وعادت الدماء الفلسطينية لتنزف من جديد على الأراضى المغتصبة، فقدس فلسطين ظلت الشوكة الطاعنة بظهر المعتدى الإسرئيلي, والسيف المُسلط على رقابهم.. ولم تستطع نيرانهم ولا مدافعهم تثبيط عزم المقاومة التى أبت أن تتراجع إلا بعودة فلسطين لأصحابها. غزة تكتوى تحت مرمى النيران المحتلة، فلا تزال الطائرات الحربية الإسرائيلية تغير على أهدافٍ مدنية وعسكرية فى قطاع غزة، فتقتل الأطفال والشيوخ والنساء، وتنال من المدنيين الآمنين العزل، فى محاولةٍ أخرى للنيل من صمود وثبات الفلسطينيين، ظانةً أنها ستكسر إرادتهم، وستحطم كبرياءهم، وستجبرهم على الخضوع والخنوع، والاستسلام والقبول، وستتمكن هذه المرة من تغيير موازين القوى، وشطب معادلة الرعب التى فرضتها المقاومة الفلسطينية، والتى جعلت العمق الصهيونى كأطرافه، وشماله كجنوبه، تطال صواريخها كل مكانٍ فيه، وتصل إلى كل هدفٍ تحدده، فما عادت القدس بعيدة، ولا تل أبيب عصية، ولا شمالها محصنا أو آمنا. إنها الحرب الثالثة التى يعلنها الكيان الصهيونى على قطاع غزة فى أقل من عشر سنوات، وفى كل مرة تدك طائراته أرض القطاع، وتدمر مساكنه ومبانيه، وتخرب شوارعه وطرقاته، وتعيث فيه فساداً، وبعد أيام تكتوى فيها بنار ردود المقاومة، فتستصرخ مصر والولايات المتحدةالأمريكية والعالم كما يتوقع المحللون، ليدخلوا على خط المعركة، ويتوسطوا لدى المقاومة، لتوقف إطلاق الصواريخ، وتقبل بهدنةٍ جديدة، وبشروطٍ أخرى، لتزف إلى شعبها ومواطنيها تباشير الهدنة، ليتمكنوا من الخروج من ملاجئهم، واستئناف حياتهم، والعودة إلى مزاولة أعمالهم. منذ أيام والوضع غير مستقر على الأراضى الفلسطينية، فقد كانت إسرائيل قد بدأت عملية عسكرية أطلقت عليها اسم «الجرف الصامد»، ردًا على الصواريخ الفلسطينية التى أطلقت مؤخراً لنحر العدو الاسرائيلى منها 40 صاروخاً أطلقت من غزة، 30 منها سقطت داخل إسرائيل بينما تمكنت مضادات الصواريخ الإسرائيلية من إسقاط الباقي. وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن بدء عملية عسكرية برية فى القطاع المحاصر، وأصدر تعليماته إلى الجيش الإسرائيلى ب«خلع القفازات» وتوسيع رقعة العملية العسكرية ضد حماس، جاء ذلك خلال جلسة المشاورات الأمنية التى ترأسها صباح أمس. ومنذ بدء العدوان الإسرائيلى الأخير ليلة أمس على قطاع غزة، قصفت طائرات الاحتلال أكثر من 51 منزلاً تم تدمير معظمها بشكل كامل تعود لعائلات فلسطينية شهدت أيام عصيبة جراء الأزمات الأخيرة، واستهدفت 3 مساجد، وأراضى زراعية فى أنحاء متفرقة، يذكر أن 50% من سيارات الإسعاف متوقفة عن العمل جراء عدم توفر وقود كافٍ لتشغيلها؛ مما يسبب عجزًا كبيرًا لدى الوزارة فى نقل المصابين فى ظل التصعيد المتواصل من قِبَل الاحتلال. وقد أعلنت مصادر أمنية أن إسرائيل اغتالت محمد شعبان القائد الميدانى فى كتائب القسام ومساعده وناشطا ثالثا كانوا يستقلون سيارة فى وسط مدينة غزة، عندما تم استهدافهم بصاروخ من طائرة إسرائيلية، فضلا عن استهداف الغارات، التى توزعت بين شمال ووسط وجنوب القطاع، مواقع أمنية ومراكز تدريب تابعة للفصائل الفلسطينية وأراض زراعية تقول إسرائيل أن مسلحين يستخدمونها لإطلاق صواريخهم. فيما حذرت كتائب الشهيد عز الدين القسام الاحتلال الإسرائيلى من الاستمرار فى سياسة استهداف المنازل فى قطاع غزة، مهددة بتوسيع دائرة الاستهداف للمستوطنات والبلدات الإسرائيلية فى الأراضى الفلسطينيةالمحتلة، وقالت الكتائب الذراع العسكرية لحركة حماس فى بيان عسكرى مقتضب، فجر اليوم الثلاثاء "إن استهداف البيوت الآمنة بهذا الشكل هو تجاوز لكل الخطوط الحمراء، وإذا لم يوقف العدو فوراً سياسة قصف المنازل فإننا سنرد بتوسيع دائرة استهدافنا، وسنواجه هذه السياسة بما لا يتوقعه العدو، وعلى قيادة العدو أن تتحمل نتائج هذا الإجرام وهذه السياسة الهمجية. فهل يكرر السيناريو نفسه.. من غدر للمحتل الصهيونى التى تفشل مخططاته مرة تلو الأخرى ليعود نادماً مطالباً بتجديد الهدنة وتطبيق شروطها السبع لكلا الطرفين.. أم تزأر الشعوب العربية فى وجه المحتل لتعيده إلى جحوره نادما على ما اقترفته يداه فى حق أبناء العرب.