شاءت الأقدار أن يكون «موقع مصر العبقري» كما قال أستاذنا جمال حمدان سبب حروب لأرضها وشعبها العظيم الذي قال عنه الرسول الكريم محمد صلي الله عليه وسلم شعب مصر في رباط الي اليوم الدين. ففي عام 1956 بعد قيام الزعيم جمال عبدالناصر بتأميم قناة السويس، قامت انجلترا وفرنسا وإسرائيل بالعدوان الثلاثي علي مصر، ذلك العدوان الغاشم الذي كان لشعب مصر الباسل الدور الأساسي في التصدي له في البداية الي جانب الدور القوي لكل من الولاياتالمتحدةالأمريكيةوروسيا «الاتحاد السوفييتي سابقا» بإطلاق الإنذار الروسي الأمريكي للدول الثلاث للخروج من مصر، وقد تم وخرجت بالفعل تلك الدول الثلاث المعتدية،وكان هذا أيضا بمثابة الإعلان الرسمي عن سقوط الإمبراطورية الإنجليزية والفرنسية وبداية الإمبراطورية الأمريكية وقوي أخري منافسة لها ممثلة في روسيا «الاتحاد السوڤييتي» آنذاك. وفي السادس من أغسطس هذا العام 2014 قام الرئيس عبدالفتاح السيسي بالإعلان عن«مشروع قناة السويس الجديدة» وهو عبارة عن ممر ملاحي يحاذي الممر الملاحي الحالي منها 35 كيلوا مترا حفرا جافا ونحو 37 كيلو مترا توسعة وتعميقا لأجزاء من المجري القديم للقناة، بجانب إنشاء 6 أنفاق لسيناء تمر أسفل القناة، هذا المشروع الوطني العملاق وما يتبعه من مشاريع أخري: مناطق حرة وأنفاق تحت القناة ومطارات وموانئ ومناطق ترانزيت للسفن، ومنتجعات سياحية واستصلاح أراض تبلغ حوالي أربعة ملايين فدان و... و... كل ذلك سيغير حتما من ملامح ومعالم المنطقة المستقبلية، حيث سيؤدي لخلق مجتمعات جديدة وتحويل المنطقة الصحراوية الي منطقة شديدة الحيوية لتصبح محط أنظار الشرق والغرب، الشمال والجنوب وذلك أيضا لموقعها الاستراتيجي شديد التميز والتفرد وبعدها التاريخي، ومكانتها الخالدة. وتجب الإشادة هنا بالدور الذي قام به المصريون من جمع للأموال اللازمة لهذا المشروع في فترة زمنية قصيرة وهو أيضا أكبر دليل علي مدي وعيهم لأهمية وقيمة هذا المشروع العظيم، وأن ما حدث كذلك هو رسالة للجميع أن هذا الشعب مهما مرت عليه المحن ومهما عاني فهو دائما يفاجئ العالم بدروس في التاريخ وأيضا في الجغرافيا، وها هو من جديد يبدأ في رسم المستقبل الواعد الذي يستحقه الإنسان المصري الذي رسم للبشرية تاريخ التقدم وسيظل إن شاء الله. ما سبق يبشرنا بالخير ويحفزنا علي العمل والإنجاز ويطمئننا علي مستقبلنا فيظل قيادتنا الحالية الواعية والحكيمة، ولكن يجب ألا تسرقنا فرحتنا وننسي أننا في حالة حرب ضروس مع الإرهاب، وليس مع الإرهاب فقط حيث إننا من المتوقع أن نواجه أنواعا أخري من الحروب كنتيجة للمضي قدما في تنفيذ مشروعنا الوطني الجديد،وما سيحققه هذا المشروع من مكاسب حيث إنه سيزيد من القيمة المضافة لمصر علي المستويين الاستراتيجي والاقتصادي. إن ما نعيشه يوميا من الإرهاب المنظم هو من عمل أجهزة مخابرات دول بعينها نعلمها جيدا وهذه الأجهزة تحتاج الي تجنيد أعضاء مدربين لها، وسلاح، ومعلومات، وتمويل مالي وكل ذلك من أجل تنفيذ مخططها في الدول المستهدفة والتي منها مصرنا وبلادنا العزيزة بالطبع، وهذا النوع من الحروب يطلق عليه اسم الحرب بالوكالة، هذا بخلاف الحرب الاستباقية كما يدعون، وحرب المياه والحرب الاقتصادية والحرب النفسية والحرب السياسية طبعا وقد زادت احتمالات إصرارهم علي المضي قدما في هذه المخططات وتلك الأنواع من الحروب المستهدفة للبلاد خاصة بعد تنفيذ الجزء الأكبر من خارطة الطريق «وذلك بإصدار الدستور وانتخاب رئيس للجمهورية»، هذا علي الصعيد السياسي أما علي الصعيدين الاقتصادي والتنموي فمشروع قناة السويس الجديدة يعد هو بداية للإصلاح الداخلي والتنمية الاقتصادية وبالتالي بداية لعصر جديد نشعر فيه نحن المصريون بالفخر، ويشعر فيه أعداؤنا بالقلق. لقد اختار الله سبحانه وتعالي لبلادنا هذا التوقيت لكي يخرج لنا القيادة الحالية الوطنية الواعية، وذلك من رداء نظام لا شك في فساده، ويبدو أن خطأ النظام السابق سيقودنا الي المستقبل الذي نرجوه جميعا لأنفسنا. فهل نحن مدركون أن بلادنا في حالة حرب مع الإرهاب؟وهل نحن واعون أننا حتما سنواجه أنواعا أخري من الحروب لعرقلة مضينا قدما في استكمال مشروعنا العظيم؟ وهل نحن جميعا نعي معني القوة التي لا يستطيع معها الآخر أن يتجرأ علينا؟ وبالرغم من طرحي تلك التساؤلات المهمة وغيرها مما يجول بخاطري إلا أنه يملؤني يقينا وثقة بأن الشعب المصري قادر علي كشف واستيعاب تلك المخططات، والقيادة السياسية لها من الذكاء والوعي ما يؤهلها لمواجهة تلك الحروب. الاستعداد واجب وطني مقدس لكل مواطن.