أربط بين ثلاثة أحداث تجرى فى مصر الآن.. الأول: تلك الصور التى نشرتها «الوفد» أمس عن الذين وقفوا أمام صناديق قمامة أحد المطاعم بالإسكندرية، يبحثون فيها عما تركه زبائن المطعم المشهور.. عسى يجدون فيها ما يسد جوعهم.. وهم شباب فى عمر ثوار مصر الآن. ودمعت عيناى أقسم بالله واهى تشاهد هذه الصور.. وأقول فى نفسى: لهذا ثار شباب مصر يطلبون الخبز.. والعدالة.. والأمان، والمأوى.. وهى صور لموضوع كتبه العزيز السيد سعيد مدير مكتب الوفد بالإسكندرية، تكشف حجم الجوع فى مصر الذى يضرب أغنى مدينة فى مصر.. وتكشف حجم الفروق الاجتماعية الآن.. وأقول لهذا ثار شباب مصر.. وكم كنت أتمنى على جريدة الوفد أن تنشر هذه الصور فى صدر صفحتها الأولى ليعرف الساسة وزعماء التشكيلات السياسية التى يتجاوز عددها المائة، أن شعب مصر يريد الآن الخبز أولاً.. عسى أن تدفعهم هذه الصور البشعة لكى يقلصوا من تعددهم ومن اختلافاتهم وأن يتحدوا من أجل هذا الشعب الذى لا يجد فيه الشباب إلا أن يأكل من.. صناديق قمامة أو بقايا طعام الأغنياء!! الثانى: إجراءات تشكيل الحكومة الجديدة، التى أتمنى أن ينتهى الدكتور عصام شرف من إعلانها بأسرع وقت ممكن.. وكفى ما ضاع من عمر مصر منذ يناير الماضى، وهى فترة تجعل شعب مصر يصرخ ويقول: دعوكم من الاختلافات..وتعالوا «كلكم» إلى كلمة سواء.. فكل يوم تخسر مصر فيه عشرات الملايين.. وكفى مئات المصانع الجديدة المغلقة فى مدينتى أكتوبر والعاشر من رمضان وهى مصانع يعمل فيها الآلاف من زهرة شباب مصر.. وأقول طيبة فعلاً فكرة المزج بين خبرة الشيوخ وثورة الشباب.. فمازلنا نحتاج علم وخبرة كبار السن.. ليعلموا الشباب كيفية تحمل المسئولية، دون خطأ.. ويعدوهم ليتحملوا هم المسئولية عما قريب.. ومن هنا أرحب بفكرة منصب نائب الوزير يتولاه شباب الثورة بجانب الوزير كبير السن الذى يحمل العلم والخبرة، وبالذات فى الوزارات التى مازالت تحتاج خبرة الكبار.. ولكنها أيضاً تحتاج إلى روح الشباب.. وأتذكر هنا تجربة الدكتور عبدالحميد حسن، الطبيب الذى كان قبل ذلك رئيساً لاتحاد طلبة الجامعة.. وأعجبت به القيادة السياسية فاختارته وزيراً للشباب، وهو شاب لم يصل بعد إلى سن الخامسة والثلاثين.. ثم أصبح محافظاً للجيزة عدة سنوات. الثالث: تلك الاعتصامات والمظاهرات التى مازالت توقف دولاب العمل، ليس فقط فى ميدان التحرير بالقاهرة ولكن أيضاً فى العديد من المحافظات ربما أشهرها حكاية منع العمل فى مجمع التحرير.. ثم تطور الأمر بسماح الثوار بتشغيله يومين فقط فى الأسبوع!! ثم التهديد بإغلاق ميناء السويس.. بل والتهديد بتعطيل الملاحة فى قناة السويس.. هنا نقول إنه مع كل هذه الاعتصامات التى تعدت مجرد التوقف يوم الجمعة.. فإن الحكومة تجد يديها مكبلتين عاجزتين عن العمل على الأقل لتدبير ما يطالب به الثوار.. من حد أدنى معقول للأجور إلى تعويضات لأسر الشهداء والمصابين الى تحسين أوضاع العاملين من حوافز وبدلات.. وأيضاً تثبيت فى العمل، والتعيين فيه. ومهما اجتهدت الحكومة الا انها ستعجز عن تلبية كل هذه الطلبات وغيرها فى وقت واحد.. ولا نعرف من أين إن استمرت هذه المظاهرات والاعتصامات والمطالب الفئوية.. وانظروا إلى ما يجرى أمام أبواب مبنى التليفزيون فى ماسبيرو من اعتصامات وقيام عائلات تنام فيها بأطفالهم يطلبون المسكن، وهم أصلاً من أبناء الدويقة ومن سكان مدينة أو عشوائيات السلام.. فمن أين للحكومة الآن أن تلبى وفوراً كل هذه المطالب التى يراها الأغلبية شرعية.. ولكن العين بصيرة والإيد قصيرة.. والسؤال الآن:ماذا نريد من الحكومة الجديدة.. وهل تستطيع أن تلبى كل هذه الطلبات.. ومن أين، بينما هى غارقة فى القضايا السياسية أى أيهما قبل الآخر: الدستور أم الانتخابات التشريعية.. أو انتخابات الرئاسة؟ نقول دعوا هذه القضايا السياسية يتولاها المجلس الأعلى للقوات المسلحة.. ولكن دعوا الحكومة القديمة الجديدة تعمل ولكن وفق برنامج محدد المدة تحدد فيه أولويات كل مطلب شعبى تلتزم الحكومة بتنفيذه ولكن خلال عام واحد على الأكثر.. فإذا فشلت.. نحاسبها: اما ان تستمر المظاهرات وتنشغل بها الحكومة ويكاد يغرق فيها المجلس العسكرى.. فهذا يضر الوطن..ويضر أكثر بالمواطنين.. وبذلك لا الحكومة تستطيع أن تؤدى المطلوب منها.. ولا المجلس العسكرى يمكنه العمل فى هذا الجو المتوتر.. وتعالوا إلى كلمة سواء.. تلتزم بها الحكومة.. ويرعاها المجلس الأعلى.. هل هذا صعب المنال.