لم أفعلها منذ زمن طويل، لكن الفضول دفعنى الى ذلك فى ثالث أيام العيد عندما دعانى البعض من أهلى إلى زيارة كورنيش النيل، أقنعونى بأن مصر تعيش فى كرنفال كبير خاصة القاهرة، وأن الاحتفالات على الكورنيش تشبه الملايين التى خرجت فى 30 يونية لإسقاط الإخوان.. فى البداية لم أصدق، حتى دفعتنى قدماى الى الكورنيش بصحبة الأهل، فقد تزين الكورنيش واستقبل جموعاً غفيرة من المصريين، واللافت أيضاً للأبصار أن هناك أفراحاً كثيرة، حيث تزف العرائس. عشت ليلة فرح لم أشهدها من ذى قبل على كورنيش النيل وجلست الأسر إلى جوار بعضها، الكل يحتفل بطريقته دون مضايقات من أحد، والجميع تعلوه الابتسامة والفرحة والأطفال يلهون.. إنه كرنفال فرح كبير عاشته القاهرة وهى تودع أيام العيد.. لم تشهد البلاد مثيلاً لهذا الفرح الكبير من قبل، ودار على الفور برأسى العام الكئيب الذى حكمت فيه جماعة الإخوان حيث أصيب المصريون بحالة اكتئاب، ودارت بخلدى كل الأيام السوداء التى حكمت فيها الجماعة الإرهابية البلاد، والمعاناة الشديدة الى ألمت بالمصريين. على كورنيش النيل دارت حلقات السمر بين الأسر، وقام الأطفال بممارسة هواياتهم المتنوعة فى اللعب.. كل ذلك يعنى فقط أن الأمن والاستقرار قد عاد الى أرض الوطن بعد سنوات عجاف، لم يذق فيها المصريون طعم الفرحة، واللافت أيضاً للأنظار الدور الخفى الذى لعبته الشرطة فى تأمين المصريين فى احتفالاتهم، فكانت هناك عيون ساهرة ترعى هذا الكم الهائل من البشر الذى يحتفل ويودع أيام العيد. بالإضافة الى انتشار كمائن الشرطة بشكل واضح فى الميادين والشوارع الرئيسية لتسهيل حركة مرور السيارات. قلت لنفسى من حقى وحق هذه الجماهير الغفيرة أن نفرح فى ظل قيام مصر بتأسيس الدولة الديمقراطية الحديثة، وأن هذه الاحتفالات ليست بالعيد فقط وإنما بتحقيق المصريين أكبر إنجازين هما وضع الدستور وإجراء انتخابات رئاسية نزيهة اختاروا فيها من يريدون أن يكون رئيساً لهم.. لقد شعر المصريون بأن إرادتهم تحققت وأن آمالهم وأحلامهم بدأت تأخذ حيز التنفيذ والتطبيق، وأن نضالهم فى ثورتين عظيمتين يعود بالفائدة.. لقد شعرت بالفعل بأن هذه الاحتفالات ليست بالعيد وحده وإنما هى احتفال بنتائج الثورتين فى الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان. عدت إلى منزلى فرحان بما شاهدته وتركت المصريين ساهرين حتى الصباح يعيشون ليلة مبهجة ولما لا وهم يرون أمناً واستقراراً بالبلاد قد دب وحلماً يتحقق، وآمالاً عقدوها تزف إليهم.. فاللهم اجعل أيام المصريين كلها فرحاً وتحقيقاً لطموحاتهم فى العيش بكرامة إنسانية وعدالة اجتماعية.