من مواقف هذا الصحابي الجليل أنس بن مالك - رضي الله عنه - التي تتعلق بهذا الشهر الكريم: ما ورَد في صحيح مسلم عن أنس - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي في رمضان، فجِئت فقُمت إلى جنبه، وجاء رجل آخر فقام أيضًا، حتى كنا رهطًا، فلمَّا حسَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّا خلفه، جعل يتجوز في الصلاة، ثم دخل رَحْله، فصلى صلاة لا يصليها عندنا، قال: قلنا له حين أصبحنا: أفطِنت لنا الليلة؟ قال: فقال: نعم، ذاك الذي حملني على الذي صنَعت، قال: فأخذ يواصل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذاك في آخر الشهر، فأخذ رجال من أصحابه يواصلون، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ما بال رجال يواصلون؟ إنكم لستُم مثلي، أما والله لو تمادَّ لي الشهر، لواصلت وصالاً يَدَع المتعمقون تعمُّقهم). في هذا الموقف دلالة على حرص أنس بن مالك - رضي الله عنه - على الاقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذلك انطلاقًا من قوله - سبحانه وتعالى -: «لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا» (الأحزاب: 21). وذلك حين قام أنس بن مالك - رضي الله عنه - يقتدي برسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قام يصلي من الليل في رمضان؛ تحقيقًا للاقتداء، وطلبًا للثواب العظيم المترتب على قيام رمضان إيمانًا واحتسابًا؛ لما ورَد في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه» . انتهَز أنس الذى توفى في العقد الثاني من العمر فرصة رؤيته لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي من الليل في رمضان، فقام إلى جنبه يصلي بصلاته دون أن يستأذِن؛ لأن هذا العمل لا يحتاج إلى استئذان. ومن حديث أنس - رضي الله عنه - أنه جاء أيضًا رجال آخرون يصلون بصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولكن الظاهر من الرواية أن أنس بن مالك - رضي الله عنه - هو المبادر إلى هذا العمل، وجاء الباقون على أثره، ولا شك أن صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جميعًا حريصون على الخير، وانتهاز الفرص في ذلك