشر في الوفد يوم 06 - 10 - 2014

نصر اكتوبر العظيم، هو ثمرة حصاد.. جهد وتعب وتضحية كل مصرى فى موقعه، قيادة، جيشاً، شعباً، فكل مصرى مهما كان دوره كبيرا أو صغيرا، شارك فى هذا النصر فى ملحمة تاريخية وشعبية رائعة لم ير العالم مثلها
لكن هناك دورا خفيا هاما وقويا لجهاز المخابرات المصرية فى تحقيق أسباب هذا النصر، بمحاربة وكشف عمليات الاختراق والتجسس ضد مصر، وأيضا التغلغل ما وراء صفوفهم العدو للاطلاع على اسرارهم وكشف قدراتهم العسكرية، وهو دور لا يتحدث عنه الاعلام كثيرا لسريته وحساسيته، لكن بعد مرور هذه السنوات على الحرب، يتم فتح جانب من الصندوق الأسود لمعرفة ما به اسرار، مع الاحتفاظ بالباقى، لأنها يجب ان تبقى دوما فى طى الكتمان لخطورتها والوفد فتحت مع اللواء أسامة همام وكيل المخابرات العامة السابق جانبا من الصندوق الأسود لدور المخابرات فى هذا التوقيت لتحقيق النصر، فهو رجل قضى 34 عاما يعمل فى هذا الجهاز الحساس وغيره من أجهزة الدولة السرية.
«تزاحمت بداخلى الأسئلة، بأيهما أبدأ معه، بذكرياته وبطولاته فى حرب أكتوبر الذى نعيش هذه الأيام احتفالات انتصاره للعام 41، ام بما سبق هذا النصر من هزيمة وحرب الاستنزاف، أم بجهاز الاستخبارات الذى أنتمى هو إليه على مدى 34 عاما، ودور هذا الجهاز فى الخروج من الهزيمة، أتحدث معه كضابط جيش، أم كرجل مخابرات كانت له عين صقر ترصد وانقضاضة ثعلب ماكر على الجواسيس والعملاء ليوقعهم فى شراك الأمن، وأخيراً فضلت التسلسل الزمنى وسألته عن مرحلة ما قبل العبور فقال:
- تعد حرب الاستنزاف من أصعب المراحل التى مر بها الجيش المصرى قبل الانتهاء من خطة العبور وتنفيذها، وتكبدنا أكبر الخسائر البشرية وذلك نظرا لعدم وجود غطاء جوى للجيش، بعد أن تم تدمير طائراتنا وهى فى قواعدها فى حرب 67، لذا كان السادات حريصا على بناء غطاء جوى بمساعدة روسيا وهو يخطط للحرب، وبدأنا التدريب على العبور منذ عام 1970، وعلى مدى السنوات الثلاث كنا نكرر نفس التدريب الى درجة ان بعض الجنود كاد يصيبهم الاحباط من التكرار وعدم تنفيذ العبور، وقد لا يصدق البعض ان هناك جنودا يوم العبور الحقيقى، اعتقدوا اننا لا نزال فى مشروع التدريب، وسألنى احدهم فى ضيق، متى ينتهى هذا المشروع، وتفاجأ بأننا فى حرب حقيقية وأننا نعبر قناة السويس ونضرب خطوط العدو، الى هذه الدرجة كان جنودنا قد تم اعدادهم بقوة وصبر لتحقيق هذا الانتصار العظيم، فحرب أكتوبر هى أهم وأكبر حرب حقيقية قوية عرفها التاريخ المصرى والعربى ضد اسرائيل.
