التطور الرهيب فى مجال تكنولوجيا الاتصالات فاق الخيال ولم يكن أحد مهما أوتى من خيال خصب يتصور أن نصل إلى ما وصلنا إليه فى وسائل الاتصال. والتوقعات بطفرات هائلة من التطور فى هذا المجال مخيفة جداً، فهناك تصور أن يصل عدد الأجهزة المتصلة ببعضها نحو 50 مليار جهاز بحلول عام 2020 والجديد ليس فى اتصالات الفويس أو التليفون المحمول وإنما أبعد من ذلك فهناك تصور أن يكون اتصال الناس بعضهم ببعض شخصيا وبدون وساطة أجهزة تليفون محمولة أو حتى بدون الشبكة العنكبوتية الإنترنت بمعنى أنه يمكن لشخص أن يتصل بآخر عن طريق موجات كهرومغناطيسية أو موجات ذهنية أو إشعاعية خاصة تنطلق من ذهن الشخص فتصل إلى الشخص الذى يفكر فى الاتصال به وهناك تصور أن يتم وضع الشريحة داخل المخ أو الجسد لنتصل بالدنيا كلها بل ونشاهد الأفلام والبرامج من خلال كف اليد مباشرة ولا الحاجة إلى أى أجهزة وهناك من يذهب بالخيال أبعد من ذلك فيري أن الدنيا كلها سوف تتغير خلال أقل من 5 سنوات وسوف تختفى الصحف الورقية وحتى الديجيتال ليكون هناك أدوات اتصال جماهيري مختلفة ولا حاجة إلى الدش والديكودر لتشاهد العالم فبعد أن أطلق مارشال ماكلوهان مقولته الشهيرة فى القرن الماضى بأن العالم تحول إلى قرية صغيرة سوف تختفى هذه المقولة ويتحول العالم إلى أوضة وصالة والمخيف فى الأمر أنه لن يكون لدينا أسراراً، بل سيكون كل شيء على الهواء حتى مشاعرنا الداخلية من حب ورغبة وكراهية سوف تكون مفضوحة. السؤال الذى يطرح نفسه بإلحاح الآن ما هو موقع مصر والعالم العربى من هذه الثورة التكنولوجية الخطيرة وهذه الثورة فى عالم الاتصالات وما مدى استعدادنا لتلقى هذه التكنولوجيا والتعامل معها والاستفادة العظمى منها ونعلم أن أفريقيا والعرب سوق رائجة جدا للتكنولوجيا ونعلم أيضا أن الشرق الأقصى فى كوريا واليابان متطور جداً وأن أوروبا وأمريكا تلهثان خلف الشرق الأقصى للحاق بصاروخ التكنولوجيا ونعلم أن هذا العالم يصدر إلينا التكنولوجيا متاخرا اى بعد ان يكون قد انتقل إلى تكنولوجيا أخرى أحدث، فمثلا العالم كله الآن يعمل بتكنولوجيا الجيل الرابع فى المحمول والأجهزة الذكية ونحن مازلنا نتحسس طريق الجيل الثالث ونعلم أن السرعة فى الإنترنت وصلت إلى 300 أو 400 ميجا ونحن مازلنا بسرعة السلحفاة لم نصل إلى سرعة 20، فهل نسارع إلى اللحاق بهذا العالم الذى لن يرحم من يتخلف طبعا لدينا طموحات وأحلام فى عالم التكنولوجيا وتطبيقاتها فى الصناعة والزراعة وكل شيء ولكن البداية الصحيحة أن يكون لدينا بنية أساسية عملاقة قادرة على استيعاب هذا التطور الصاروخى وهو ما يصبو إليه الوزير عاطف حلمى، حيث يضع على رأس أولوياته إنشاء هذا الكيان العملاق بمشاركة وزارات عديدة وبمساهمة عملاقة من القطاع الخاص لإنشاء كيان ضخم يتولى تطوير البنية الأساسية فى قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات باستثمارات مبدئية قدرها 45 مليار جنيه.