لا شك أن تطبيق الحد الاقصي سيؤدي إلي القضاء علي الفوارق الرهيبة في المرتبات والأجور، كما أنه سيقضي علي سنوات الظلم التي كانت في عصر مبارك، والتي تم فيها تعيين بعض المستشارين ليس لهم علاقة بالعمل المصرفي، ويتقاضون مرتبات خيالية وأحدثوا خللاً كبيراً في الاجور داخل البنك الواحد، وشاهدنا لأول مرة في تاريخ المؤسسات المالية، وفي ظاهرة انفردت بها مصر عن باقي العالم، أن يحصل الموظف علي راتبين، أحدهما ينقل خارج البنك الذي يعمل به في حساب سري وببنك أجنبي، والآخر داخل البنك الذي يعمل به وهو أيضا سري. وإذا كانت هناك اختلاف بين وجهات نظر متعددة حول هذه القضية إلا أنه ما تخشي أن يطلع عليه الناس، فهو غير شرعي، ووجدنا قيادات تدير ولا امكانياتها ولا مؤهلاتها تتطابق مع الوظيفة التي يعملون بها، وكان أكثرها فجورا هو تعيين مهندس كهرباء وكيل لمحافظ البنك المركزي ومسئول عن القطاع المالي، ووصل الأمر إلي مخاطبة المحافظ في ذلك الوقت بأنهم تعبوا من تعليمه بدون فائدة ولكن لا حياة لمن تنادي. ودون أن نخوض كثيرا في هذا التاريخ الأسود، نعود إلي تطبيق الحد الاقصي. كثير من موظفي البنوك تلقي الخبر بفرحة عارمة، لأنهم كانوا في حالة غضب من الفارق الرهيب في المرتب، بين موظف قضي ثلثي عمره في البنك ووصل إلي أعلي المناصب، ويحقق الأرباح يتقاضي ربع موظف هبط «بالبارشوت» ويسكن بجوار القيادات ولا يوجد وسيلة لتقييمه، وإذا فتح الموظف الذي قضي ثلثي عمره يكون عقابه التنكيل والفصل. ولكن يبقي السؤال الأهم، كيف نحافظ علي تنافسية البنوك العامة في ظل هذه الفوارق الرهيبة بين ما يتقاضاه القيادات في البنوك الخاصة، والقيادات في البنوك العامة؟ وكيف نحقق العدالة في دخل الموظف بالبنوك عامة وخاصة؟ فلا يعقل أن يعمل قيادياً في بنك عام بنفس الحماسة والهمة وهو يتقاضي 10% من أجر زميل آخر في بنك خاص، ويلتقون علي مائدة واحدة في اتحاد البنوك المصرية أو في أي مكان. وهذا يتطلب من صانع القرار النظر إلي هذا الفارق الراهيب في الأجور والبحث عن حلول للخروج من هذا المأزق حتى لا يعود الروتين، والبيروقراطية، إلي البنوك العامة، فالقوانين نحن الذين نصنعها ونعدلها ونغيرها. واقترح أن يتم تطبيق الحد الاقصي بالبنوك وفقا للحد الأدني ويمكن ان يكون 30 ضعفاً أو 35 ضعفاً، مع فرض ضرائب تصاعدية علي إجمالي دخل الموظف في البنوك (عامة وخاصة) تصل إلي 60 % من إجمالي الاجور – ولسنا أغني من أمريكا- وبذلك تستطيع الدولة تحصل أضعاف الرقم الذي ستحققه من تطبيق الحد الاقصي في البنوك المملوكة للدولة فقط وهو 72 مليون جنيه سنويا. وهذا يجب أن يصاحبه إعادة النظر في جميع القيادات التي تم تعيينها خلال الفترة الماضية تحت بند مستشار، ويتم تقييمهم ، وما تم انجازه خلال السنوات الماضية، ولا يسمح بالتجديد، كما لا يسمح بالتجديد بعد سن المعاش، حتى يتركوا فرصة للقيادات الشابة بهذه البنوك لتولي المسئولية, أعلم أن محافظ البنك المركزي هشام رامز يبحث عن قيادات شابة لتولي المسئولية خلال الفترة القادمة، وهو يعمل بهدوء ولكن كل ما اتمناه أن يقوم بنفسه ومن خلال جهاز الرقابي الذي يشيد به الجميع، باختيار قيادات المرحلة القادمة علي أساس الكفاءة والابتعاد عن أهل الثقة، حتى نشهد عصراً أبيض.