اطلاق الرئيس عبدالفتاح السيسى اشارة البدء فى مشروع تنمية قناة السويس اعطى بارقة أمل جديد بعد يأس طويل واحباط لدى المصريين بفقدان الامل فى ايجاد بصيص من امل للخروج من عنق الزجاجة الضيق فى الاقوات والارزاق والنمو المتدنى ومستويات المعيشة والفقر المدقع والبطالة المتراكمة منذ الثمانينات وتزايد السكان وتضخم المشكلات الخدمية والحياتية فى الاسعار والغذاء والمسكن والصحة والتعليم وهذا المشروع ترمومتر يبين للشعب المصرى هل يسير فى الطريق الصحيح ام الخطأ بعد ثورتين عظيمتين فقد فيهما الثمين من الشهداء والاموال وضيق الحال على الكثيرين. وبدا واضحا التفاف المصريين حول هذا المشروع وظهر جليا الرغبة فى الانجاز فى وقت قصير وهو ما يتطلب توفير التمويل اللازم من المصريين فى المرحلة الاولى باعتبارات الأمن القومى للدولة المصرية ويقدر الخبراء ان هذا التمويل المطلوب يصل الى 60 مليار جنيه منها مشروع حفر قناة السويس الثانية بنحو 29 مليار جنيه والباقى لمشروعات اخرى صناعية وخدمية ولوجستية وزراعية وسياحية على طول القناة لتحقيق قيمة مضافة افتقدتها مصر منذ حفر اجدادنا للقناة من أكثر من 150 عاما، والبنوك المحلية وحدها قادرة على تمويل مشروع قناة السويس وكذلك المشروعات القومية الكبرى، ولا ننسى ان بنكاً واحداً وهو بنك مصر عندما أسسه طلعت حرب باشا قامت عليه العديد من المشروعات القومية مازالت عصب الحياة الاقتصادية فى مصر منذ القرن الماضى وحتى الآن. والبنوك المحلية لديها قدرات ووفورات مالية ضخمة ولا يوجد ما يمنع من دخولها بحصة فى تنفيذ هذه المشروعات ومن هذه المشروعات تنمية قناة السويس ثم التخارج بعد استكمال التنفيذ وبدء التشغيل باعترافات رؤساء البنوك انفسهم خصوصا أن البنوك تمتلك الخبرات التى تعطى الثقة والقوة فى الإسراع بالتنفيذ، مع ضرورة تطوير البيئة التشريعية لجذب الاستثمارات لهذه المشروعات. والأرقام تكشف الوضع المالى للبنوك المحلية فى مصر وهل هى قادرة على التمويل أم لا؟ فقد أكدت مصادر مصرفية ان المبالغ المتاحة للاستثمار بالبنوك بعيدا عن الاحتياطيات القانونية والمخصصات تتجاوز 800 مليار جنيه يمكن ضخ هذه الاموال فى مشروعات تدر عوائد كبيرة على الاقتصاد القومى وعلى البنوك نفسها نتيجة توظيفها. وقد كشف أحدث تقرير صادر عن البنك المركزي المصري عن ارتفاع حجم السيولة المحلية في نهاية مايو الماضي لتقترب من 1٫5 تريليون جنيه بزيادة تبلغ 188٫3 مليار جنيه بنسبة 14٫5% خلال 11 شهرا تمثل الفترة من (يوليو مايو)من العام الحالى 2013/2014. وقد بلغت نسبة السيولة 73% من الناتج المحلى الاجمالى وبلغت الودائع الأجنبية نحو 19.42% من اجمالى الودائع. و الزيادة المحققة في السيولة المحلية خلال الفترة من يوليو/مايو من العام المالي 2013/2014 جاءت كمحصلة لنمو صافى الأصول المحلية والتي زادت بمقدار 185٫4 مليار جنيه بنحو 15٫8% و انعكسا لنمو أشباه النقود بمقدار 131٫2 مليار جنيه بمعدل 13٫8% والمعروض النقدي بمقدار 57٫1 مليار جنيه بمعدل 16٫6%، وأن الزيادة في أشباه النقود جاءت نتيجة لارتفاع الودائع غير الجارية بالعملة المحلية بمقدار 119٫1 مليار جنيه بمعدل 16٫4% والودائع بالعملات الأجنبية بما يعادل 12٫1 مليار جنيه بمعدل 5٫4%، أما الزيادة في المعروض النقدي فقد جاءت نتيجة لارتفاع الودائع الجارية