التحرش في الماضي كان يُعتبر أحد المحرمات التي لا يجب التحدث عنها فقد كانت الفتاة تخشي ان تقول ان احد تحرش بها في الشارع و لوقت قريب كان التحرش يتم عن طريق اللفظ فقط ببعض الكلمات الخادشة للحياة و لكن مع التدهور الأخلاقي والانحدار الفكري الذي اصاب المجتمع قد تطور الامر حتي وصل الي مانراة الان من تحرش جسدي قد يصل الي اصابات بالغة كما حدث مع فتاة التحرير و قبلها مع العديد من الحالات و بلا شك ان هذه الظاهرة انتشرت علي نطاق واسع بعد ثورة 25 يناير بسبب الخلل الامني الذي حدث في الشارع المصري بالتزامن مع الانهيار الاخلاقي في المجتمع المصري خلال العقد الاخير . و للاسف الشديد يحاول البعض الصاق اسباب التحرش بالفتاة نتيجة ملابسها او مظهرها و امر غير منطقي علي الاطلاق و الدليل علي ذلك ان المجتمعات الاوروبية علي سبيل المثال و التي تكون الفتاة فيها متحررة في الملبس و العلاقات و التعامل لا يحدث بها حالات تحرش الا في النادر قي الوقت التي تتعرض فية الفتاة المصرية للتحرش دون النظر الي ملابسها لان في مجتمنا المتحرش لا يفرق بين الفتاة المحجبة او المنقبة او المتحررة و في حالات كثيرا يتطور التحرش الي اعتدات جنسية خطيرة فقد تعرضت العديد من الفتيات المصريات خلال الفترة الماضية الي الخطف و الاغتصاب و لم يقف الامر عند الفتيات فقد تم خطف العديد من الاطفال الذي تم الاعتداء الجنسي عليهم و تم التخلص من البعض بعد اتمام الاعتداء عليهم . اذن نحن امام ماساة حقيقة و انهيار اخلاقي يمر بها المجتمع المصري ولعل أول طريق الخلاص الاعتراف بأننا نعيش أزمة محققة تمثل كارثة اخلاقية مدمرة تتطلب رؤية علمية شاملة تنطلق من القدرة علي التعامل مع متغيرات المجتمع المصري رؤية مع وقفة جادة تتضافر فيها جهود كل أجهزة الدولة ومؤسسات المجتمع المدني لإعادة المجتمع الي اصلة . و يجب ان لا يقتصر الامر علي الجانب الامني فقط لاننا بذلك نحمل الشرطة فوق طاقتها في مشكلة انتشرت بشكل كبير داخل المجتمع و علاجها يتطلب مشاركة مجتمعية واصلاح الخلل الذي اصاب عدد من اضلاع المجتمع . ولعل اهم هذه الاضلاع الاسرة و التي عليها عب كبير من خلال المراقبة و المتابعة الدقيقة لسلوك و تصرفات الطفل و المراهق داخل البيت او مع الاصدقاء او في المدرسة او الجامعة مع اعطاء مساحة كبيرة من الثقة لان البيت هو العامل الاساسي الذي يبداء منة الخلل في حياة الطفل و المراهق و تكون النتيجة خروج شخص غير سوي للمجتمع نتيجة غياب دور الاسرة و يجب ايضا تكثيف حملات التوعية والاعلام لإعلاء القيم الايجابية لاحترام المرأة و مخاطبة الاسرة المصرية من خلال الاعلام لنشر هذه القيم . و ايضا التعليم سبب رئيسي في انهيار القيم و الاخلاق و منظومة التعليم تحتاج الي اصلاح شامل يتواكب مع روح العصر مع تعميق القيم و الاخلاق من خلال الممارسات العملية و ليس النظرية فقط من خلال العمل علي تكوين شاب يحترم الفتاة و يدرك انها نصف المجتمع وشريكة لة في كل شي فلتعليم هو روح الشعوب وطريق التقدم و الرقي في المجتماعات المتحضرة و هذا الامر يحتاج الي تطوير المناهج بشكل علمي يتناسب مع المجتمع المصري مع الاعداد الجيد للمعلم الذي يجب ان يمر باختبارات علمية و نفسية دقيقة قبل تعينة لانة يجب يكون علي درجة عالية من الكفاء العلمية و الصحة النفسية حتي يستطيع تربية جيل سوي . و ياتي دور المؤسسات الدينية المسجد و الكنيسة من خلال اصلاح الخطاب الديني الذي يجب ان يحتوي علي شرح جوهر الدين الحقيقي و البعد عن الخطاب الذي يحقر من المراة و التي يختزلها كونها اداء للجنس فقط و ذلك يتطلب رقابة دقيقة من الازهر الشريف و وزارة الاوقاف و الكنيسة علي محتوي الخطاب الدين الذي يجب ايضاء ان يخاطب الشباب و مثل المدرس يجب ان يمر رجل الدين بتاهيل نفسي و تربوي قبل اعتلاء المنبر لان رجل الدين في مصر من العناصر شديدة التاثير علي المجتمع . و تكتمل المنظومة بتفعيل تطبيق أحكام قانون التحرش وأحكام قانون العقوبات المتعلقة بالعنف ضد المرأة و التي يجب ان تحتوي علي عقوبات رادعة لجرائم الاغتصاب و التحرش بكل انواعة بداء من التحرش اللفظي مرورا بالتحرش من خلال الانترنت و الهاتف او النظر او اللمس وصولا الي الاعتداء الجسدي مع تقرير عقوبة لا تقل لآي نوع من هذه الانواع عن السجن خمسة عشرة عام علي اقل تقدير و معاقبة الاهل في حالة الطفل القاصر مع تخصيص دوائر لهذة القضاياء بحيث ييكون العقاب رادع و سريع لكل من تسول لة نفسة ارتكاب هذه الجرائم و يجب ان يتوكب ذلك مع زيادة الرقابة الامنية الدقيقة علي الشارع المصري . اخيرا ... زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي للسيدة التي تم التحرش بها في التحرير و كلماتة التي تجمع بين الرقة و الحزم اعطتني الثقة ان مصر تتجة نحو دولة القانون التي تحترم المواطن و تعلو من شان المراة المصرية و ان رئيس الدولة عازم علي اعادة الانضباط و اصلاح الخلل الذي اصاب المجتمع و الموسسات و ذلك لن يتحقق الا بتضافر جهود كل مكونات المجتمع المصري و التي يجب ان تتضافر من اجل بناء الدولة العصرية الحديثة التي نحلم بها جميعأ . كاتب و باحث في الشان السياسي و القبطي