في مثل هذا اليوم 3 يوليو من العام الماضي 2013، تم عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي وإقصاء الإخوان بعد أداء سيئ وإدارة أسوأ للبلاد خلال مدة عام كامل 2012-2013 كادت تنتهي الي حرب أهلية بالبلاد لولا انحياز الجيش الي الإرادة الشعبية وقيامه بدوره الوطني كما حدث في 25 يناير 2011 حين انحاز الي الشعب ضد النظام لسوء إدارته للبلاد. تجربة مرسي في الحكم تستحق التأمل والرصد حيث لم يحتمل المصري استمراره رئيسا بعد عام واحد فقط، في حين احتملوا المخلوع مبارك زهاء ثلاثين عاما والحقيقة أن أخطاء مرسي في ذلك العام المشئوم فاقت أخطاء مبارك بإصدار إعلانه الدستوري الذي منحه صلاحيات إلهية لم يحصل عليها حاكم مصري من قبل وبتفصيله دستورا علي مقاس الإخوان والتيار الإسلامي فقط وإلغاء القوي المدنية بما فيها الليبرالية واليسارية والقومية، ناهيك عن سعيه الي الأخونة بشكل محموم للسيطرة علي مفاصل الدولة لإحياء فكرة الخلافة الإسلامية حتي لو اقتضي الأمر التنازل عن سيناء للفلسطينيين والتفريط في حلايب وشلاتين للسودان وقراءة سريعة في أسباب سقوط الرئيس المعزول محمد مرسي بعد عام واحد فقط تكشف أنه رجل الحسابات الخاطئة وأن سقوطه كان مسألة حتمية وليست افتراضية لأنه كان ضد نفسه أو لأن مرسي كان ضد مرسي، وعموما أخطأ مرسي في الآتي: أولا: أخطأ في الاعتماد علي الإدارة الأمريكية لدعمه ومساندته لأنه رئيس منتخب وشرعي وكأن الانتخاب والشرعية يغضان الطرف عن سوء إدارته للبلاد تماما مثل الذي يحمل رخصة قيادة سيارة ولكنه يجهل بديهيات القيادة، ما يؤكد هذا الزعم تسريب أنباء عن تحرك بارجتين أمريكيتين في البحر الأحمر وقت عزل مرسي ولم يتم تأكيد الخبر أو نفيه من السفارة الأمريكية وتردد أن مرسي والشاطر حصلا علي مليارات الدولارات مقابل توطين الفلسطينيين في سيناء ولم يتم التأكد من صحة الخبر أيضا، عموما علاقة مرسي بالإدارة الأمريكية كانت ملتبسة ويغلفها الغموض وأعتقد أن الأوان لم يحن لكشف أسرارها، وفي كل الأحوال كانت رهانات مرسي بانحياز الإدارة الأمريكية الي جانبه في صدامه مع الشعب والجيش خاطئة. ثانيا: أخطأ مرسي في تقدير انحياز الجيش الي جانبه ضد قلة من المعارضين خرجوا في 30 يونية الي 3 يوليو 2013 ثبت أن 33 مليون مصري تظاهروا مطالبين برحيل مرسي وكان مرسي يعيش في عالم من الأوهام تصور له أن الجيش سوف ينحاز الي الشرعية ناسيا أن شرعيته سقطت برفض المصريين له ومطالبتهم بخلعه وأن شرعية الشارع أقوي من شرعية الصندوق والمؤكد أن الجيش حاول الوساطة بين القوي الإسلامية والمدنية بعد الإعلان الدستوري المشئوم إلا أن مؤسسة الرئاسة في عهد مرسي هي التي رفضت تلك الوساطة وقد حاول مرسي إقالة المشير عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع إلا أنه فشل كما أوعز الي قائد الحرس الجمهوري باعتقاله إلا أنه رفض لأنه قائده المباشر وليس مرسي، وفي تلك الرواية التي نشرها الإعلامي عمرو أديب مؤخرا حاول مرسي أن يقلد الرئيس الراحل السادات عندما أوعز الي اللواء الليثي ناصف قائد الحرس الجمهوري باعتقال مراكز القوي في مصر خلال صراعهم علي الحكم وأدي الليثي ما عليه انحيازا الي الشرعية ونسي مرسي أن شرعيته أضعف من شرعية السادات رغم أنه جاء بالانتخاب وليس بالاستفتاء وفي تلك الواقعة أخطأ مرسي قراءة الواقع برهانه علي الجيش. ثالثا: أخطأ مرسي في تقدير قوة الإسلاميين الذين انحازوا إليه ونصبوا مخيمات في رابعة العدوية والنهضة راحوا من خلالها يهددون المصريين بعظائم الأمور وبالقتل والسحل إن خرجوا علي الشرعية. كما هددوا بإعلان الثورة الإسلامية في مصر والعالم كله حفاظا علي الإسلام وقد رأينا علي منصة رابعة أمراء الإرهاب الذين اغتالوا السادات في حادث المنصة 1981 يلوحون بشلالات من الدماء إن تم عزل مرسي ولم يتم الحفاظ علي الشرعية، كانت حسابات مرسي خاطئة لأن الجيش عندما انحاز الي الإرادة الشعبية اختفت تلك الشخصيات في جحورها واستسلمت فورا لقوات الشرطة كما أخطأ مرسي في قراءة عدد المتظاهرين الذين يرفضون استمرار حكمه وقد استطاعت «تمرد» جمع 2 مليون توقيع لسحب الثقة من مرسي والدعوة لإجراء انتخابات رئاسية جديدة إلا أنه رفض كما ذكر في حواره مع مجلة «دير شبيجل» قبل خلعه بأيام معلنا استمراره في الحكم حتي انتهاء ولايته وحتي عندما طالبه المشير عبدالفتاح السيسي بإجراء الانتخابات الرئاسية لزيادة عدد المتظاهرين ضده الي30 مليون مصري علي الأقل، إلا أنه رفض مؤكدا أن هؤلاء عدة آلاف لا أكثر.. أي أنه أصر علي تدهور الأوضاع والصدام مهما كانت النتائج مغلبا مصلحته الشخصية علي مصلحة الوطن فاستحق ما جري له.