ما الدور الذى لعبته المخابرات فى مرحلة الاستنزاف وحتى لحظة العبور لتحقيق النصر؟
- لعبت دوراً خطيراً فى اختراق ما وراء صفوف العدو، وفى المشاركة بعمليات الخداع والتمويه، ليصل العدو إلى مرحلة الاسترخاء وتصديق حالة اللاحرب، بأن مصر لن تحارب، وأن السادات يطلق مجرد أقاويل وتهديدات كل فترة بأن الحرب قادمة دون تنفيذ، ولعبت المخابرات دورا عظيماً فى كشف اخطر جاسوسة مصرية وهى هبة سليم، والتى تم تجنيدها من قبل الموساد أثناء دراستها بالعاصمة الفرنسية باريس، كما تم كشف شريكها فى خيانة مصر المقدم مهندس صاعقة فاروق عبدالحميد الفقي، والذي كان يشغل منصب مدير مكتب قائد سلاح الصاعقة، فقد قامت هبة باستغلال خطيبها لتسريب معلومات عسكرية حساسة عن بناء قواعد الصواريخ المصرية، والتى كان السادات يعمل على بنائها لتحقيق الغطاء الجوى لقواتنا تمهيدا لدخول الحرب، وكلما اوشكت قواتنا على الانتهاء من بناء القواعد، كانت الطائرات الاسرائيلية تقوم بشن ضربات فجائية لضربها، وتسببت الخائنة هبة سليم فى ارجاء موعد العبور اكثر من مره تصل اجمالا الى عام، بسبب ما سربته من معلومات وما سببته من اضرار على قواتنا واستعداداتنا العسكرية.
ولم تركها جهاز المخابرات حتى أكملت تلك المرحلة الخطرة من تسريب المعلومات؟
- لم يتم تركها، بل كانت مرصودة، إلا أن عمل جهاز المخابرات يعتمد على الصبر أولا، للايقاع بالشبكة كاملة من عناصر التجسس، ولكن فى حالة هبة سليم، اضطر السادات إلى اصدار قرار بالقبض عليها، دون الانتظار أكثر من ذلك للوصول الى باقى أعضاء الشبكة، وتم استدراجها الى ليبيا، وليس تونس كما يروج الفيلم السينمائى الذى تناول قصتها «الصعود الى الهاوية» واستدرجت بزعم أن والدها الذى يعمل فى ليبيا مريض، وذلك لنقلها الى بلد عربى يمكن من خلاله اعادتها الى مصر، وبالفعل تم المخطط، وعندما وصلت لمطار ليبيا تم نقلها مباشرة الى طائرة مصر للطيران، واعادتها الى مصر ومحاكمتها وإعدامها، لتفويت الفرصة على اسرائيل للمطالبة بها او المقايضة بها حيث طالبت جولدا مائير بنفسها بمبادلتها، فقد أضرت هذه الجاسوسة بمصر ضررا خطيرا، لدرجة أن طلبة الدفاع الجوى الاسرائيلى كانوا يتدربون على ضرب قواعد الصواريخ المصرية، لسهولة الأهداف بناء على المعلومات الدقيقة التى تم تسليمها لهم من هبة.
هل كان للمخابرات المصرية فى عهد عبد الناصر دور فى حدوث الهزيمة؟
- نعم.. بالطبع، المخابرات رغم انها كانت تحت قيادة رجل قوى من أفضل رجال المخابرات فى التصنيف العالمى هو صلاح نصر، والذى قام بتأسيس جهاز المخابرات، إلا أن حرب أجهزة المخابرات الغربية والاسرائيلية كانت قوية لاستهداف مصر بعد ثورة 23 يوليو والاطاحة بالملكية، فتسببت التقارير الخاطئة فى عدم انذار القيادة العسكرية بالاستعدادات الاسرائيلية لمحاربتنا، بجانب التقارير الوهمية الكاذبة التى كان يتم الترويج لها واذاعتها عن انتصاراتنا فى الحرب ونحن نتكبد الهزيمة وتمكنت اسرائيل من اختراقنا بالجواسيس والعملاء وأجهزة الرصد، حتى إنهم تمكنوا عبر عملائهم من سرقة الشفرات التى تتعامل بها الوحدات العسكرية، وتدخلوا فى الشفرات لاصدار الأوامر للجنود فى الوحدات للتحرك هنا أو هناك، ليتمكنوا من ضربهم واصطيادهم، بجانب أجهزة التشويش على مراكز اصدار الأوامر داخل قيادات الجيش، حتى لا تصل الأوامر واضحة أو يتم تحويلها.
