بعد أن أثرنا في الأسبوع الماضي موضوع «حرق الأسعار خراب للقطاع السياحي»، الذي أثارته في نفس الوقت الزميلة «الأهرام» وهو الأمر الذي يؤكد أن مستقبل صناعة السياحة المصرية في خطر وجاءت ردود الفعل لما نشرناه بأن تلقيت سيلا من المكالمات من الخبراء والمستثمرين يعرضون وجهة نظرهم في ذلك الموضوع والبعض قدم اقتراحات بحلول لتلك المشكلة، بعد أن أصبحت مصر من أرخص دول العالم في الوقت الذي تشهد فيه أسعار الفنادق والخدمات السياحية في الدول المنافسة لمصر مثل دبي وتركيا وإسرائيل وقبرص انتعاشا وزيادات كبيرة في الأسعار وبالتالي في الدخل الاقتصادي لتلك الدول، وحتي الآن لم تقدم وزارة السياحة ولا غرفة المنشآت الفندقية حلا لهذا الموضوع، ومازال التدني والتدهور مستمرا بحيث أصبح سعر الإجازة لمدة أسبوع في أحد فنادق مصر ذات الخمسة نجوم أقل من سعر وجبة عشاء في مطعم فاخر في باريس أو لندن، وخلال السطور القادمة نستعرض وجهات النظر وحلول الخبراء والمستثمرين، وكان أول الاتصالات من الخبير السياحي أحمد الخادم وزير السياحة في حكومة ظل الوفد الذي قال: سعر أي سلعة أو منتج أو خدمة يتحدد وفقا لقانون العرض والطلب، ولما كانت طبيعة المنتج السياحي أنه منتج غير قابل للتخزين بمعني أن الغرفة التي تبيت خالية اليوم لا أستطيع تعويض ذلك غدا علي عكس المنتجات الصناعية والزراعية، إذن طبيعة المنتج السياحي غير قابل للتخزين وبالتالي تصبح أيضا قضية خفض الأسعار إحدي الآليات التي تلجأ اليها أصحاب المشروعات لتحقيق أي دخل مهما كان قليلا أفضل من عدم تحقيق أي دخل علي الإطلاق وما زاد من حدة المشكلة عاملان أساسيان العامل الأول هو الإسراف الشديد في منح أراضي للاستثمار الفندقي وبالتالي دخول أعداد كبيرة من الغرف الفندقية الي الخدمة في الوقت الذي انخفض فيه الطلب العالمي علي مصر انخفاضا جاوز ال70٪، العامل الثاني هو الوضع الأمني والسياسي المتردي في مصر والذي أدي الي انخفاض الطلب بشكل كبير وتحولت السياحة الي مقاصد أخري حيث إن المنتظر استمرار الوضع والتراجع حتي عام 2017، ويري «الخادم» أن الحل في الوقت الحالي هو وقف منح تراخيص لإنشاء فنادق جديدة مع عدم ملاحقة المستثمرين لاستكمال مشروعاتهم بسرعة ومنحهم آجالا طويلة لذلك حتي لا يدخل المزيد من الغرف الي الخدمة مع تحديد حد أدني للأسعار يتم الاتفاق عليه من خلال الاتحاد وغرف المنشآت الفندقية ويتم إبلاغه الي مصلحة الضرائب بحيث يكون هو أساس المحاسبة الضريبية للمنشآت الفندقية وبهذا لن يجرؤ أي فندق علي أن ينزل عن ذلك السعر حتي لا يحقق خسائر. ومن الاتصالات التي تلقيتها أيضا اتصال من الخبير السياحي المهندس أحمد بلبع عضو مجلس إدارة ورئيس لجنة السياحة بجمعية رجال الأعمال المصريين الذي طالب ضرورة تدخل الحكومة لوقف المهزلة السعرية التي تحدث الآن وضرورة أن تكون هناك أفكار وابتكارات لحل تلك الأزمة. وعرض «بلبع» حلا للخروج من المشكلة أن يتم تحديد أسعار بيع الغرف الفندقية وفي نفس الوقت تفرض الحكومة ضرائب علي السعر الذي تم تحديده ومن يخالف الحد الأدني الموضوع للسعر يتحمل قيمة الضرائب المحددة علي الأسعار، وفي هذه الحالة لن يكون هناك حرق للأسعار خوفا من تحمل ما تفرضه عليه الضرائب. ومن الاتصالات التي تلقيتها أيضا اتصال من الخبير السياحي إلهامي