فشلت جميع الأجهزة الرقابية فى وقف توحش الفساد رغم تعدد هذه الأجهزة فى السابق، لأنه لم تكن هناك رغبة حقيقية من النظام فى ذلك الوقت فى التصدى للفساد، بحكم رعايته له فوجد الفساد البيئة الخصبة التى ينمو فيها، وساعده على ذلك تضارب اختصاصات الأجهزة المكلفة بمقاومته وغياب التنسيق بينها، فترعرع، وتنوع من فساد مالى وإدارى حتى وصل إلى الجنس فيما عرف بالرشوة الجنسية، وكان الفساد أحد أسباب قيام ثورتى 26 يناير و30 يونية، لأن ما حدث أيام المعزول من فساد لا يقل عما حدث فى عهد المخلوع. وحاليًا ما هى خطة الدولة فى التصدى للفساد الذى مازال يخرج لسانه للجميع. الدستور الحالى جعل مكافحة الفساد إلزامًا على الدولة، وحدّد هيئات مستقلة وأجهزة رقابية لمكافحته، وطالب الدستور هذه الهيئات والأجهزة بالتنسيق فيما بينها فى مكافحة الفساد وتعزيز قيم النزاهة والشفافية، ضمانًا لحسن أداء الوظيفة العامة، ووضع ومتابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد بالمشاركة مع غيرها من الهيئات والأجهزة المعنية، وتحدث الدستور عن ثلاثة من هذه الأجهزة المعنية بمكافحة الفساد وهى الجهاز المركزى للمحاسبات والبنك المركزى والهيئة العامة للرقابة المالية، وترك للقانون تحديد باقى الأجهزة. وحدد الدستور سلطات الجهاز المركزى للمحاسبات فى الرقابة على أموال الدولة والأشخاص الاعتبارية العامة، ومراقبة تنفيذ الموازنة العامة للدولة والموازنات المستقلة، ومراجعة حساباتها الختامية. وحدد سلطات البنك المركزى فى وضع السياسات النقدية والائتمانية والمصرفية، والإشراف على تنفيذها، ومراقبة أداء الجهاز المصرفى، وإصدار النقد، والعمل على سلامة النظام النقدى والمصرفى واستقرار الأسعار فى إطار السياسة الاقتصادية العامة للدولة. كما حدد الدستور سلطات الهيئة العامة للرقابة المالية فى الرقابة والاشراف على الأسواق والأدوات المالية غير المصرفية بما فى ذلك أسواق رأس المال وبورصات العقود الآجلة وأنشطة التأمين، والتمويل العقارى، والتأجير التمويلى، والتخصيم والتوريق. وحدد الدستور طريقة تعيين رؤساء هذه الأجهزة بأن يصدر بتعيينهم قرار جمهورى بعد موافقة مجلس النواب بأغلبية أعضائه لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد لمدة واحدة، ولا يعفى أى منهم من منصبه إلا فى الحالات التى يحددها القانون ويحظر عليهم ما يحظر على الوزراء، ومن المحظورات التى فرضها الدستور على الوزراء لا يجوز لأى منهم تقاضى مرتب أو مكافأة أخرى غير مرتبه الذى يحدده القانون، ولايزاول طوال مدة توليه منصبه مهنة حرة أو عملاً تجاريًا، أو ماليًا، أو صناعيًا، ولا أن يشترى، أو يستأجر شيئًا من أموال الدولة، أو أى شخص من أشخاص القانون العام، ويلتزم رئيس الهيئة الرقابية كما يلزم الوزراء بتقديم إقرار ذمة مالية عند توليه منصبه أو تركه له، وفى نهاية كل عام وأن يسلم الهدايا التى يحصل عليها إلى الخزانة العامة للدولة وتقدم هذه الهيئات والأجهزة كما نص الدستور تقارير سنوية إلى كل من رئيس الجمهورية، ومجلس النواب، ورئيس مجلس الوزراء وعلى مجلس النواب أن ينتظرها، ويتخذ الإجراء المناسب حيالها فى مدة لا تجاوز أربعة أشهر، كما يجوز لهذه الهيئات ابلاغ سلطات التحقيق المختصة بما تكتشفه من دلائل على ارتكاب مخالفات، أو جرائم. الدستور ترك للدولة إنشاء هيئات أخرى رقابية غير جهاز المحاسبات والبنك المركزى وهيئة الرقابة المالية، ومنح هذه الهيئات الاستقلال الفنى والمالى، والإدارى، وطلب أخذ رأيها فى مشروعات القوانين المتعلقة بعملها، وألزم الدستور الدولة بإصدار جميع القوانين المنفذة لأحكامه، فهل تصدر القوانين المنظمة لهذه الهيئات ليؤدى تناغمها إلى وقف الفساد وسد منابعه؟