بعد غزوة العشيرة التى تناولناها فى الحلقة الماضية والتى خرج فيها الرسول صلى الله عليه وسلم فى 150 راكبا لملاحقة قافلة أبوسفيان التجارية ولم يلحق بها نتناول اليوم ما دار فى هذه السرية والتى سقط فيها اول قتيل من مشركى مكة ليتحول الامر من مجرد مناوشات إلى مواجهات وقتل ومصادرة ولكن فى سياق السطور القادمة سنعلم ماهى الأسباب التى أوقعت هذا القتيل. فى شهر رجب من عام 2 هجرية الموافق يناير سنة 624 ميلادية بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبدالله بن جحش الأسدى الى نخلة فى اثنى عشر رجلا من المهاجرين (كل اثنين) يعتقبان على بعير وكان رسول الله كتب له كتابا وأمره ألا ينظر فيه حتى يسير يومين ثم ينظر فيه، فسار عبدالله ثم قرأ الكتاب بعد يومين فإذا فيه (اذا نظرت فى كتابى هذا فامض حتى تنزل نخله بين مكة والطائف فترصد بها عير لقريش وتعلم لنا من أخبارها) فقال سمعا وطاعة وأخبر اصحابه بذلك وانه لا يستكرههم فمن احب الشهادة فلينهض ومن كره الموت فليرجع وأما انا فناهض فنهضوا كلهم غير انه لما كان فى اثناء الطريق اضل سعدبن ابى وقاص وعتبة بن غزوان بعيرا لهما كانا يعتقبانه فتخلفا فى طلبه وصار عبدالله بن جحش حتى بلغ نخله فمرت عير لقريش تحمل زبيبا وادما وتجارة وفيها عمرو بن الحضرمى وعتمان ونوفل ابنا عبدالله بن المغيرة فتشاور المسلمون وقالوا نحن فى آخر يوم من رجب الشهر الحرام فإن قاتلناهم انتهكنا الشهر الحرام وان تركناهم الليلة دخلوا الحرم ثم اجتمعوا على اللقاء فرمى أحدهم عمرو بن الحضرمى فقتله وأسروا عثمان والحكم وأفلت نوفل ثم قدموا بالعير والاسيرين الى المدينة وقد عزلوا من ذلك الخمس وهو أول خمس كان فى الاسلام وأول قتيل فى الاسلام وأول أسيرين فى الاسلام وأنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم مافعلوه وقال ما أمرتكم بقتال فى الشهر الحرام ووقف التصرف فى العير والاسيرين ووجد المشركون فيما حدث فرصة فى اتهام المسلمين بأنهم قد أحلوا ما حرم الله وكثر فى ذلك القيل والقال حتى نزل الوحى حاسما هذه الأقاويل وان ما عليه المشركون أكبر وأعظم مما ارتكبه المسلمون. وقد نزل قول الله عز وجل (يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل) وبعد ذلك اطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم سراح الاسيرين وأدى دية المقتول الى أوليائه.