لا أعلم إذا كان وزير الصحة مستمراً فى الحكومة الجديدة أم سيكون من المستبعدين من التشكيل إلا أن المتأكد منه أنه فشل مثل سابقيه من الأسماء التى تولت هذه الوزارة في تغيير الوصف الذى أطلق على المستشفيات الحكومية بأن الداخل إليها مفقود والخارج مولود وأضيف وصفاً آخر إلى المستشفيات الخاصة بأن الداخل إليها مطرود والخارج مسروق إما مسروق عمره أو مسرقة فلوسه. الطب فى بلادى تحول إلى تجارة ملائكة الرحمة وأقصد الأطباء أصبحوا سماسرة معظمهم على الأقل كنا فى السابق نلاحظ لهفة الطبيب على المريض الذى يذهب اليه فى المستشفى الحكومى أو حتى في عيادته الخاصة وتكاد دموعه تسيل على خديه عندما يتأكد له أن حالة المريض متأخرة وميئوس من شفائه، وكان الطبيب لا تطاوعه شجاعته على مصارحة المريض بحقيقة مرضه، ويكتب له العلاج المطلوب على أمل رجاء شفائه من الله عن طريق معجزة، وأحياناً كان الطبيب ينتحى جانباً بأهل المريض ويبلغهم بالحقيقة ويطلب منهم عدم نقلها الي المريض حفاظاً على روحه المعنوية، هذا كان يحدث من بعض الأطباء، لكن هؤلاء ذابوا فى زمن المادة وظهرت طبقة من الأطباء تحجرت قلوبهم، وانتزعت منها الرحمة وأصبح جمع المال هو همهم يعالجون المرضى على طريقة المرمات أو المقاولات، وعرفوا طريقهم الى المستشفيات الاستثمارية، يتعاملون مع المرضي كأنهم حيوانات تساق الى السلخانة، قد يكون هذا الكلام صادماً لكنه حقيقة مرة يستطيع أى مسئول وخاصة إذا كان هذا المسئول هو المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء الذى أطالبه بعد الانتهاء من أداء الحكومة الجديدة اليمين الدستورية بالقيام بحملة على المستشفيات الحكومية والخاصة ليرى بنفسه المرضى الذين يتم طردهم من الأولى بحجة عدم وجود علاج ولا أطباء وطردهم من الثانية لأنهم لا يملكون نفقات العلاج كما سيرى المهندس محلب ومعه وزير الصحة الجديد المهانة والإساءة وقلة الأدب والألفاظ الهابطة والبذيئة التى يتلفظ بها الأطباء للمرضى الغلابة الذين ساقتهم الأقدار والأمراض الى هذه المستشفيات وفرضت عليهم الظروف الوقوع فى قبضة أطباء وإدارات مستشفيات أول شىء تتحدث فيه قبل اسعاف مريض الطوارئ من المصابين في حوادث أو أصحاب الحالات الحرجة الطارئة هو اذهب الى الخزنة وادفع تحت الحساب، المبلغ المطلوب صادم لأكثر من نصف الشعب المصرى الذى يعيش تحت خط الفقر، المريض ينزف، والزوج أو الزوجة تصرخ، والأبناء يلطمون الخدود والأهل يتضرعون الى الله، ويتوسلون الى السيد مدير المستشفى الذي يشير الى رجال الأمن الخاص بطرد المريض، أو أن يطلبوا منه بأن يفوت عليهم بكره عندما يحضر الطبيب المختص، بالله عليك يارئيس الوزراء من أين يأتى هؤلاء البسطاء بآلاف الجنيهات تواً وفى الحال عندما تكون هناك حالة طارئة في حادثة أو أزمة صحية مفاجأة. وإذا تصرفت الأسرة وباعت كل ما تملك ودخل المريض المستشفى فإنه لن يخرج الا على القبر أو إلى السجن لعدم تمكنه وأسرته من سداد مستحقات المستشفى ، الطبيب يفاصل فى العلاج قبل أن يرحم المريض الراقد أمامه يرفع رمشاً يخفض آخر، يتوسل اليه والطبيب غارق فى حسبته الخاصة كم سيكون حقه من وراء ذبح هذا المريض. هذه القضية ليست جديدة ولكن جريمة التحرش التى وقعت فى التحرير فجرتها من جديد عندما رفضت بعد المستشفيات استقبال ضحية التحرش، وساقت للمجنى عليها نفس الحجج المستهلكة التى تصدم بها المستشفيات آلاف المرضى يومياً، بعضهم يموت على أبواب هذه المستشفيات، وبعضهم يتعرض لإهانات بالغة من أطباء لا يستحقون شرف العلم الذى حصلوا عليه مجاناً فى جامعات الدولة. الدستور الجديد حاول وضع حل لهذه القضية عندما جعل لكل مواطن الحق فى الصحة وفى الرعاية الصحية المتكاملة وفقاً لمعايير الجودة وجعل امتناع المستشفيات عن تقديم العلاج بأشكاله المختلفة لكل إنسان فى حالات الطوارئ أو الخطر على الحياة جريمة، المطلوب تفعيل هذا النص الدستورى وتحويله حالاً إلى مشروع قانون يصدره الرئيس السيسى طبقاً لصلاحياته التشريعية حالياً، إن تأخير هذا الحق سيكون ثمنه وفاة آلاف المرضى الغلابة يومياً أمام جبروت تجار المرض المسمين مجازاً أطباء.