جاء حكم القضاء الإداري بحل المجالس المحلية انتصاراً جديداً لثورة 25 يناير لكنه أدي في الوقت نفسه إلي أزمات ومشكلات عديدة في الأقاليم، التي كانت تعتمد علي هذه المجالس في إنجاز العديد من المصالح في ظل انشغال الحكومة في القاهرة بقضايا أخري لن تجعلها مؤهلة لأن تسمع مشكلة عن ماسورة مياه شرب مختلطة بأخري للصرف الصحي في قرية صغيرة بأسيوط. أحد المعضلات التي تواجه الخريطة السياسية المصرية تأتي من خلال أن انتخابات مجلس الشعب المقرر إجراؤها خلال شهرين تستلزم وجود مجالس شعبية منتخبة، فهل سيتم تأجيل انتخابات مجلس الشعب؟ أم سيتم إجراء انتخابات المحليات قبل هذا التاريخ، وهو ما يعني أننا سنكون أمام قائمة طويلة من الانتخابات بدءا من انتخابات البرلمان والمحليات وحتي الانتخابات النقابية التي بدأت بانتخابات نقابة الصيدلة ثم انتخابات نقابة الأطباء ثم نقابة المهندسين والمحامين. «حان الوقت للعودة إلي نظام المجلس الواحد وإلزام المحافظة بوضع قواعد تتضمن اختيار نظام تنفيذي منتخب علي غرار التجربة القديمة التي تمت وفقا للقانون 124 وأثبتت نجاحها» بهذه العبارة بدأ الدكتور قدري أبو حسين محافظ حلوان السابق حديثه مع «الوفد الأسبوعي» قائلا إنه بإدخال بعض التعديلات علي القانون الحالي ستنتهي ظاهرة التخبط والارتباك التي كان يعاني منها المجلس المحلي ويقضي علي ظاهرة التناقض التي كان يعمل بها الجهاز التنفيذي, كما أن طريقة المجلس الواحد متبعة علي مستوي العالم كله. وأضاف أبو حسين أن هذه الطريقة لا تخلق نوعا من التضارب بين الجهازين التنفيذي والشعبي لأن الوضع الحالي يعطل من مسيرة العمل في المحليات التي تنتمي لسلطة واحدة في النهاية, مؤكدا ضرورة إجراء تعديل تشريعي بهذا الشأن في الوقت الحالي وأنه لا ضرورة لعودة مجالس محلية علي غرار ما كان قائما, خاصة أنه لا توجد دولة بالعالم تطبق فكره المجلسين التنفيذي والشعبي في نفس الوقت خاصة أن فكرة المجلسين تطبق في الدويلات الصغيرة وهو مالا ينطبق علينا لأننا أمام إدارة محلية تتبع سلطة واحدة، لأن نظام المجلسين يخلق تنازعاً علي الاختصاص يؤدي إلي التفكك. وتابع محافظ حلوان السابق: لا أري صعوبة في إجراء انتخابات محلية في الوقت الحالي، رافضا فكرة سيطرة فلول الحزب الوطني علي الانتخابات القادمة لأن العناصر السابقة كانت تنجح بفعل تدخل الحزب الوطني المنحل وقياداته، مضيفاً أنه إذا تم إجراء انتخابات حرة ونزيهة ستفرز مجالس حقيقية تساهم بقوة في تحقيق الأهداف المرجوة منها. أما المستشار محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الأسبق فيري أن تغيير المجالس المحلية ركن من أركان الديمقراطية لأن دورها في إطار انتخابات حرة يتمثل في رقابة السلطات المحلية التنفيذية التي يرأسها المحافظ ورؤساء المدن والأحياء ما يرشد أداء المحليات ويأتي في صالح الوطن. وأضاف أن دستور 1971 الملغي نص علي وجوب تنظيم العلاقة بين المجالس المحلية والشعبية لتراقب الأجهزة التنفيذية, الا ان النظام البائد لم يؤمن بذلك ولم يستند إلي سلطة الشعب وكان يتعمد تزويرها, والأدهي من ذلك أنه حرم المجالس المحلية في قانون المحليات من حقها في رقابة المحافظ والأطراف المحلية وكانت بمثابة أداة للنظام والحزب الوطني المنحل. واكد الجمل أن ثورة يناير حققت إنجازا مهما بإعادة تنظيم القانون المحلي وتم السماح بالاختيار بين سرعة إجراء الانتخابات للمجالس المحلية خلال 30 إلي 60 يوماً حتي لا يحدث فراغ في المحليات وإما يتم تعيين مواطنين لفترة مؤقتة حتي يتم إعداد قانون, وأشار الي اختيار الحكومة للحل الثاني وأن يقوم المحافظ بترشيح لأعضاء ممن يكونون حسني السمعة وكفاءات علي إدارة الرقابة. ويري الجمل أنه احتراما للديمقراطية، وبدلاً من تعيين مجالس مؤقتة من المحافظين لأعضاء المجالس خاصة أن هناك شبهات حول تبعية بعض المحافظين للنظام السابق, يتم وضع قانون بتعديلات واضحة لانتخابات هذه المجالس, وتعليقا علي القول بأن هناك حالة انفلات أمني لا تسمح بإجراء انتخابات في الوقت الحالي قال إنه لو صدق وعد عصام شرف بعودة الأمن خلال شهر كما جاء بخطابه فالأفضل أن يتم إجراء انتخابات وتكون هي الأولي وذات أفضلية لأنها قاعدة أساسية لباقي الانتخابات سواء البرلمانية أو الرئاسية. أوضح الجمل ان قانون المجالس الجديد يجب أن يضمن حرية الرقابة علي النظام التنفيذي بالمحافظة وتسمح بتقديم استجوابات للأداة التنفيذية في مجلس الشعب, كما يتم تغيير وضع انتخاب رؤساء المجالس المحلية وتحديد شرط انتخابات تنتقي أعضاء حسني السمعة لتجنب مساؤي النظام السابق, مشيرا إلي أن القانون الجديد تقوم علي إعداد لجنة قانونية متخصصة لها خبرة تشريعية وتعد مسودة يبدي الرأي العام فيها وجهات النظر والاعتراضات التي يراها ويناقشها مجلس الوزراء الذي يقوم بدوره بإحالتها إلي المجلس العسكري بصفته الحاكم الحالي للبلاد وهذا يتم في حالة عمل قانون حالي. المستشار أحمد الفضالي احد مقيمي دعوي حل المحليات يري أن النظام الواجب العمل به كبديل عن المجالس المحلية قيام لجان شعبية تتولي التعبير عن مطالب وعرض مشكلات المواطنين في القري والنجوع والشياخات إلي حين إجراء انتخابات نزيهة جديدة وفقاً لصحيح القانون. وطالب الفضالي بضرورة تغيير قانون المحليات لعدم صلاحيته لمرحلة ما بعد الثورة موضحاً أننا نحتاج إلي قانون يعبر عن مزيد من التحرر والانطلاق عن التعبير عن مصالح المصريين دون النظر لاعتبارات أخري, وفصل سلطتها عن المجالس المحلية مع منحها سياسة اللامركزية التي تساعد علي حرية أداء العمل من خلال الرقابة الشعبية الحقيقية المباشرة، وأن يكون لمجلس الشعب سلطة استجواب المجالس المحلية وألا تفرض أية رسوم علي الشعب إلا بقانون.