ولكننا تمكنا قبيل حرب 73 من تدمير أجهزة التشويش الاسرائيلية وأجهزة التقاط الاشارات.
هل كانت فترة حرب الاستنزاف من اخطر فترات اختراقنا أمنيا من خلال زرع شبكات الجواسيس والعملاء من قبل اسرائيل؟
- نعم كانت فترة خطيرة تم خلالها اختراقنا، بقوة، حتى انه من المفارقات ان رجل الشاى الذى كان يقدم الشاى للجنود فى قواعد بناء الصواريخ الاسمنتية كان عميلا لاسرائيل، غير أن جهاز الاستخبارات المصرى كان قد تم دعمه وتقويته، وكان الرئيس الراحل انور السادات يعتمد عليه ويثق به لامداده بالمعلومات والتقارير، والتى على أساسها كان يبنى قراراته بعد التفكير المتروى بها وتقييمها، وتمكن جهاز المخابرات من الوصول واستطلاع ما خلف خطوط العدو، والحصول على ادق التفاصيل حول مدى قوتهم، سلاحهم، تدريباتهم، المصاطب والساتر الترابى، عدد المدرعات وتشكيلاتهم، نوع النابالم الفسفورى الذى كان يمكنه تحويل مياه القناة الى نيران فى لحظات، الخنادق والقواعد العسكرية الخفية، ومدى قدرة جنودهم على الصمود داخل هذه الخنادق، واكتشفنا انه يمكنهم البقاء داخل الخندق أكثر من 6 ايام لوجود حالة من الاكتفاء الذاتى من طعام وشراب وكافة احتياجاتهم، وكل هذا ساهم فى الاستعداد الكامل للحرب.
لاتزال أجهزة الاستخبارات الاسرائيلية حتى الآن تتعجب من كيفية حدوث الحرب عليهم دون إنذار مسبق من عملائهم أو قادة الجهاز.. فما السبب؟
- السبب هو استراتيجية الخداع التى وضعها جهاز الاستخبارات ودعمها السادات بمكره، فقد كان جنودنا قبيل بدء الحرب بدقائق يبدون فى مشهد استرخاء، يغسلون ملابسهم فى هدوء و«يمصون» القصب، وكانت عمليات التدريب المتكررة على الحرب قد أفقدت جنودنا انفسهم الثقة فى امكانية حدوث حرب حقيقية، وأغلبهم لم يعرف انه فى حرب حقيقة يوم العبور الا الساعة الثانية وخمس دقائق، بما فى ذلك جنود الاحتياط الذين تم استدعاؤهم، وبينهم جنود مر على تجنيدهم 10 سنوات، وتم الاستدعاء بزعم انهم سيتلقون بعض التدريبات حفاظا على سرية خطة الحرب، والرائع انه كان مقدرا استشهاد 90% من الفرق الاولى التى عبرت القناة، ولكن الحمد لله لم يستشهد منا إلا نسبة صغيرة بالمقارنة بالمتوقع.
