أى دين يمنح كل هذا الوجع؟ وأى تعاليم تبث ذلك القبح؟ أى نصوص وأفكار وكتب ملعونة تنثر تلك الكراهية وذلك الغضب الأعمى؟ أى كلمات تتُرجم لمشهد ذبح جيمس فولى الصحفى الأمريكى الذى شاء حظه أن يسقط فى أيدى مجرمى داعش ليُقطع رأسه حزا مع التكبير الصاخب!! اعدامات بشعة، ودماء تُسفح كل يوم تحت راية «لا إله الا الله» زورا وبُهتانا. القتل على الهوية، والقتل على الاسم، والقتل على الشك صار ديدن داعش فى كل مكان تُدخل إليه وكأنها مُسلطة على الاسلام نفسه لتغرس فيه قبائحها. فى كل صباح تطال أذرع الارهاب بقعة من بقاع العرب، وتتسع أبسطة القبح ونحن نتفرج ونُتحاور وننتظر ونترقب دون فعل. يتقدمون بثقة، وجرأة، وتحد، ونحن ساكنون لا نفعل شيئا، ولا نفكر أو نُخطط أو ننادى بشىء. ينسلّون رويدا رويدا ليسمموا الدين ويدفعوا جموع المتفرجين إلى الالحاد والفتنة. دين الله ليس بخير كما تحسبون، وداعش ليسوا قلة كما يُهوّن البعض، وافكارهم تتطاير وتُهيمن وتنتشر والدليل إسلام يكن الذى كان طالبا مصريا رقيقا يعشق الموسيقى وينفتح على الثقافة والحضارة، فانقلب بين ليلة وضحاها ذباحا تحت إمرة أبى بكر البغدادى. ومثله كثيرون لا تعلمونهم. الله يعلمهم. يقبعون فى منازلهم انتظارا للمعركة الفاصلة، يبتسمون صامتين لانتصارات داعش، ويحتفلون بنبوءات آخر الزمان، وينتظرون المعركة الفاصلة مع اليهود التى سيصرخ فيها الشجر «خلفى يهودى تعال فاقتله»، ويعتبرون كل مَن يقاومهم جاهلى ومنافق وغير مكتمل الايمان. داعش ابن شرعى للعقل العربى المكبّل. نتيجة مُستحقة لسكون الفكر، ونهاية حتمية لاغلاق باب الاجتهاد فى الدين عدة قرون. كتبت من قبل أن الفكر الدينى تجمّد حتى صرنا نفتش فتاوى لشيوخ المذاهب الاربعة لنعرف آراءهم فى أمور حياتنا. قلت إننا سنبكى على الاسلام بحق لو لم يعقد شيوخه ومفكروه تطبيعا شاملا بين الدين والحياة . كررت مقولة الامام العظيم محمد عبده: «ولكنه دينٌ أردت صلاحه / أحاذر أن تقضى عليه العمائم» فسبنى الأخوة على مواقع التواصل الاجتماعى، ودعانى المتأسلمون إلى التوبة . قلت وحذرت ولم أجد سوى اللعنات تطاردنى والاتهامات تطالنى. كدأب أزهريين وشيوخ وعمائم ولُحى باسم الدين كفروا عبقرى الفكر الاسلامى نصر أبوزيد والذى لو قدر له العطاء لفاق طه حسين ابداعا وفكرا، وباسم الله قتلوا فرج فودة برصاص غادر جزاء ما خطت يداه، وباسم النبى زرعوا سكينا صدئا فى عُنق نجيب محفوظ. إنها معركتكم أيها المصريون، فداعش قائمة فى مصر منذ عقود، وما لم نتحرك، وما لم نقاوم، وما لم ننتفض فسنُدفن أحياء فى دولتهم. والله أعلم.