تحتفل ليبيا اليوم بذكرى استشهاد أسد الصحراء عمر المختار الذي قاد حركة الجهاد الإسلامي في ليبيا ضد الاحتلال الإيطالي الغاشم الذي استولي على ليبيا سنة (1329ه/ 1911م) و هو ما أعتبره الليبين قائد المجاهدين الثائر والقائد الفذ، أمير الجهاد الليبي ضد الاحتلال الإيطالى، و يعد من أهم أسباب تحرر ليبيا من الإحتلال الإيطالى. هو عمر بن مختار بن عمر المنفي، الملقب بأسد الصحراء، ولد في البطنان ببرقة سنة 1275ه وينتمي إلى قبيلة "منفة" التي تتنقل في بادية برقة، وتلقى علومه الأولية والدينية في الزوايا السنوسية في صحراء "جغبوب" وأنضم كعادة أهل ليبيا إلى الحركة السنوسية، وهي حركة صوفية شديدة الشبه بالدعوة السلفية.
حصد عمر المختار انتباه شيوخه في صباه، فهو اليتيم اليافع، الذي شجع الناس وحثهم على العطف على أمثاله كي تخفف عنهم مرارة العيش، كما أظهر ذكاء واضحا، مما جعل شيوخه يهتمون به في معهد الجغبوب الذي كان منارة للعلم، وملتقى للعلماء والفقهاء والأدباء والمربين، الذين كانوا يشرفون على تربية وتعليم وإعداد المتفوقين من أبناء المسلمين ليعدّوهم لحمل رسالة الإسلام، ثم يرسلوهم بعد سنين عديدة من العلم والتلقي والتربية إلى مواطن القبائل في ليبيا وإفريقيا لتعليم الناس وتربيتهم على مبادئ الإسلام وتعاليمه.
عينه المهدي السنوسي في سنة 1897 شيخاً لبلدة تسمى زاوية القصور تقع بمنطقة الجبل الأخضر شمال شرق برقة، والتي تقع قريبا من مدينة المرج، وأحسن عمر المختار الأداء في هذا المنصب، رغم أن البلدة التي كلف بإدارتها كانت تقطنها قبيلة العبيد التي اشتهرت بشدة البأس وصعوبة الانقياد، وقد أدت علاقته الوثيقة بالسنوسيين إلى اكتسابه لقب سيدي عمر الذي لم يكن يحظى به إلا شيوخ السنوسية المعروفين.
كان أول بروز لعمر المختار في ساحة الجهاد سنة 1329ه عندما احتل الإيطاليين بنغازي، إذ أبدى شجاعة وبطولة في جهاد الأعداء ولفت إليه أنظار الناس هناك، وأصبح هو قائد المجاهدين في إقليم برقة بعد انسحاب العثمانيين منها بضغط من أوروبا، كذلك انسحب المتطوعون من مصر وغيرها بضغط من إنجلترا، وقد اتخذ عمر المختار من مدينة "سحات" في الجبل الأخضر مقرا لقيادته، ومنها حقق عدة انتصارات على الأعداء، مما جعلهم يفكرون في هجوم شامل على الجبل الأخضر ولكنهم هزموا شر هزيمة كما هزموا عند محاولتهم احتلال "فزان" وهى منطقة تاريخية في الجنوب الغربي من ليبيا الحالية.
واضطر محمد إدريس أول حاكم لليبيا بعد الاستقلال عن إيطاليا وعن قوات الحلفاء فى ذلك الوقت للهجرة إلى مصر في شهر يناير بعد سقوط العاصمة طرابلس في أيدي الطليان، وأعتبر بعدها عمر المختار قائداً للمقاتلين في برقة و تابع عمر المختار دعوة أهالي الجبل الأخضر للقتال وتجهيزهم لمقاوم الإحتلال الإيطالى لليبيا، وفتح باب التطوع للانضمام إلى الكفاح ضدهم، وأصبحت معه لجنةٌ فيها "أعيان" من مختلف قبائل الجبل واتبع أسلوب الغارات وحرب العصابات وقد شكل هذا بداية حرب الضروس بين عمر المختار والإحتلال، تلك الحرب التي استمرت 22 عامًا ولم تنتهي إلا بأسر المختار وإعدامه.
وسبق إعدام المختار أوامر شديدة الحزم بتعذيب وضرب كل من يبدي الحزن أو يظهر البكاء عند تنفيذ الحكم، فقد ضرب جربوع عبد الجليل ضربًا مبرحًا بسبب بكائه عند إعدام عمر المختار، ولكن علت أصوات الاحتجاج ولم تكبحها سياط الطليان، فصرخت فاطمة داروها العباريَّة وندبت فجيعة الوطن عندما علا المختار مشنوقًا، ووصفها الطليان "بالمرأة التي كسرت جدار الصمت.
و كانت الحكومة الليبية المؤقتة قد أصدرت بيانًا أمس، الإثنين، أكدت فيه أن اليوم الثلاثاء 16 سبتمبر 2014، عطلة رسمية في جميع أنحاء ليبيا، تكريما للمناضل والمجاهد الليبي عمر المختار، ولشهداء الوطن، الذين تصدوا ببسالة نادرة لجحافل الغزاة ولجبروت وطغيان النظام السابق، -على حد ماجاء بالبيان-