في إطار فعليات اليوم الثاني لمنتدى الإعلام العربي 2014، عُقدت جلسة بعنوان "التحريض الإعلامي.. وفتن بلا حدود"، وناقشت حالة التحريض التي تسيطر على المشهد الإعلامي في العالم العربي لاسيما خلال الأعوام القليلة المنقضية. شارك في الجلسة علي بن تميم، رئيس تحرير، موقع 24 الإخباري، وعمار بكار، المؤسس والرئيس التنفيذي، مجموعة "نعم" للإعلام الرقمي، ومصطفى الآغا، إعلامي، قناة "أم بي سي"، والشيخ وسيم يوسف، متخصص الشئون الدينية في قناة الدار، وأدارت اللقاء الإعلامية ليليان داود، من قناة "أون تي في".. وتناول المتحدثون ما شهده العقد المنقضي من موجات متتابعة من المد الأصولي المتشدد عبر القنوات والمنصات الإعلامية بشكل غير مسبوق في العديد من البلدان العربي، ما جعل الإعلام يقف في قفص الاتهام مسئولاً أو على الأقل مشاركاً في صياغة هذا المشهد المتعصب. هل المواطنة الرقمية هي الحل أم ميثاق الشرف؟ ورأى عمار بكار أن أسباباً عديدة تقف خلف حالة التنافر السائدة حالياً وقد بدأت هذه الظاهرة في المنتديات التي ظهرت منذ فترة طويلة قبل وسائل التواصل الاجتماعي إذ كشفت هذه المنتديات عورات الإعلام، حيث سيطر مجموعة من محترفي الصراخ الإلكتروني على المشهد الإعلامي، وازداد الطين بلة مع ظهور شبكات التواصل الاجتماعي إذ ارتفعت وتيرة التطرف وكثُر ظهور أصحاب الآراء الحادة. وأشار بكار إلى أن اهتمام بعض الأشخاص بازدياد أعداد متابعيهم يدفعهم إلى الإكثار من العبارات والجمل الحادة التي تلقى قبولاً بين أوساط الشباب غير مبالين بما قد تخلفه تلك العبارات أو الرسائل القصيرة من آثار سلبية. أما فيما يتعلق بطرق العلاج فيعتقد بكار أن التعليم هو أحد أهم الحلول للخروج من هذه الأزمة، كما يجب إدراج مواد المواطنة الرقمية كما يحدث في بعض الدول الغربية وذلك حتى نبني جيلا من الشباب الذي يستطيع التعاطي مع الحياة الرقمية بوضوح ومن خلال خلفية قوية تعتمد على الصدق، وتحري الحقيقة، وقبول الرأي المختلف. أما علي بن تميم فيعتقد أن فكرة التوجيه قد تتعارض مع مبدأ حرية التعبير بل يجب العمل على توحيد المفاهيم لتجنب حالة الحيرة التي أصابت المتلقي العربي، كما يجب وضع تشريعات تمنع استغلال منابر المساجد للترويج للأفكار المتطرفة. دكاكين حقوق الإنسان تمثل خطرا داهما يرى بن تميم أن الجمعيات التي ظهرت مؤخراً وأصبحت تزود المنابر الإعلامية بالتقارير والأرقام ساهمت في زيادة حدة الصراعات. في المقابل يجب أن نكرس ثقافة الاختلاف والالتزام بدلاً من الإلزام. الإعلامي مصطفى الآغا يؤكد أن الإعلام ابن البيئة التي ينمو فيها وليس مجرد فكرة مطلقة، وأن ميثاق الشرف الإعلامي لن يؤدي إلى تخفيف حدة الصراعات بل على العكس يجب تكريس مبدأ المسألة القانونية لمن يسىء ويحرّض وينشر الفتنة. الإمارات مثال رائع للتعايش أكد الأغا أن الإمارات تعد مثالاً يُحتذى به في التعايش بين مختلف العرقيات والأديان بشكل يُعلى من شأن دولة القانون والتساوي في الحقوق بين الجميع بعدل وحيادية. ويرى الشيخ وسيم يوسف أن الإعلام مسئول عن انتشار الفتنة، حيث وفر منبراً لدعاة التشدد ما ساهم بشكل كبير وفعال في زيادة أعداد المتابعين لهؤلاء الأشخاص. ويجب علينا في الوقت الراهن ألا نركز الضوء على طائفة بعينها ونترك الآخرين مثلما يحدث الآن بل يجب مشاهدة الموقف بشكل واسع حتى لا نسمح بتواجد هذه الجماعات في الظل. وضرب وسيم يوسف مثالاً على تركيز الإعلام بتواجد ما يقرب من خمسين ألفا من جنسية عربية محددة للجهاد في سوريا في حين أن المنطق يؤكد أن هناك عددا هائلا من الأشخاص يقفون خلف من ذهبوا إلى سوريا. وفي نهاية الجلسة أكد كافة المتحدثين أن علاج هذه الظاهرة يحتاج إلى تعاون بين كافة العاملين في المجال الإعلامي، وأن الحلول المطروحة يجب أن تتحلى بالإبداع والبعد عن النمطية كي يتسنى عبور تلك المرحلة الحرجة والعودة بالإعلام العربي إلى المسار الصحيح.