بالعملة المحلية بنحو 30٫4 مليار جنيه تعادل 29٫5% والنقد المتداول خارج الجهاز المصرفي بمقدار 26٫7 مليار جنيه بمعدل 11٫1% خلال الاحد عشر شهرا الماضية. وقد أظهر تقرير البنك المركزي ارتفاع صافى الأصول الأجنبية لدى الجهاز المصرفي بما يعادل 2٫9 مليار جنيه بمعدل 2٫3% خلال الفترة (يوليو – مايو) من العام المالي السابق نتيجة لزيادة صافي الأصول الأجنبية لدى البنك المركزي بما يعادل 3٫5 مليار جنيه وتراجعه لدى البنوك بما يعادل 0٫6 مليار جنيه. وبالنسبة للمركز المالي لإجمالي البنوك (بخلاف البنك المركزي)، أوضح التقرير ارتفاعه بمقدار 273٫8 مليار جنيه بمعدل 17٫5% خلال الفترة (يوليو -مايو) من العام المالي 2013/2014 ليصل إلى 1٫837 تريليون جنيه في نهاية مايو الماضي. وقد ارتفع حجم الودائع بالبنوك بخلاف البنك المركزي لتصل قيمتها الى 1.403 تريليون جنيه فى نهاية مايو الماضى مقابل 1.382 تريليون في إبريل السابق عليه بزيادة 21 مليار جنيه منها ودائع حكومية بلغت قيمتها 177.9 مليار جنيه، 81.9 مليار جنيه ودائع بالعملة المحلية، ونحو 95.9 مليار جنيه ودائع بالعملات الأجنبية. اما الودائع غير الحكومية فقد ارتفعت خلال شهر واحد فقط لتصل قيمتها ل 1.225 تريليون جنيه، مقابل 1.208 تريليون جنيه منها ودائع بالعملة المحلية بلغت قيمتها 985 مليار جنيه، يستحوذ قطاع الأعمال العام على نحو 23.9 مليار جنيه منه، وقطاع الأعمال الخاص على 145.3 مليار جنيه، والقطاع العائلي على 812 مليار جنيه. ويبلغ إجمالي الودائع بالعملات الأجنبية بلغ 240.2 مليار جنيه،يستحوذ قطاع الأعمال العام على نحو 13.8 مليار جنيه، وقطاع الأعمال الخاص على نحو 76.8 مليار جنيه، والقطاع العائلي على نحو 145.6 مليار جنيه، وهناك توظيفات للبنوك استراحت لها على مدى الثلاثين عاما الماضية ولابد من تغييرها وهى اعتماد البنوك على توظيفات اذون وسندات الخزانة الحكومية باعتبارها الأكثر أمانا تاركة ماعداها من تمويل لمشروعات أخرى. وتكشف البيانات ارتفاع محفظة الأوراق المالية لدى البنوك بخلاف البنك المركزي نتيجة لارتفاع استثمارات البنوك في الأسهم والسندات ووثائق صناديق الاستثمار – بنحو 15 مليار جنيه وبلغت 812.2 مليار جنيه بنهاية مايو الماضي، مقابل 797.2 مليار جنيه بنهاية إبريل السابق ويستحوذ القطاع الحكومى على النسبة الأكبر من المحفظة بقيمة 750 مليار جنيه، بينما سجل القطاع الخاص نحو 41.5 مليار جنيه بنهاية مايو، وتستحوذ العملة المحلية على 703.2 مليار جنيه من إجمالي المحفظة، بينما استحوذت العملة الأجنبية على النسبة المتبقية بنحو 109 مليارات جنيه، الملاحظ هنا اعتماد البنوك على تمويل الحكومة بصفة اساسية خلال السنوات الماضية وهو انحراف غير طبيعى لدور البنوك الاساسى فى تمويل المشروعات للحصول على عوائد وأرباح أكبر على خلاف ما قامت عليه أفكار طلعت حرب فى بنك مصر مطلع القرن الماضى. وهذه الأرقام والمؤشرات تكشف باختصار حجم الأموال المودعة بالبنوك والتى أصبحت كبيرة وغير مستغلة والزيادة بها فى شهر فقط يمول مشروعا عملاقا مما تطمح إليه مصر حاليا للنهوض الاقتصادي وأن حجم كل من الودائع والسيولة لديها يفوق المطلوب بكثير، هذا اذا كنا قلقين على التمويل واذا كنا نريد ان تطلع البنوك الوطنية بدورها القومى فى هذه اللحظة التاريخية الحاسمة.