ماذا كان دورك يوم العبور، وما ذكرياتك؟
- كنت عند الكيلو 19 ضمن القوات المتواجدة فى سيناء تحت قيادة يوسف عفيفى، والذى سلم القيادة فيما بعد للقائد حشمت جاد وكنت بالصفوف المتقدمة، وتمكنت الساعات الاولى من الحرب من اسقاط طائرة للعدو واسر الطيار، وكنت أتمنى من اعماقى قتله، ولكن احتراما للمواثيق الدولية التى تقضى بحسن معاملة الاسير، وجدتنى اقدم له الماء عندما طلب ذلك، وكانت حياته تساوى بالمقابل حياة ضابط او جندى من جنودنا ممن وقعوا فى الأسر، لذا كانت حياته تساوى الكثير لدى، كما ان الطيار لدى اسرائيل يساوى الكثير. وأذكر بطولة أحد جنودنا الذى لم يجد مفرا من تفجير احدى دبابات العدو سوى ان يصعد بنفسه حاملا القنبلة، ليضعها فى فوهة الدبابة، وينفجر هو معها مضحيا بنفسه من أجل تكبيد اسرائيل خسائر فى الجنود والمعدات، بالفعل دمر الدبابة، وهناك صائد الدبابات، وصائد الطائرات، وأذكر ايضا اننى تسببت دون قصد فى انقاذ حياة جندى من أبنائنا، كان قد طلب راحة بضع ساعات ليذهب وينام فى خندق مجاور، ورفضت لوجود مهام عسكرية تتطلب وجوده بعض الوقت، وحين وافقت على ساعات لراحته، توجه للخندق، لكنه عاد جريا ووجدته يحتضننى وهو يبكى، ويخبرنى بأن العدو قصف الخندق وكل ما به استشهد، وإننى كنت سببا فى انقاذ حياتنه بتأجيل موعد راحته بضع ساعات.
قال السادات فى خطابه يوم 16 بعد العبور أنه كان يحارب أمريكا.. كيف ذلك؟
- كانت أمريكا وراء امداد اسرائيل بأحدث القنابل والصواريخ والقذائف، وكانت القنابل العادية التى تستخدمها اسرائيل نقوم بتجنب أخطارها وخسائرها، عبر حفر حُفر فى الأرض لتكون مخابئ لكل ضابط أو جندى، حتى إن القائد يوسف عفيفى حفر حفرته البرميلية بنفسه، ورفض ان يساعده فيها الجنود، وكانت هذه الحفر تحجم مدى احداثيات الخطورة التى تسببها القنابل العادية.
ولكن فوجئنا بنوع جديد من القنابل التى عرفت باسم قنابل «البلى»، وفيها القنبلة تزن الف رطل، وحين تسقط على الأرض تنقسم لأكثر من قنبلة، والقنبلة حين ترتطم بالأرض تنقسم إلى بلى حديد يصيب اهدافه فى مقتل، ويخترق الحفر، واكتشفنا أن أمريكا أرسلت طائرة استطلاع، واطلعت على كل الخرائط لمصر من الجو، ورصدوا وجود نقاط صغيرة فى سيناء، وعرفوا انها نقاط الحفر البرميلية التى يختبئ بها أفراد قواتنا لتسديد ضرباتهم للطائرات الاسرائيلية وحماية انفسهم، فقامت بضرب هذه النقاط بقنابل البلى.
كما أمدتهم أمريكا بمدرعات ودبابات عبر انزالها من حاملة طائرات، واكتشفنا ذلك بأسر عدد من الدبابات، ووجدناها مؤشرها يشير الى سيرها مسافة 50 كيلو متراً فقط حتى وصلت سيناء، وهذا مستحيل أن تكون تلك هى مسافتها من اسرائيل إلى سيناء، وهو ما يؤكد انه تم إنزالها من حاملات أمريكية بالقرب من سيناء.
ما الفارق فى عمل وقوة جهاز المخابرات فى عهد رؤساء مصر السابقين جمال عبد الناصر، السادات، مبارك، مرسي، والآن؟
- عهد عبد الناصر يشبه العهد الذى نعيشه الآن من محاولات العديد من أجهزة استخبارات العالم اختراق مصر، فقد كانت مصر تتغير وتسير لمرحلة سياسية واجتماعية جديدة، وكان صلاح نصر مؤسس جهاز المخابرات من أقوى الرجال فى هذا المجال حتى أمام أكبر رجال الاستخبارات العالمية، لكن الضغوط والتحديات كانت كبيرة، حالة الدولة فى الداخل، القوى الكبرى حول مصر، الحروب من الداخل والخارج، وقد استخدم صلاح نصر كل أسلحة المخابرات المتعارف عليها فى حينه، لكن للأسف حدثت اختراقات كبيرة وهائلة لمصر فى تلك الفترة، وهذه الاختراقات كانت من ضمن عوامل هزيمة 67، فقد تمكنت اسرائيل من اختراق العديد من أجهزة الدولة، لدرجة فك شفرات ورموز الوحدات العسكرية، والتحكم فى الأوامر التى تصدر عبر هذه الشفرات، وتحويلها لصالحهم لضرب القوات المصرية.
