ليلة النصف من شعبان، هي إحدى الليالي المباركة، التي ترتبط بتحويل قبلة المسلمين من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة.. "قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره". أحاديث كثيرة وردت في فضل ليلة النصف من شعبان، حيث "يدعو الله عز وجل؛ عباده؛ هل من مستغفر فأغفر له، هل من مبتل فأعافيه؟.. كما ورد أن المولى سبحانه يغفر فيها لهذه الأمة، يغفر للمستغفرين، ويرحم المسترحمين، أي أن النفحات الربانية في هذه الليلة تكون لأولئك المخلصين في إيمانهم، البارين لآبائهم وأمهاتهم، المتحابين مع إخوانهم. إن من يريد أن يحصل على هذا الخير، يجب أن يتمتع بصفاء القلب ونقاء السريرة ويطهر قلبه من الأحقاد والبغضاء والتشاحن والكراهية.. فما نزل بأي أمة من بلاء إلا بذنب، ولا رُفع عنها هذا البلاء إلا بتوبة. لقد خصَّ الله سبحانه وتعالى، ليلة النصف من شعبان بمزية خاصة من حيث إنه جل في علاه يطلع فيها إلى جميع خلقه فيغفر لهم إلا مشرك حتى يدع شركه ويوحد رب السماوات والأرض، والمشاحن حتى يدع شحناءه ويصطلح مع من خاصمه.. "إن الله يطلع على عباده في ليلة النصف من شعبان فيغفر للمؤمنين، ويملي للكافرين، ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه". ليلة النصف من شعبان أو ما تسمى ب"حق الليلة" كما هو متعارف عليه في منطقة الخليج، لها سحرها وبريقها الخاص، لأنها واحدة من أهم العادات الشعبية، التي تستبق قدوم شهر رمضان المبارك. في هذه الليلة نشاهد فرحة الأطفال الذين يجوبون الشوارع مرتدين الملابس الشعبية، ويحملون أكياسًا تخاط خصيصًا لهذه المناسبة تسمى "خرايط" يجمعون فيها الحلوى والمكسرات التي يحصلون عليها من أصحاب البيوت، مبتهجين بهذه المناسبة التي توارثتها الأجيال. لقد تابعنا هذه الليلة على مدار ثمانية عشر عامًا، حيث تجد هؤلاء الأطفال يمرون على البيوت في هذه الليلة، وفي نهايتها تراهم يتباهون فيما بينهم، أيهم جمع أكثر، يذكرون بالمدح والثناء صاحب البيت الذي أعطاهم كمية أكبر ونوعيات مختلفة. ليلة النصف من شعبان تختلف تسميتها ما بين دولة وأخرى في الخليج، ولكن الجميع يحتفي بها رسميًا وشعبيًا، فيقال "حق الليلة" في دولة الإمارات، و"القرنقعوه" في قطر والبحرين، و"قرقيعان" في الكويت، أما في سلطنة عمان فيطلق عليها "القرنقشوه". أيًّا تكن التسميات أو التعبيرات الشفهية المصاحبة لهذا الاحتفال إلا أن الطريقة واحدة، حيث يبدأ الأطفال احتفالهم بعد العصر أو المغرب مباشرة، يطوفون على البيوت، مرددين أهازيج خاصة بهذه المناسبة، وينشدون الأغاني التراثية، التي تتناقلها الأجيال في ليلة النصف من شعبان.