وصف الدكتور أحمد السيد النجار، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاقتصادية، ممارسة المستثمرين لضغوط على الحكومة لإلغاء مشروع القانون الخاص بالضرائب على التعاملات بالبورصة المصرية، بأنه نوع من الابتزاز، وينبغى ألا تهز شعرة من صانع القرار - حسب قوله. وأوضح أن الأسهم المدرجة فى البورصة هى أسهم لشركات قائمة فعلاً ومستمرة فى العمل، وهو ما يهم أى اقتصادى وأى صانع قرار، أما الارتفاعات والانخفاضات لأسعار الأسهم المدرجة فى البورصة، فهى فى النهاية نتاج لعمليات تجارية، وقد تكون حركة أسعار الأسهم مؤسسة على تغيرات حقيقية فى أداء الشركات التى يتم تداول أسهمها، أو قد تكون نتيجة لعوامل معنوية أو مخاوف بشأن التغيرات فى السياسات المالية والنقدية، أو التغيرات فى البيئة المالية الدولية. وتابع: لكن فى كل الأحوال، فإنه مادام الأصل، أى المشروع الذى يتم تداول أسهمه، باقيًا ويعمل، فإن كل ما يجرى فى البورصة هو عمليات تجارية تدخل ضمن الاقتصاد الرمزى، ولا تؤثر فعليًا على الاقتصاد الحقيقى الذى يهم الدولة والشعب. وأكد "النجار" فى تصريح خاص لبوابة الوفد أن الضرائب المباشرة وغير المباشرة بكل أشكالها هى المصدر الرئيسى للإيرادات العامة للدولة، وهى بالتالى الممول الأساسى للإنفاق العام على الصحة والتعليم والدفاع والأمن والبنية الأساسية من طرق واتصالات ومحطات للمياه والصرف والكهرباء والدعم السلعى ودعم المصدرين والتحويلات الاجتماعية للفقراء لتحقيق السلام الاجتماعى وغيرها من أوجه الإنفاق العام. وأشار إلى أن هذه الضرائب هى نموذج لتمويل الشعب للحكومة والدولة، وكلما زاد عدد الشرائح الضريبية واتسم المعدل الضريبى بالتصاعد اتساقًا مع مستويات دخول الممولين، وكلما كانت الغلبة للضرائب المباشرة، فإن النظام الضريبى يكون عادلاً نسبيًا، لافتًا إلى أن الكثير من الدول الرأسمالية المتقدمة والنامية تعمل وفقًا لهذا النموذج سواء لتحقيق العدالة الاجتماعية عند البعض، أو لتوفير التمويل الضرورى للإنفاق العام عند البعض الآخر، أو للسببين معًا. وأوضح "النجار" أن مصر استمر فيها نظام الضرائب بعد ثورة 25 يناير 2011 وموجتها الهائلة فى30 يونيو 2013، كعلامة رئيسية من علامات استمرار سياسات عصر الرئيس المخلوع مبارك، وهى علامة تتسم بالظلم والتحيز الاجتماعى ضد الفقراء والطبقة الوسطى، والانحياز للأثرياء وللأنشطة الطفيلية وللرأسمالية الطفيلية الأجنبية على حساب مصلحة الوطن، وكان استمرار ذلك النظام الضريبى بكل اختلالاته موضعًا للتساؤل من كل من ثاروا على الظلم الاجتماعى الذى كرَّسه النظام الضريبى الذى وضعه نظام مبارك عام 2005. وأضاف: وتمثلت أبرز علامات الاختلال فى النظام الضريبى فى جمود حد الإعفاء الضريبى بصورة لا تراعى ارتفاعات الأسعار، وما تؤدى إليه من تآكل القدرة الشرائية لحد الإعفاء الموروث من عام 2005، بما جعل الفقراء مضطرين لدفع الضرائب وكذلك فإن اتساع مدى الشرائح الضريبية يجعل أناسًا ينتمون لشرائح دخلية متباينة تمامًا يدفعون نفس المعدل الضريبى. واستطرد: كما أن الشريحة العليا التى بلغت 25٪ على من يزيد دخله على 250 ألف جنيه سنويًا، وتمت مؤخرًا إضافة شريحة أخرى لمن يزيد دخله السنوى على مليون جنيه ليصل معدل ضريبة الدخل عليه إلى 30٪، تبقى أقل كثيرًا من المتوسط العالمى ومن المعدلات المعمول بها فى بلدان رأسمالية متقدمة ونامية وجاذبة للاستثمارات، فضلاً عن أن الضرائب على الشركات موحدة عند معدل واحد هو 25٪ مهما كان حجم وربح الشركة وهو منطق يظلم أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة. وأوضح "النجار" أن الاختلالات تمثلت أيضًا فى عدم وجود أى ضريبة على المكاسب الرأسمالية، أو على استنزاف الثروات الناضبة مثل النفط والغاز والذهب والأسمنت والرمل الزجاجى والفوسفات والحديد والتلك وغيرها من الخامات المعدنية والمحجرية، لافتًا إلى أنه إزاء تلك الاختلالات فإن كل ما تم بعد ثورة 25 يناير العظيمة بشأن قانون الضرائب، هو مجرد ترقيع لثوب مهلهل، حتى جاءت الإجراءات والتعديلات الأخيرة لتشير إلى أول محاولة جادة للخروج من صندوق السياسات المالية لعصر مبارك بكل ما عبرت عنه من ظلم وفساد.