أجمع المشاركون فى الجلسة الأخيرة لمنتدى الإعلام العربى 2012، والذى عقد تحت عنوان "إعلام حر.. ومصارعة حرة"، على أن الحوار ممارسة ديمقراطية يجب أن تستمر وتبقى حتى لا تحدث مقاطعة التى عادة ما يعقبها عنف، كما أجمعوا على ضرورة استحضار الضمير الإعلامى ومواثيق الشرف الإعلامية لضبط نزوع الإعلام إلى ترسيخ قيمة العنف فى المجتمع. وتحدث خلال الجلسة التى أدارها سعد بن طفلة العجمى، وزير الإعلام الأسبق فى دولة الكويت، وكل من بدرية البشر كاتبة من السعودية، وسمير فرح إعلامى من قناة بى بى سى العربية، وليلى رستم إعلامية من جمهورية مصر العربية، ومنى البحر أستاذ العلوم الاجتماعية، كاتبة ومحاضرة فى شؤون التربية والاجتماع، الإمارات ووائل الإبراشى إعلامى من مصر. وأوضح العجمى فى بداية الجلسة إنه فى الآونة الأخيرة ارتفعت المشاهد الإنسانية المؤثرة على القنوات الإخبارية، ومن الطبيعى أن ينقل الإعلام بمختلف مكوناته صورة الواقع المعاش، إلا أن الخارج عن سياق المألوف أن تنتقل فوضى الشوارع لتصل إلى أقلام بعض الكتاب والنُخب، فنقرأ آراء لا تخلو من العنف اللفظى، ونشاهد مشادات وتراشقاً إلكترونياً تسوده روح الحقد والكراهية ولغة الشتم والتجريح والتشهير والتهديد. وامتد المشهد إلى البرامج الحوارية فى الفضائيات والقنوات العربية، وشاهدنا المتحاورين يستخدمون الكراسى لأكثر من أغراض الجلوس عليها فقط! ليتحول الحوار على الهواء إلى مصارعة حرة. وقال إن ازدياد عدد هذه الظواهر أثار قلق العديد من المحللين، معتبرين أن العنف المستخدم فى اللغة والصورة والحوار يكاد ثقافة سائدة فى منصات إعلامية عديدة، الأمر الذى يفتح الباب على مصراعيه للعديد من الأسئلة، حول ما إذا كان الإعلام الحر واحداً من أسباب العنف الذى تشهده الشوارع، وما إذا كان الإعلاميون أنفسهم قد انجروا وراء المنافسة لجذب أكبر عدد من المتابعين، على حساب قيم وثقافة الحوار وتبادل الأفكار بشكل هادف، وقالت بدرية البشر، إنه طالما أن العنف هو قيمة مقبولة فى النظام السياسى والاجتماعى والثقافى فهو أمر طبيعى ولكن هذا لا يعنى أنه مقبول بل لابد أن يكون هناك مواجهة للعنف فى جميع المجالات والمنابر مع استنكار العنف بجميع درجاته واتجاهاته. ومن جانبها قالت منى البحر أن وجود العنف على الفضائيات يؤدى إلى ترسيخ قيم معينة فى المجتمع فيما تؤدى ثقافة الحوار إلى إحداث نوع من التوعية وترسيخ قيم ثقافية تعتمد على الحوار وتداول الآراء، مشيرة إلى أن المجتمع الذى تمارس فيه درجات العنف المباشر أو غير المباشر على المواطن تنشأ فيه جدر خرسانية بين المواطنين والنظام، موضحة أن هذه مثل هذه الأنظمة تفرز إنسان مبتور من الداخل يشعر بالإحباط وغير قادر على اتخاذ قرارات فى شؤونه الطبيعية. وقال وائل الإبراشى، إنه لا يمكن تحويل الإعلام إلى شماعة لتحميل كل الأخطاء والخطايا عليها، إلا أن الإعلام أصبح فى السنوات الأخيرة هو المشكل الأساسى لوعى الناس سواء المهنى أو الإلكترونى، كما أن الإعلام أصبح هو الملاذ الوحيد لحل المشاكل، قائلاً إنه لا مانع أن يتحول الإعلام إلى حلبة مصارعة تتصارع فيها الحجج والأفكار بشرط أن يفوز المشاهد مع الالتزام بالقواعد الأخلاقية والمهنية وألا يكون الصراع باللكمات لكن بالكلمات، مشيراً إلى أنه يوجد حتى الآن ميثاق شرف إعلامى يضعه أصحاب المهنة، كما أشار إلى أن مستوى العنف فى الإعلام الرياضى يمثل كارثة يمكن أن تؤدى إلى إساءة العلاقات بين الدول ضارباً المثل لما حدث بين مصر والجزائر فى هذا الصدد، أما ليلى رستم، فقالت إن المتصارعين هم كبار الساسة فى العام والحوار هو جزء من الحياة اليومية، موضحة أن ما يجب أن يتغير هو حق الآخر فى أن يسأل وحق الجمهور فى أن يعرف، معتبرة أم الجمهور هو الأهم فى الحوارات الصحفية وليس الضيف أم الموضوع، مشيرة إلى أن الحوارات فى العالم الغربى تتسم بالرقى والحضارية عكس ما يحدث فى عالمنا العربى من تحول الحوار إلى ما يشبه الصراع الذى يقتضى استدعاء الإسعاف، وقال سمير فرح، إن ما تشهده حالة الحوار الإعلامى ربما يكون عدم نضج للاستماع إلى الآخر، أو ربما هى مرحلة مؤقتة يمر بها الإعلام العربى، موضحاً أن الصراع ناتج عن أن هناك أشخاصاً غير معتادين على المساءلة، وأشار إلى أن المذيع وفريق الإعداد عادة ما يريدون حواراً ساخناً يجذب الجمهور إلا أن بإمكان مدير الحوار تهدئة الأوضاع إذا خرجت عن الإطار. وسلطت الجلسة الضوء على تطور اللغة والأسلوب العنيف فى الإعلام، وبحثت عن الخلل الحاصل ومسبباته وطرق معالجته، خصوصاً فى ظل ما ظهرمن صورة مشوشة ومضطربة لثقافة الحوار فى المنابر الإعلامية العربية المختلفة. هذا، وينعقد منتدى الإعلام العربى الذى تتواصل فعالياته من 8 – 9 مايو، تحت عنوان: "الإعلام العربى.. الانكشاف والتحول". واستقطب الحدث أكثر من 2000 إعلامى من المنطقة العربية ومختلف أنحاء العالم، بالإضافة إلى نخبة من صناع القرار، وقادة الرأى، ورواد الأعمال. ويتضمن برنامج المنتدى ثمانى جلسات وأربع ورش عمل تسلط الضوء على آراء وأفكار أكثر من 65 متحدثاً من الأوساط الأكاديمية والإعلامية والبحثية فى المنطقة العربية.