في أعقاب ثورة 25 يناير، خرجت العناصر الفاسدة من الجحور، وبدأت في فرض سيطرتها علي الشارع المصري بكل قوة، وأصبح كل شيء يباع ويُشتري لصالح هؤلاء.. ومع مرور الوقت ظهرت أخطر الفئات التي تهدد البلاد اقتصادياً وأمنياً، وهم تجار المخدرات والسلاح والآثار، وعصابات الاستيلاء علي أراضي الدولة، وارتدي هؤلاء ثوب المقاولين بحثاً عن عمل يغسلون فيه أموال المخدرات والسلاح والآثار ونهب ممتلكات الدولة.. واتجهت أنظار هؤلاء إلي العديد من الأماكن العشوائية القريبة من الأحياء الراقية والتي تتميز بمواقع قريبة من كورنيش النيل ومترو الأنفاق. وجاءت منطقة جنوبالقاهرة علي رأس اهتمام هؤلاء خاصة أن غالبيتهم ممن يطلق عليهم العرب من منطقة حلوان التي تشهد نشاطاً إجرامياً مكثفاً، زادت حدته بقوة بعد القرار العشوائي بإلغاء محافظة حلوان ليغيب الأمن تماماً عنها، وتتحول إلي أكبر المناطق لسرقة السيارات ونهب أراضى الدولة وتجارة الآثار والسلاح. وللأسف بدأ هؤلاء في استغلال البلطجية لإجبار الأهالي علي ترك منازلهم تحت التهديد، ومشاركة أصحاب العقارات في بنائها بالخالفة للقانون ودون الحصول علي تصاريح هدم أو بناء، وللأسف ساعد هؤلاء بعض المسئولين في مؤسسات حيوية، وغضوا البصر تماماً عن مخالفات الفاسدين، وتركوهم يعملون بعد أن أغلقوا الشوارع دون أن يتحرك مسئول واحد لردعهم. وقد عاني شقيقي من الفساد في منطقة حدائق المعادي عندما قام صاحب العقار الذي يمتلك فيه معرضاً ومخزناً بمساعدة بلطجية مقاول اتفق معهم علي الهدم والبناء بقطع المياه وتحطيم الصرف الصحي لإغراق مدخل العقار بالمياه، وتقدمنا بشكوي رسمية إلي حي المعادي الذي طالبنا بإجراء محضر، وذهبنا إلي قسم المعادي وعرضنا الأمر علي رئيس المباحث الذي فاجأنا بكلام غريب عن العرف في مثل هذه الحالات، ولا أعرف من أين أتي رئيس المباحث بهذا العرف، وحررنا المحضر وقال لنا رئيس المباحث إنه سيتم إخطار رئاسة الحي، وسوف يتم التنسيق بيننا بعد ذلك للتصدي لهؤلاء.. إلا أنه لم يتحرك أحد، وبدأ المقاول في مفاوضة شقيقي من أجل الخروج من العقار أو الحصول علي معرض بمساحة 18 متراً فقط من إجمالي 60 متراً حقه، وبدأنا في التحري عن هذا المقاول الذي يجري المفاوضات بالتليفون وكانت المفاجأة أنه محبوس في قضية سلاح ولكنه يقيم في جناح بمبرة المعادي، ويجري اتصالاته وأعماله من داخل المبرة، وذهبنا من جديد لرئيس المباحث وأبلغناه بالأمر فوجدناه يعلم كل شيء.. ثم ذهبنا إلي الحي الذي طالبنا بعمل شكوي جديدة، وبالفعل تم الأمر وخرج معنا موظف وعاين تحطيم الصرف الصحي وقطع المياه ولم يتحرك أحد، بل وصل الأمر إلي تقدم بعض العاملين بنصيحة لنا تؤكد أنه لن يتحرك أحد، وان علينا حماية انفسنا، ومع التفكير وجدنا أن الأمر قد يعني سقوط أبنائنا ضحية لبلطجية المقاول، ولم نجد إلا الرضوخ للتنازل عن حقنا. الأمر تحول إلي موضة، وأغرق الفاسدون مناطق حدائق المعادي والبساتين وحلوان والطروات والمعصرة بمئات المباني المخالفة والاستيلاء علي حرم كورنيش النيل والبناء علي شوارع بالكامل، ووصل الأمر إلي تهديد المشروع القومي لمترو الأنفاق بالبناء علي حرمه أبراجاً بلغت 14 دورا مما يهدد بكارثة قومية في حالة سقوطها نتيجة للاهتزازات القوية للمترو وعدم مراعاة الأمر عند البناء بأسلوب علمي. سيدى الرئيس عبدالفتاح السيسي كل المصريين لديهم أحلام كبيرة منذ تولي سيادتكم للتركة الثقيلة والمحملة بالهموم والمشاكل، ولا شك أن سيادتكم علي علم بأن أخطر ما يواجه المجتمع المصري هو أمثال هؤلاء الذين يحتاجون إلي وقفة سريعة لإنقاذ البلاد والعباد من شرهم المستطير.. وأنا وكل المصريين علي ثقة بأنكم بعون الله قادرون علي دحض هؤلاء الفاسدين والبلطجية.