قال تعالى «ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير» «فاطر 32» تجسدت معاني هذه الآية في أسرة فضيلة القارئ الشيخ محمد محمود الطبلاوي نقيب القراء والذي رزقه الله بثلاثة عشر من الأولاد، ثمانية ذكور وخمس إناث، كان من بينهم القارئ الشاب «محمد» الذي حفظ القرآن على يد والده «الطبلاوي الكبير» والأكثر من ذلك أن الجينات الوراثية لعبت دوراً كبيراً في تشابه طبقة الصوت ونغمته بين الأب والابن، حتى أصبح يطلق عليه «الطبلاوي الصغير» ليذكرنا ب «الطبلاوي الكبير» في السبعينيات من القرن الماضي بحلاوة وقوة صوته ونغمته المستحيلة التي يستحيل تكرارها بالرغم من أن هناك مدارس على مستوى العالم الاسلامي باسمه في عالم التلاوة، لتفرد صاحبها بها، وبالرغم من أن «محمد» يدرس في الفرقة الثالثة بكلية التجارة، لكنه فضل أن يسلك طريق والده ليدخل عالم التلاوة بقوة، حتى صار يقرأ السور في الأزهر الشريف ذلك الجامع العريق مرات عديدة بدلاً من والده، وأصبح يقرأ في المناسبات والليالي وسط مشاهير وعمالقة التلاوة المعاصرين، مستنداً في ذلك الى جرأته وخبرته التي اكتسبها من والده وموهبته وحلاوة صوته، مما أكسبه شعبية كبرى، في بداية مشواره مع التلاوة، في منزله دار هذا الحوار: في البداية نود نبذة عن نشأتك وبداياتك في عالم التلاوة؟ - ولدت في 17-4-89 بميت عقبة بالجيزة، ومنذ صغري وأنا عاشق لتلاوة القرآن خاصة أن والدي هو الشيخ الطبلاوي، الذي نال شهرة واسعة في شتى بلاد العالم الاسلامي والعربي والذي تعود أصوله الى محافظة المنوفية وقد حفظت القرآن منذ أن كان عمري 9 سنوات وكنت أصطحب والدي الى السرادقات أو المناسبات الدينية لأكتسب الخبرة في التلاوة، فهذه المناسبات والليالي هى المعيار الأول لنجاح القارئ لأنها تكون أمام الناس بشكل مباشر، بالاضافة الى أنني قرأت مع مشاهير القراء في ليال عديدة وأنا حالياً أدرس بالفرقة الثالثة بكلية التجارة جامعة عين شمس. صوتك يشبه صوت والدك كثيراً في شبابه فهل تعتقد أن الجينات الوراثية تلعب دوراً في وراثة الموهبة؟ - بالتأكيد.. الجينات الوراثية عامل مؤثر في وراثة الموهبة وجمال الصوت، فقد كنت أحب قراءة والدي كثيراً منذ صغري وأحاول تقليده، حتى انني كنت أقلد والدي وأضع الكاسيت أمامي لأسجل القرآن بصوتي بنفس نبرة صوت والدي، ولذا أرى أن الجينات الوراثية تلعب دوراً أساسياً في وراثة الموهبة والحمد لله، فالفضل يعود لوالدي بعد الله سبحانه وتعالى في ان اتخذت طريق تلاوة القرآن منهجا في حياتي. بصراحة شديدة أيهما تفضل لقب الشيخ أم القارئ الشاب؟ - أحب أي لقب منهما سواء القارئ الشاب أو الشيخ، وأتشرف بهذا اللقب خاصة أنه يدل على حملة القرآن، فهناك شيوخ شيخهم القرآن، وأنا أعتز كثيراً بهذا اللقب الذي أرى أنه أكبر مني بكثير، فلم أبلغ المكانة التي تؤهلني لحمل هذا اللقب بعد، وان كنت قرأت وسط عمالقة التلاوة الآن، لكنني مازلت في بداية طريقي نحو الشهرة وحيازة الألقاب. من أهم المشايخ الذي تتلمذت على يديهم؟ - لم يكن من المعقول أن أكون ابن الشيخ الطبلاوي وأبتعد عن رحابه، فوالدي الأساس منذ صغري، ويتابعني كثيراً، وحفظت القرآن على يديه، فكنت أراجع نصف ربع من القرآن حفظاً وتلاوة وأقرأه أمام والدي مع مراجعة ما سبق أن حفظته على يديه، وأنا في ذلك كنت أسير على طريقة الكتاتيب القديمة وهي أفضل طريقة لتعلم وحفظ القرآن باتقان، حتى أتممت حفظ القرآن على يد والدي وعمري 9 سنوات. في ظل التكنولوجيا الحالية هل نستطيع أن نعول على الكتاتيب فقط في حفظ القرآن؟ - لابد من عودة الكتاتيب، فهي الأساس في حفظ القرآن، فقد كانت الكتاتيب تحفظ القرآن سماعاً وكتابة، وهذا هو أهم العناصر التي تساعد على الحفظ السليم والصحيح لدى الناشئة الصغار، ومع ذلك أنا لست ضد استخدام التكنولوجيا لكن في المسار الصحيح للحفظ والتلاوة. من أهم الأصوات التي تحب أن تستمع اليها من القراء الكبار سواء القدامي أو المعاصرين؟ - أحب كل عباقرة التلاوة من المشايخ القدامى، فكل منهم له لونه الخاص، فهم كالفاكهة تقطف منها ما تريد في الوقت الذي تريد، أما من الجيل الحالي فهناك قراء أجلاء ومحترمون وأصواتهم ندية ومنهم الشيخ محمود الخشت والشيخ الطاروطي، لكنني أفضل القارئ الشاب حجاج هنداوي الذي اعتبره أفضل قارئ موجود على الساحة. ومن أصدقاؤك من القراء الحاليين؟ - كل القراء الموجودين حالياً أصدقائي وأحبهم جميعاً. هل تعتقد أن زمن عباقرة التلاوة مازال موجوداً أم أنه ذهب مع الريح؟ - الله عز وجل يقول في كتابه «ويخلق ما لا تعلمون» فمن الممكن أن تظهر أصوات من الأجيال الجديدة تسبق جيل العباقرة، فلا أحد يعلم الغيب، لكن حتي الآن لم تظهر ألوان جديدة تضاهي هؤلاء العباقرة لكن على أي حال هناك خامات أصوات جيدة. ما أهم المواقف التي لن تنساها في بداية رحلتك في عالم التلاوة؟ - هناك مواقف كثيرة مررت بها في بداية دخولي هذا المجال، فقد كنا في واجب عزاء ووجدت كل المشايخ الكبار متواجدين داخل السرادق، وقد قرأت بينهم، وكنت خائفا جداً، لكن قراءتي نالت استحسان الجميع بفضل الله. بالتأكيد اصطحبت والدك في بعض سفرياته فهل تذكر لنا بعضها وهل قرأت القرآن في وجوده؟ - نعم.. سافرت مع والدي الى جنوب افريقيا بدعوة من وزارة الأوقاف ثم سافرت الى أيرلندا بمفردي بدعوة خاصة وقد قرأت القرآن في وجود والدي في مناسبات عديدة وكان يواجهني كثيراً، حتى أسير في المسار الصحيح، وكان ينتقدني بشدة أحياناً فهو الأب والمعلم في آن واحد، ولهذا اعتبره عيني التي أرى بها ومازال يقدم لي النصيحة والارشاد بصفة دائمة. تقرأ في الأزهر الشريف بدلاً عن والدك كثيراً فما شعورك وأنت تقرأ في رحابه؟ - بالفعل قرأت في الأزهر الشريف كثيراً، فأحياناً يكلفني والدي بالقراءة بدلاً عنه، أما عن شعوري بالقراءة في هذا الجامع العريق فلا يوصف، فله مهابة واجلال وأيضاً يذكرني بالأصالة التاريخية له والروحانيات العالية به. ألم تفكر في الالتحاق بالاذاعة؟ - أفكر فيها بجدية وسيحدث قريباً إنشاء الله. وهل سيتدخل الشيخ الطبلاوي في الحاقك بالاذاعة؟ - كل أب يريد أن يصبح ابنه أفضل منه، لكن لو لم أكن مؤهلاً لذلك فلن يساعدني في الالتحاق بها. وهل ترغب في دخول عالم الكاسيت؟ - بالتأكيد.. وسيحدث قريباً باذن الله. لماذا لا ترتدي الزي الأزهري مثل والدك؟ - لا يفرق معي ارتداء الزي الأزهري أو غيره، فكل زي له رونق خاص خاصة أننا نعيش في زمن غير الماضي، وهناك تفاوت في الأجيال لكنني لست ضد أي زي معين. حضرت مناسبات كثيرة لشخصيات شهيرة فما اخرها؟ - نعم قرأت في مناسبات عديدة لشخصيات شهيرة وكان آخرها عزاء الفنان حسين الامام رحمه الله. ما نصيحتك لقراء القرآن؟ - أن يتقوا الله وأن يضع كل قارئ تقوى الله أمام عينيه دائما في كل أفعاله، ولابد أن يحافظوا على احكام القرآن وتجويده والأهم العمل به. ما أهم هواياتك؟ - أمارس حياتي بشكل طبيعي مثل أي شاب في سني، وأحب ممارسة الرياضة بكل فنونها مثل: السباحة وكرة القدم جداً خاصة أن والدي نفسه كان يعشقها كثيراً وأمارس الرياضة في نادي الترسانة ونحن جميعاً أعضاء في نادي الزمالك. أخيراً.. ما طموحاتك؟ - أن يوفقني الله في هذا المجال وألتحق بالاذاعة قريباً.