لا شك أن تسمية الأممالمتحدة لدولة الكويت مركزا إنسانيا عالميا، وأمير دولة الكويت قائدا للعمل الإنساني هو تقدير واعتراف عالمي بالدور الإنساني الذي قامت به دولة الكويت في مختلف الأعمال الإنسانية علي مستوي العالم، فالتسمية ليست حدثا عابرا، أو خبرا عن تبرع كويتي لحقه جائزة عالمية، بل هي نتاج مسئولية كبيرة حملتها دولة الكويت علي مدار العقود الماضية، فما من مبادرة إنسانية إلا وسبقها نزاع وحرب أو كارثة طبيعية. ولكن، كيف نعمل علي تعزيز المكانة الكويتية عالميا؟ وذلك بعد وضع هذه المكانة في الإطار الصحيح وبالتزامن مع أحداث منطقتي الشرق الأوسط العربي وأفريقيا كما هل يمكن أن تسهم الكويت عبر قيادتها للإنسانية العالمية بجديد يصب في مصلحة الأمن القومي العربي والأفريقي المشترك؟ فالكويت مركز عالمي للإنسانية حدث مهم، يشير الي توجه المجتمع الدولي لبناء شراكة مع الكويت في الشئون الإنسانية علي المستوي العالمي ولا سيما أن حيادية التدخل الكويتي في الأزمات الإنسانية له دور توافقي بين أعضاء المجتمع الدولي علي تنصيب أمير دولة الكويت قائدا للعمل الإنساني وانطلاقا من بلاده الكويت. وما نفهمه وضمن الإطار الصحيح لهذه المكانة، أن التسمية شهادة عالمية، وأشبه ما تكون بمنح دولة الكويت بعض الصلاحيات في إدارة الأزمات الإنسانية خاصة في منطقتي الشرق الأوسط وأفريقيا، بحكم الأولوية الجغرافية. فالأزمة الإنسانية هي نتاج لأزمات سياسية، وعادة لا تنحصر الأزمة الإنسانية إلا بعد خلع أو تغيير نظام سياسي بعينه، والحاصلة النهائية هو تأخر عجلة التنمية في الوسط المنكوب لعقود من الزمن. وعليه لابد من التوافق علي أن تأكيد أمير دولة الكويت أن بلاده دعمت الإنسانية في العالم بدون شروط هو أمر لا يتنافي مع منح الإدارة الكويتية إدارة الأزمات الإنسانية، فحضور الدولة الكويتية في بداية الأزمة السياسية وفق منهجها المحايد قد يكون نتاجه تفادي الأزمة الإنسانية، لتحقق الكويت أسمي درجات الدعم الإنساني، دون وقوع الوسط المنكوب رهينة التدخلات الخارجية بذريعة حماية حقوق الإنسان. وعلي الصعيد العربي فخطر التقسيم يواجه بعض بلدان العرب كالعراق وسوريا واليمن، وكذلك ليبيا، بذريعة حقوق الأقليات وخطر تغيير السياسات الداخلية يواجه بعض دول الخليج العربي بذريعة ملف العمالة الوافدة وكلتا الحالتين تقع ضمن نطاق الأزمات الإنسانية، وليس بعيدا عن عمق الأمن القومي العربي في الجوار الأفريقي فخطر الإرهاب هو أكثر ما سوف يواجهه الأفارقة في المرحلة المقبلة. ومع ذلك، ليس المطلوب من دولة الكويت أن ترهق من أمرها عسرا، أو تدور حول نفسها في حلقة مشبعة بأخطاء الآخرين، وأيضا لا يعني وصول الكويت الي هذه المرحلة العالمية دون تعزيز ذلك علي المستوي العربي الأفريقي، لتنطلق الكويت الي العالم حاملة أهم وأخطر ملفات المنطقة العربية خاصة وهي إدارة الأزمات الإنسانية، وبما فيها ملفات حقوق الإنسان والأقليات. وما هو المطلوب من العرب وقبل الكويت، الاعتراف بحيادية الإدارة الكويتية حيال الأزمات العربية القائمة، والتوافق علي إدارتها للأزمات الإنسانية ومنها الطائفية، والبدء بجعل الوسط الكويتي نموذجا له الأولوية والأفضلية لعلاج الأزمات الإنسانية عبر حلوله للخلافات السياسية. وما هو المطلوب من دولة الكويت رسم صورة جديدة تعزز فيها الحيادية من خلال مواقفها تجاه الأزمات الإنسانية وجعل القرار السياسي من أجل خدمة البشرية الإنسانية. بالإضافة الي صقل القضايا العربية والأفريقية، ولا سيما القضية الفلسطينية ضمن الإطار الإنساني، وإبراز ذلك في صناعة القرار السياسي، فالكويت تحمل مسئولية تلزمها العمل علي رصد القضايا الإنسانية، والمشاركة في فعاليات المجتمع الدولي من خلال إعداد التقارير الخاصة حول الشأن العربي والأفريقي دون الحاجة للوسيط غير العربي. كما توفر دولة الكويت ملحقيات إنسانية بكافة هيئاتها الدبلوماسية في العالم، من أجل تعزيز مكانتها عالميا، وتثبيت إدارتها دوليا، لتكون دولة الكويت هي الوسيلة الحقيقية للعرب لمنع أي تدخل خارجي تحت أي مسميات. كاتب عربي