الزيات رئيس الاتحاد المصري للغرف السياحية الذي بادرني متسائلا: الي متي تظل مصر تباع بأرخص الأسعار؟! مؤكدا إذا لم تكن هناك حلول سريعة فستتفاقم المشكلة ويزداد الحرق والبيع بأبخس الأسعار. ويري «الزيات» أن رفع الأسعار يتطلب عدة عوامل أهمها تحسين الخدمة المقدمة للسائح وتحسين البنية التحتية فكيف يأتي السائح ليسير في طرق سيئة لا توجد خطوط تليفونات معظمها معطلة وغياب الأمن، كل هذه العوامل تساعد علي هروب السياحة، إضافة الي التخطيط السيئ وهو السبب في تلك الأزمة التي وصل لها حال السياحة فلا يعقل أن يكون لدينا 220 ألف غرفة في الخدمة و200 ألف غرفة تحت الإنشاء إذن لدينا 420 ألف غرفة فكيف نقدم لها الخدمة ففي عام 2010 وصلنا الي 14 مليونا و700 ألف سائح وكان عدد الغرف الفندقية 180 ألف غرفة، أقل من الموجود لأن ومع لك لم يمتلأ من الغرف سوي 70٪ اليوم هذا الكم الموجود من الغرف يحتاج 45 مليون سائح، فكيف تحقق ذلك فسبب الأزمة المنظومة الخاطئة وأري أنه بدلا من الخرسانات الأسمنتية الموجودة علي طول الشواطئ وأصبح لا يوجد مكان للمصريين أن يتم بناء مراكز ترفيهية ليخرج السائح للفسحة وبالتالي يكون هناك إنفاق، إذا لم يكن هناك حل واستمررنا بهذا الشكل فستتراجع الأسعار بشكل كبير. وفي نفس السياق أكد الخبير السياحي سامح حويدق أن أزمة حرق الأسعار لن تحل إلا بصدور قانون بقرار جمهوري بتقنين الغرامة خاصة أن وزير السياحة ليس لديه ما يتيح له فرض غرامات علي أن تكون الغرامة مليون جنيه للفنادق المخالفة وهذا «يوجع» أي مستثمر صاحب فندق ولن يجرؤ علي حرق الأسعار، وأطالب وزير السياحة بعرض الأمر علي رئيس الجمهورية لإنقاذ اقتصاد البلد، خاصة أننا عقدنا العديد من الاجتماعات لبحث تلك المشكلة ولم نصل الي أي حلول والحكومة لم تتدخل. من الاتصالات التي تلقيتها أيضا اتصال من الخبير السياحي سيف العماري الذي قال إن الأزمة سببها سوء التخطيط من جميع الوزراء الذين تولوا وزارة السياحة فكل وزير لم يقدم شيئا لمصر والقضية بالنسبة لهم الكم وليس الكيف بدليل عدد الغرف الموجودة في مصر حتي أصبح العرض أكثر من الطلب نتيجة التخطيط السيئ والأزمة سببها زيادة عدد الفنادق وهي ليست أزمة اليوم ولكن هذا موروث قديم وصاحب الفندق معذور لأنه مضطر لعمل أي شيء والبيع بأرخص الأسعار لتسديد ديون البنوك والكهرباء والمياه والعمالة وغيرها من التزامات فلا يعقل أن يكون لدينا 220 ألف غرفة داخل الخدمة و200 ألف غرفة تحت الإنشاء فالمعروض أكثر من الطلب ونفس الأمر علي المراكب العائمة فلدينا أكثر من 250 مركبا فهل يعقل أن نيل مصر يتحمل هذا الكم كله، هذا نتيجة التخطيط العشوائي وجميع المراكب متوقفة وتراجعت الأسعار من 300 دولار الي 18 و20 دولارا، نفس الأمر في شركات السياحة فلدينا 2500 شركة وبعض أصحابها من السماسرة وكأن السياحة أصبحت مهنة لمن لا مهنة له. وطالب العماري بضرورة إلغاء وزارة السياحة وأن تكون هناك هيئة عليا للسياحة تتبع الحكومة لتنظيم الضوابط والقوانين خاصة أن القطاع السياحي الخاص في دول العالم كلها تحكمه هيئة، وأن تكون هناك هيئة للتنمية السياحية وهيئة للسياحة الدينية وهيئة لتنشيط السياحة تكون مهمتها السياحة الخارجية.. المشكلة لن تحل فالجميع يعمل بعشوائية وكل واحد يعمل في جزر منعزلة ومصر الضحية.