فى مرحلة السادات كان جهاز المخابرات قد بدأ فى التعافى، وعمل السادات على تقويته وتغذيته بأفضل الرجال والخبرات والأجهزة الحديثة، واعتمد السادات على المخابرات فى القيام بدور الخديعة الكبرى، لإقناع العدو بأن مصر ليس لديها القدرة على الحرب، وبعمل مناورات منحت العدو حالة من الاسترخاء والاطمئنان، ولم يقتصر دور جهاز المخابرات على رصد العملاء واحباط عمليات التجسس أو دس العملاء ونقل اخبار العدو وكشف أسرارهم، بل أيضا لعمل لوبى دولى فى العالم والتغلغل فى المنظمات الدولية لايجاد مكان لشخصيات مصرية فى هذه المؤسسات والمنظمات، ليكون لهم قوة التأثير الدولى ونقل صوت مصر فى المحافل.
فى مرحلة مبارك، تم أيضا تطوير الجهاز بصورة أكبر، وأنا فى رأيى أن مبارك كان يقدر قيمة هذا الجهاز وأهميته على المستوى المحلى والدولى أكثر من عبد الناصر والسادات، فمنذ ان كان نائبا للرئيس، كان حينها مسئول مجلس الأمن القومى، وعلى صلة بالمخابرات العامة، وعندما تولى الرئاسة، اعتمد على المخابرات كثيراً، وتم فى عهده الايقاع بالعديد من الجواسيس.
مرحلة مرسى، هى من أسوأ العهود التى عاشها جهاز المخابرات، فقد حدد هو بنفسه مطالبه من الجهاز، وعانى الجهاز من التهميش والسلبية، وساعد مرسى فى اختراق مصر بالجواسيس والعملاء، بالسماح بالارهابيين العائدين من أفغانستان دخول مصر، وباطلاق سراح الارهابيين المسجونين، وساوى بين حياة خاطفى الجنود فى رفح وبين الجنود البواسل أنفسهم.
والآن تبذل المخابرات فى عهد السيسى كل جهودها لتنظيف «القذارة» التى خلفتها مرحلة مرسى، والجهاز الآن أقوى من كل أجهزة مخابرات العالم مجتمعة، لأنه يتحرك فى اكثر من جهة فى جانب واحد، كشف مخططات ومؤامرات تستهدف تخريب مصر ونشر الفوضى، كشف الاختراقات وخطط الارهابيين، تغيير المفهوم العالمى الخاطئ حول ثورة 30 يونيو.
من هم أخطر جواسيس كشفتهم المخابرات بعد الثورتين 25 يناير و30 يونيو؟
- الجاسوس الاسرائيلى إيلان جرابيل، والذى حاول اختراق صفوف المصريين والمساجد بزعم أنه أسلم حديثا، وحصل على ثقة اعلاميين وساسة، وساعد فى ضرب قسم الأزبكية، وكان متمكنا من عمله لإتقانه اللغة العربية.
وهناك الجاسوسان الألمانى والنمساوى، وتم ضبطهما يهربان تليسكوبات وبنادق متطورة خطيرة بالمطار، وتم التعامل مع القضية كتهريب جمركى، لتلاشى الاثارة الدولية، وأيضا الجاسوس الكرواتى الذى تم ضبطه فى الغردقة وبحوزته بنادق صيد تحت الماء، وكان قد دخل لمصر من ايلات.
