رغم التحذيرات المتكررة من خطورة استخدام الرمال السوداء في أعمال البناء لاحتوائها علي مواد مشعة تصيب بالأمراض السرطانية علي المدى البعيد، والتى تقابل بإصرار المواطنين على استخدامها ضاربة بتلك التحذيرات عرض الحائط، هذا بالإضافة إلى انها من الثروات التى لا تقدر بثمن. فقد قام أصحاب النفوذ بالاشتراك مع مسئولين بالمحافظة بتكوين مافيا لسرقة هذه الرمال والتى تعتبر كنزا مهملا، وامام نفوذ هذا اللوبى الذى يسيطر على ديوان عام محافظة كفر الشيخ والتى تقوم ببيعه لأصحاب ورش صناعة الطوب امام صمت مريب من قيادات المحافظة. فمنطقة البرلس تعتبر محمية طبيعية وتخضع لقوانين جهاز شئون البيئة وهيئة حماية الشواطئ حيث إن منطقة بلطيم من المناطق الصناعية الغنية بالكثبان الرملية علي ساحل البحر المتوسط وتأتى الرمال السوداء من البحر بواسطة الأمواج وتعتبر هذه الرمال ثروة لا تقدر بمال وامام العبث الممنهج الذى تتبعه محافظة كفر الشيخ فقد قامت بتنفيذ مشروع لإنشاء محاجر للإشراف علي بيع هذه الرمال وأصبحت تحصل رسوما تقدر ب15 جنيها عن كل سيارة نقل محملة بالرمال السوداء فالمحافظة منحت ترخيصا لرئيس المجلس المحلي السابق وعضو بمجلس الشعب المنحل ببلطيم والذي يمتلك محجرا بالمنطقة لبيع هذه الرمال والذي يقوم بتجريف بعض الأراضي وبيع الرمال بأرخص الأسعار وهو ما أدي إلي بيع 80% من هذه الرمال علي مساحة 30 كيلو مترا من الساحل الشمالي . حيث إن الرمال السوداء، تعد المصدر الأساسي لكثير من المعادن ذات الأهمية الاقتصادية التي تعود على الدخل القومي بملايين الدولارات سنويا، وذكر أحد التقارير العالمية أن مصر تمتلك أكبر احتياطي من الرمال السوداء على مستوى العالم، متفوقة على كثير من الدول، مثل البرازيل والهند وأمريكا. وبالرغم من ذلك تقاعست الأجهزة المعنية المتعددة في الحفاظ على الأمن القومي، وعلى رأسها هيئة الطاقة النووية التابعة لوزارة الكهرباء وجهاز حماية البيئة وحماية الأراضي بوزارة الزراعة وهيئة حماية الشواطئ، بالإضافة إلى محافظة كفر الشيخ وأجهزتها المتعددة. والكارثة تتعلق بإهدار ثروة مصر الطبيعية التي تحتوى على العديد من المكونات المعدنية النادرة والقيمة والنفيسة في ذات الوقت، فالرمال السوداء رمال شاطئية ترسبت نتيجة اصطدام مياه البحر بمصبات الوديان والأنهار وهي منتشرة علي سواحل مصر المطلة علي البحر الأبيض من رشيد حتى رفح بطول 400 كيلو متر وتنتشر هذه الرمال بفعل التيارات البحرية والأمواج وترجع الأهمية الاقتصادية للرمال السوداء إلى احتوائها على نسبة من المعادن التي لها مردود تعديني مثل : الألمنيت ، «FeTiO2» والذى يستخدم في إنتاج معدن التيتانيوم لصناعة هياكل الطائرات والصواريخ ذات الارتفاعات العالية لمقاومة الظروف الكونية، الروتيل، «TiO2» هو المادة الأساسية في صناعة البويات «الأصباغ»، بالإضافة إلي استخدامها في اكاسيد حديدية لإنتاج الحديد الصالح للاختزال المباشر- ماجنتيت، الزر كون، Zr «SiO4» وZrO2.Zr «SiO» 4 يستخدم في تزجيج