يعد الملياردير بترو بوروشنكو الذي تولى مهامه اليوم السبت على رأس أوكرانيا بعد فوزه من الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية، بإحلال السلام خلال ثلاثة أشهر في الشرق الذي يشهد تمردا بتطبيع العلاقات مع فلاديمير بوتين الذي يعرفه جيداً. وتعهد بوروشنكو في خطاب تنصيبه في البرلمان، بالحفاظ على وحدة البلاد التي يشهد شرقها حركة انفصالية موالية لروسيا وأكد رفضه أي "تسوية" مع موسكو حول التوجه الأوروبي لبلاده. لكن بوروشنكو يتولى الرئاسة بعدما عزز موقعه ببداية حوار مع بوتين من أجل إيجاد مخرج لازمة لا سابق لها منذ انتهاء الحرب الباردة واتفق بوروشنكو وبوتين على إطلاق المفاوضات اعتبارا من الأحد في كييف، في سابقة منذ بدء التصعيد في الأشهر الأخيرة. وقال مصدر فرنسي إن هذه المفاوضات تهدف إلى التوصل إلى وقف لإطلاق النار بينما تبسط حركة التمرد يوما بعد يوم سيطرتها على الشرق الصناعي في البلاد. وعقد اللقاء على هامش الاحتفالات بالذكرى السبعين لإنزال النورماندي التي أكد خلالها القادة الغربيون وعلى رأسهم الرئيس الأميركي باراك أوباما ونظيره الفرنسي فرنسوا هولاند والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل دعمه. وكان رجل الأعمال الثري الذي جمع ثروته من صناعة الشيكولاتة فاز بحوالى 54 بالمائة من الأصوات من الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية التي جرت في 25 مايو. وقد أكد عند فوزه أنه لن يسمح للانفصاليين الموالين لروسيا بتحويل شرق البلاد إلى ما يشبه الوضع في الصومال. وبوروشنكو (48 عاما) يتمتع باحترام كبير. وهو واحد من أغنى عشرة أشخاص في أوكرانيا ومن الشخصيات التي تتمتع بشعبية كبيرة في البلاد. وهو الوحيد من أصحاب الثروات الذي قدم دعمه للتظاهرات المؤيدة لأوروبا في أوكرانيا. وبوروشنكو المتخصص في العلاقات الاقتصادية الدولية، ليس مبتدئا في السياسة. فقد كان وزيرا للاقتصاد في حكومة الرئيس فيكتور يانوكوفيتش ووزيرا للخارجية ورئيسا للبنك المركزي في عهد فيكتور يوتشينكو الموالي للغرب. ومن خلال توزيع الشيكولاتة وتوجيه الانتقادات إلى الفساد في أوكرانيا، كان بوروشنكو أحد ركائز التظاهرات في ساحة الميدان. وعند إعلان ترشحه للانتخابات قال إن "الزمن الذي كان فيه رجال السياسة يكذبون على الشعب قد ولى. ونظرا لتجربته الحكومية السابقة ومعرفته بالمسائل الاقتصادية، يعتقد كثيرون انه قادر على إنعاش اقتصاد يواجه تراجعا مخيفا وعلى توحيد بلد ممزق. ولم يتحدث بوروشنكو إلا نادرا على منبر ساحة الاستقلال لكنه صعد إلى جرافة "لتهدئة النفوس الغاضبة" المصممة على اقتحام الشريط الأمني حول مقر الرئاسة، وسط هتافات أطلقها عليه المتشددون الذين رشقوه بالشيكولاتة وقطع نقود. وبوروشنكو هو أيضاً الرجل الوحيد الذي توجه إلى القرم للتفاوض مع القوات الموالية لروسيا التي كانت تحاصر البرلمان المحلي بعد سقوط فيكتور يانوكوفيتش، قبل أن يطرده المتظاهرون. وقد وعد ب"استعادة" شبه الجزيرة التي وافقت على التحاقها بروسيا خلال استفتاء اعتبره القسم الأكبر من المجموعة الدولية غير شرعي. ومنذ ذلك الحين ارتفعت شعبيته بشكل كبير واصبح المرشح الاوفر حظا متقدما على منافسته بطلة الثورة البرتقالية في 2004 يوليا تيموشنكو بفارق ثلاثين نقطة. وفي تفسير لفوزه في الانتخابات، يقول فولوديمير فسينكو الخبير في الشئون السياسية في مركز بنتا في كييف أن "شريحة كبيرة من الشعب تريد ان يتولى الرئاسة شخص متمرس لادارة الازمة. وقد اكتسب بوروشنكو خبرته من مناصب حكومية عديدة ويعد رجل اعمال حقق نجاحا كبيرا. من جهته، قال فولوديمير غورباتش الخبير في المعهد الأوروبي الأطلسي "خلال الثورة والحرب يريد أي ناخب من يحميه مثل أب وبوروشنكو أظهر أنه مسئول وحام". وأضاف "كان في الوقت المناسب وفي المكان المناسب"، ولم يستبعد أن تتراجع شعبيته بعد توليه مهامه. وفي 2012، عينه الرئيس فكتور يانوكوفيتش وزيرا للاقتصاد. وفي هذه السنة، انتخب نائبا في البرلمان بصفته مرشحا مستقلا وكان ينوي الترشح لرئاسة بلدية كييف قبل الأزمة الراهنة. ويأخذ عليه معارضوه انه لا يملك أي فريق عمل وخلط بين السياسة والمصالح التجارية عندما كان في السلطة. وخلافا لمعظم الأثرياء في أوكرانيا الذين جمعوا ثرواتهم بصورة مفاجئة في سنوات الفوضى التي تلت سقوط الاتحاد السوفياتي، لا يدين بوروشنكو بثروته إلا لجهوده. فقد بدأ بوروشنكو الذي يتحدر من بولغراد في الجنوب ببيع حبوب الكاكاو ثم اشترى عددا من مصانع السكاكر التي جمعها في وقت لاحق في مصنع روشن العملاق في أوروبا الشرقية. وينتج هذا المصنع سنويا 450 ألف طن من الشيكولاتة، كما يفيد موقعه على شبكة الإنترنت. ويمتلك ايضا شركة لصنع السيارات والحافلات واخرى لبناء السفن وشبكة قناة 5 التلفزيونية التي كانت في طليعة الشبكات المؤيدة للاحتجاجات على فيكتور يانوكوفيتش. وثروة بوروشنكو التي تقدرها مجلة فوربس ب 1,3 مليار دولار، تأثرت خلال الازمة مع روسيا التي منعت استيراد شوكولاتة روشن الشعبية، في خضم التفاوض بين اوكرانيا والاتحاد الاوروبي الذي يعد رجل الاعمال من ابرز مؤيديه. ودخل بوروشنكو المجاز في الاقتصاد المعترك السياسي في 1998 وشارك في العام 2000 في تأسيس حزب المناطق الذي كان يترأسه فيكتور يانوكوفيتش. لكنه انضم بعد سنتين الى فريق يوتشينكو، بطل الثورة البرتقالية في 2004 التي اضطلع فيها بدور كبير.