كيف يمكن رصد تطور اشكال التجسس حديثا؟
- نحن الآن نواجه الجيل الرابع مع الجاسوسية، عبر جيش الدفاع الالكترونى، فشبكات التواصل الاجتماعى يمكن من خلالها التجسس وقياس ومعرفة توجهات الأشخاص ومعرفة أدق أسرارهم، ورسائلهم الخاصة، وهناك برنامج «تروكول» الذى يتم من خلاله الوصول الى الشخص ومعرفة كل المعلومات المتعلقة به، وهناك «الفايبر» الذى يتم رصد كل ما يدور فى مكالماته، ويمكن عبر الجاسوس الالكترونى التجسس على كل الوزارات والمؤسسات بالدولة، من خلال شبكات الانترنت، لذا أنصح هذه الجهات باستخدام وسائط العمل السلكية، وعدم ربط أجهزة الكمبيوتر بشبكات الانترنت لحمايتها من الاختراق.
كما تتجسس اسرائيل على المصريين عبر التقاط الاشارات من برج تقوية شبكات الاتصال وهو برج موجود على الحدود مع اسرائيل، وايضا عبر شرائح شركة «أورانج» الاسرائيلية المنتشرة بين بدو سيناء، وكل هذه اسباب تسهل التجسس علينا ورصدنا ويجب اغلاق هذه الثغرات أمنيا.
تكرار الهجمات الارهابية على نقاط الجيش والشرطة يشير الى وجود خلل فى الوقاية والتعاطى مع هذه التهديدات، كيف يمكن علاج ذلك؟
- لا أعتبر ان سبب ذلك وجود خلل أمنى، المشكلة أن من ينفذون هذه العمليات ليسوا جهة واحدة، فكما سبق الاشارة نحن مستهدفون من أكثر من عدو وأكثر من دولة، والإخوان ينفذون بعض العمليات، جماعات وجهات أخرى تنفذ عمليات تحت ستار الإخوان أو متمسحة بهم، لكن عمليات الجيش فى سيناء نجحت فى تجفيف 90% من البؤر الارهابية وايضا فى هدم الأنفاق، والتى كانت سببا رئيسيا فى الهجمات الارهابية وفى تهريب السلاح لمصر عبرها، بجانب تهريب السلاح عبر الحدود الليبية.
واذا كان قد تم القضاء على 90% من البؤر الارهابية، فالمتبقى أيضا خطير، ويجب التعامل معه بقوه وحزم.
تم هدم كثير من الأنفاق، لكنّ أنفاقا اخرى يتم حفرها مجددا، كيف نواجه ذلك؟
- فى رأيى وقد يخالفنى البعض، الحل الجذرى للأنفاق، هو أن يتم ازاحة السكان فى سيناء لمسافة 5 كيلومترات على الأقل بعيدا عن الحدود، على أن تنتشر قوات مصرية للتأمين من المنطقة «ج» الى هذه المنطقة التى سيتم إزاحة السكان عنها، وبالتالى سيصعب حفر الأنفاق على الحدود مجددا بين سيناء وغزة، وسيتم السيطرة على رفح أمنيا.
تتضارب المعلومات حول وجود ما يسمى بجيش «مصر الحر» فى ليبيا لعمل ميليشات لاستهداف مصر، ما معلوماتكم؟
- هذا الجيش موجود، ولكنه ليس كما يصوره البعض كفزاعة لارهاب مصر، فعدد عناصر لا يتجاوز 100 شخص، وأجهزة الأمن المصرية تترصده بدقة، ولن تسمح له باختراق مصر أو استهدافها، ويتم استقطاب العمال المصريين اليه بزعم العمل مقابل الف دولار فى الشهر يتم ارسالها لأسرته فى مصر، وكثير من المصريين «الغلابة» رفضوا الانضمام إليه بعد ان تم استدراجهم لليبيا، وعادوا لمصر، وأبلغوا بما يحدث.