السيراميك وقدرته العالية على امتصاص النيترونات ولذا يستخدم في المفاعلات النووية لكبح جماح التدفق النيتروني، ويكون أحيانا خليط من «Zr + U»، الثور يا، «أكسيد الثور يوم»، يستخدم في المفاعلات النووية لإنتاج الطاقة، والرمال السوداء غنية بمعدن الثور يا، الجارنت ، المونازيت فوسفات للعناصر الأرضية النادرة، «Ga.La.Y.Th»، أملاح السير يوم ولبثور يوم، السليكا الثقيلة، الليكوكزين، كما تحتوي الرمال السوداء علي كثير من الغازات النادرة كالذهب و يقدر بحوالي نصف جرام في الطن الكاسيتريت. وأشار الدكتور محسن محمدين، رئيس هيئة المواد النووية إلي أن مشروعات الرمال السوداء ستقام بغرض فصل المعادن التي توجد بها للاستفادة منها في إقامة صناعات ضخمة، وهو ما دعا وزارة الكهرباء والطاقة للتأكيد علي ضرورة استغلال هذه الثروة، حيث قدر الاحتياطي التعديني المؤكد في هذه الرمال بحوالي 285 مليون طن، تحتوي علي متوسط قدره 3.4% من المعادن الثقيلة بطول 22 كيلو مترا في القطاع الغربي، الذي يقع شرق البرلس، كما يوجد احتياطي تعديني مؤكد في القطاع الشرقي بحوالي 48 مليون طن تحتوي علي متوسط 2.1% من المعادن الثقيلة، وذلك طبقا للدراسات التي أجريت مسبقًا. وأضاف أن المشروع العملاق المقرر طرحه في مزايدة عالمية يتضمن إنتاج 6 معادن من التيتانيوم الذي يستخرج منه الألمينيت عالي الجودة، والروتيل، الذي يتم استخدامه بصناعة «البويات والدهانات والبلاستيك والمطاط والسيراميك ومستحضرات التجميل والجلود والأدوية»، ومعدن الزركون، الذي يدخل في صناعة «السيراميك والزجاج وقلوب المفاعلات النووية وسبائك مواتير السيارات». ولفت محمدين إلى أن الرمال السوداء تتواجد في مناطق منتشرة علي ساحل البحر الأبيض المتوسط، وتتوزع في منطقة ساحل الدلتا وساحل شبه جزيرة سيناء، حيث توجد 11 منطقة تتوافر فيها هذه الرمال ما بين إدكو وحتى رفح . وكشفت مصادر للوفد أن بنكي الأهلي والتجاري الدولي أبديا استعدادهما لتقديم تسهيلات ائتمانية للشركة التي ستفوز بتنفيذ مشروع الرمال السوداء، حيث تصل تكلفته إلى نحو 125 مليون دولار. وقال فايد الشاملي مدير شئون البيئة بالمحافظة إن هيئة المواد النووية أجرت دراسة بمنطقة ساحل البحر المتوسط واكتشفت أن الرمال بهذه المنطقة تتضمن عناصر ثقيلة عالية يتطلب استغلالها اقتصاديا, وأن 4% من الرمال السوداء تتضمن مواد مشعة منها اليورانيوم وأملاح الذهب والثيريوم والبوتاسيوم. وأضاف الشاملي أن الهيئة أرسلت مذكرة لرئيس الوزراء لتكون شركة خاضعة للحكومة وتتبع هيئة المواد النووية لاستغلال واستخلاص العناصر فطلب رئيس الوزراء تأكيد الدراسة فاستعانت الهيئة بشركة أسترالية تؤكد هذه الدراسة ، وعلي الفور شكل رئيس الوزراء الاسبق لجنة وزارية من وزارة الكهرباء ممثلة في هيئة الطاقة النووية ووزارة الصناعة ممثلة في هيئة التنمية الصناعية لتنفيذ هذه الدراسة وحتى الآن لم تبدأ في تنفيذها. فهل آن الأوان للحكومة الجديدة بفتح ملف رمال بلطيم السوداء واستخدامها في مكانها الطبيعي.