هل تعتقد ان المصالحة مع الاخوان يمكن ان تؤدى لتراجع الارهاب وتساعد على مزيد من الاستقرار؟
- فى رأيى الشخصى لا تصالح مع الاخوان، المصالحة لن تجدى معهم نفعا لان لديهم مخططا يفوق الارهاب وغيره، يرغبون فى دولة للخلافة يحكمونها، وهم لا يعترفون بوطن، وأرى انهم اكثر خطورة من السلفيين، فالسلفيون بينهم جزء جهادى خطر يدين بالتشدد، ولكن الباقى يعمل على الدعوة فقط بعيدا عن أهداف الخلافة، وأرى ان العلاج يتمثل فى روشتة مختصرة وهى دفع عجلة التنمية بنفس السرعة والوتيرة التى يسير عليها الرئيس عبد الفتاح السيسى بعمل المشروعات القومية الكبيرة، وقد شاهدنا كيف التف الشعب حول الرئيس ومشروع محور قناة السويس وتم جمع 64 مليار جنيه فى 4 أيام ثانيا محاربة البطالة ونشر التوعية بين الشباب، ثالثا إنفاذ قوة القانون ضد من يخرقون ويهددون أمن مصر، رابعا السير قدما فى باقى الاستحقاقات الديمقراطية، من انتخابات برلمانية.
وعبر هذه الروشتة، ستنجح مصر فى إجهاض مخططات كل الدول المتربصة بمصر، وستنجح فى تحقيق الأمن والاستقرار، وفساد خطط أمريكا التى تسعى لأن تأكل دول الشرق الأوسط بعضها البعض، فأمريكا هى التى خلقت طالبان وأسامة بن لادن، وأوجدت داعش، وساندت الإخوان، وكلها سلسلة فى حلقات تسعى لتقسيم الشرق الاوسط ودحره وتفكيكه.
ماتعليقك على الأصوات المطالبة باطلاق سراح جميع السجناء من الشباب الثورى لامتصاص الغضب الشعبى وانهاء الاحتقان؟
- يجب التفرقة أولا بين الشباب الثورى، والشباب المأجور الذى ركب الثورة وادعى البطولة، ويجب ايضا التفريق بين من لديه حماس حقيقى لأجل مصلحة وإصلاح هذا البلد، ومن يدعى ذلك لركوب الموجة، وقريبا سنسمع أخباراً جيدة حول الثوريين الحقيقيين من السجناء، وعلى هؤلاء أن يدركوا ان قانون التظاهر لم يكن مقصودا بها الثوار الشرفاء الحقيقيون، بل المدعون الدخلاء، الذين يأخذون من التظاهر غطاء لنشر الفوضى واللا أمن.
هل توجه كلمه أخيرة للمصريين فى احتفالات أكتوبر؟
- يهمنى أن أقول اننا فى حالة حرب قوية جدا، وان جنود الحرب هذه المرة هم الشعب وليس الجيش كما قال السيسى الذى أعطى التحية للشعب بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، وأطالب الشباب المثقف والبسيط بأن يدرك ويعى معنى الوطنية والانتماء، وأن يلتزموا الصبر قليلا وسيرون النتيجة، وأن يبادر كل مواطن بالابلاغ عن أى شخص يحاول تخريب البلد، فكلنا جنود.
بطاقة تعارف
تخرج في الكلية الحربية عام 1996 وبداخلة حلم الخلاص من مرارة هزيمة 67 واستعادة الكرامة المصرية، انضم لصفوف الجيش عقب تخرجه، شارك فى حرب الاستنزاف، وفى حرب 73، عايش الموت ونجا منه مئات المرات، وهو يرافق زملاءه فى سلاح الفرقة 19 وهم يستشهدون، فيحمل رفاتهم وقد سقطوا وهم يحملون رايات البطولة فى ساحة المعركة، كان ضمن قوات التمويه بسيناء، فى استراتيجية «الخداع» الكبرى التى خدع بها السادات العدو الصهيونى ليدفعه الى حالة الاسترخاء، ويقنعه باللاحرب، وكان لأسلوب عمله الدقيق المتميز المفعم بالذكاء، جواز مرور لاختياره للعمل بجهاز المخابرات عام 1976 وحتى 2010، بجانب تكليفه بمهام خطيرة وحساسة بأجهزة الدولة، والآن تفرغ لتسجيل أحداث الحرب وما قبلها، كخبير عاصر تلك الاحداث وشارك بها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.